كان الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء صادقا وشديد الوطنية عندما أعلن أن مصر لن تخضع لأي ضغوط فيما يتعلق بإجراءاتها القضائية ضد الجمعيات الأهلية المخالفة للقانون وتابع قائلا: مصر لن تركع بإذن الله بفضل وحدة أبنائها شبانا وشيوخا وأحزابا وائتلافات. وبالتأكيد, فإن كل المصريين مع د. الجنزوري في أن مصر لن تركع رغم الظروف المأساوية التي تمر بها. لكن إذا ناقشنا المسألة بهدوء لتعين علينا أن ندرك أن عدم ركوع مصر, وهو ما لن يحدث بإذن الله مشروط بأمور كثيرة نفتقدها هذه الأيام. مصر لن تركع عندما تعود عجلة الإنتاج للعمل من جديد, ويتحسن اقتصادها بحيث لا تصبح تحت رحمة صندوق النقد الدولي والدول الكبري التي تمارس نفوذا عليه. ومصر لن تركع عندما يصبح القانون فيها هو السيد وليس الانفلات الأمني ومحاولة البعض أخذ القانون بأيديهم.. وهي لن تركع أيضا عندما يتم التعامل بالمساواة بين الجميع أمام المحاكم سواء كان المتهم رئيسا سابقا أو مواطنا عاديا. إن أمورا عديدة حدثت خلال الفترة الأخيرة جعلت كثيرا من المصريين يضعون أياديهم علي قلوبهم خوفا مما تخبئه الأقدار لبلادهم, وأصبح الجميع يستيقظون علي كارثة أو أزمة دون أن يعرفوا لها سببا وللأسف تتكرر مثل هذه الكوارث والمآسي دون أن نتعلم منها شيئا يمكننا من تجنبها في المستقبل. كما أن ما سيحدث غدا والأيام التي تليه يؤكد أن سفينة البلاد تسير بلا شراع أو بوصلة لتوجيهها, فلا أحد يعرف ماذا سيحدث.. هل سيكون هناك عصيان مدني يشل حركة الإنتاج والعمل والدراسة أم أن بعض المصريين سيمارسون حقهم الدستوري ولكن في إطار حضاري لا يضر بالبلاد؟ وهل المبالغة في اتخاذ الاحتياطات الأمنية كنشر المدرعات في الشوارع من شأنه حفظ الأمن أم إثارة القلق بشأن ما يمكن أن يحدث؟ إن مصر كبيرة وعظيمة بأكثر مما يتصور أعداؤها وحتي أبناؤها.. وهي لن تركع أبدا لكن أبناءها مطالبون بأن يجعلوها تنتقل من مسألة الخوف من الخضوع للآخرين إلي تصدر الصفوف الأمامية للدول. بمعني آخر, لا يكفي أن تمنع بلادها من السقوط بل علينا أن نأخذ بها إلي الصدارة, وهذا هو التحدي.