يجب أن نقرر حقيقة شرعية هامة، بأن صيام رمضان لا يجب على الطفل الصغير حتى يبلغ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ: عَنْ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ حَتَّى يفِيقَ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ) رواه أبو داود ومع ذلك، فينبغي أمر الصبي بالصيام حتى يعتاد هو السن التي يبدأ الوالدان بتعليم أولادهما الصيام هي سن الإطاقة للصيام، وهى تختلف باختلاف بنية الولد، وقد حدَده بعض العلماء بسن العاشرة. و ممن ذهب إلى أنه يؤمر بالصيام إذا أطاقه: عطاء و الحسن وابن سيرين والزهري وقتادة والشافعي. ولقد كان هذا هو هدي الصحابة الكرام رضوان الله عليهم مع أولادهم، يأمرون من يطيق منهم بالصيام، فإذا بكى أحدهم من الجوع دفعت إليه اللعب ليتلهى بها. لكن لا يجوز الإصرار عليهم بالصيام إذا كان يضرهم بسبب ضعف بنيتهم أو مرضهم. بل إذا ثبت من الناحية الطبية أن هذا الصوم يضر بالطفل فإنه يمنع منه، وإذا كان الله سبحانه وتعالى منعنا من إعطاء الصغار أموالهم خوفا من الإفساد بها، فإن خوف إضرار الأبدان من باب أولى أن نمنعهم منه، ولكن المنع يكون بالإقناع لا بالقسوة ويمكن للوالدين تشجيع أولادهما على الصيام بإعطائهم هدية في كل يوم، أو بتزكية روح المنافسة بينهم وبين أقرانهم. ويرى الدكتور سعيد عامر أمين لجنة الفتوى بالأزهر الشريف أن الأبناء إذا كانوا دون البلوغ فعلى الوالد أو ولى الأمر أن يعوده على الصيام والطاعة لله عز وجل على العموم رويدا رويدا وبالترغيب وليس بالترهيب وباليسر وليس بالعسر لقوله تعالى : »شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنَ كان مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ« فيعود أولاده الصغار على الصيام ويرغبهم فيه تارة الى نصف اليوم وتارة إلى آخره اليوم وتارة يصومون وتارة يفطرون، وان يشغلهم بما هو نافع لهم حتى يبعدهم عن الأشياء التي تقودهم إلى عدم الصيام أو البعد عن الطاعة. ويقول الدكتور رمضان عبد العزيز، الأستاذ بكلية أصول الدين بالمنوفية، إن الأولاد هم اللبنة الأولى في بناء المجتمع وهم زينة الحياة الدنيا والذكر الباقي للإنسان بعد وفاته قال تعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً). وقد اهتم الإسلام بتربية الأولاد سواء من الناحية الدينية أو من الناحية العقلية أو من الناحية الجسدية يظهر هذا واضحا في قول الرسول صلى الله عليه وسلم:(مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر) وبناءا على ذلك فإن تربية الأولاد على العبادات في الصغر يجعل هذا الأمر سجيه لهم في الكبر، وإذا كنا نتحدث عن تعويد الأطفال وتربيتهم على الصيام فمن المعلوم بأن الصوم واجب على البالغ العاقل المستطيع والصبي الذي لم يبلغ الحلم لا يجب عليه الصوم ومع عدم وجوب الصوم عليه إلا انه يؤمر بالصوم وهو في الصغر حتى يتعود عليه وهو في الكبر ويكون ذلك من خلال تشجيعه على الصوم على مراحل فيصوم مثلا في بداية أيامه إلى أذان الظهر حتى أذا تعود على ذلك زيد في الصيام إلى أذان العصر حتى إذا تعود على ذلك صام اليوم كله وفي تلك الفترة التي يتعود فيها على الصيام لا مانع من تشجيعه بإعطائه بعض الأموال أو الجوائز التي تكون مرغبة له على الصيام لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أطفال المسلمين العبادات والمعاملات والأخلاق وهم صغار حتى يتعودوا على ذلك وهم كبار. التنشئة السوية ويشدد الدكتور محمد الشحات الجندي أستاذ الشريعة الإسلامية وعضو مجمع البحوث الإسلامية على انه من المهم في إطار التنشئة السوية والصحيحة للصبي الذي وصل الى سن التمييز ولم يصل بعد لسن البلوغ أن نرغبه ونشجعه على إقامة العبادات بصفة دائمة وننوه ونلفت انتباهه إلى أن هناك فروضا شرعية هذه الفروض الشرعية لا يكتمل إيمان المسلم إلا بأن يؤديها ويظهر النية الصادقة والرغبة الجادة في سرعة الاستجابة اليها وابلغ وسيلة في ذلك هو غرس الوعى الصحيح لفرائض وأركان الإسلام وتعويد الصغير عليها وأيضا أشعاره بالقدرة على تحمل المسئولية عندما يجد الجد يكون شخصية مرضيا عنها عند الله وعند الناس والصوم يحتاج الى قدرات بدنية وصحة عمرية تتأخر حتى سن البلوغ ولذلك استخدم التدرج في الصوم بمعنى خلق ثقافة الحرص على أداء العبادات جميعها ومنها عبادة الصوم وان لها رسالة وهدفا في دنيا الناس بجانب أنها إرضاء لله والقيام بفريضة من فرائض الإسلام وفي هذا المقام ينبغي أن نشجع أبناءنا على الصيام تدريجيا مع العلم انه في ذات الوقت ان صحة الطفل وسلامته أمر اقره الشرع وحرص عليه أي انه إذا كان الطفل سيتضرر من الصيام فلا يصوم حفاظا على سلامته ويجب تشجيع الأطفال عن طريق الحافز الديني والنفسى والإيماني والقدوة الحسنة مهمة جدا في هذا الشأن بمعنى أن يكون الأب والأم مثالا يحتذي به وأسوة حسنة في هذا الموقف ويمكن ان نحكى للأطفال نماذج حسنة وتجارب من صور صيام الأطفال لتشجيعهم على الصيام تدريجيا وفقا لأعمارهم ودون إلحاق الضرر بهم بأي حال من الأحوال وهذا التدرج في صيام الطفل يمكن ان يكون خطوة أولى وبداية للسير على طريق الالتزام وأداء العبادات .