تكتسب الزيارة التى قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسى الى الجزائر أمس فى طريقه إلى مالابو لحضور قمة الاتحاد الافريقية ال 23 بغينيا الاستوائية. أهمية خاصة بالنظر الى أنها الأولى التى يقوم بها لبلد عربى منذ توليه المسئولية وبالتالى فهى تحمل تقديرا خاصا من القيادة المصرية ورؤية استراتيجية واعية لاهمية هذا البلد الذى يرتبط ومصر بوشائج وأواصر تاريخية عميقة لاسيما منذ احتضان مصر ومساندتها لحركة التحرير والمقاومة الجزائرية ضد المستعمر الفرنسى واستضافتها للعديد من القادة التاريخيين للثورة الجزائرية المجيدة وفى مقدمتهم أحمد بن بلة وهوارى بومدين. وهو الموقف الذى ردته الجزائر بدعمها اللامحدود لمصر فى حرب اكتوبر المجيدة ماديا وعسكريا كما تكتسب هذه الزيارة أهمية مضافة بالنظر الى حجم التحديات الاقليمية المشتركة التى تواجه البلدين الشقيقين وخاصة على صعيد التفاعلات والتطورات المثيرة للقلق فى عدد من دول الجوار وعلى وجه التحديد ليبيا.. التى تتشارك مع مصر والجزائر فى حدود مشتركة تمتد لآلاف الكيلو مترات. ولعل هذا الملف كان فى صلب اهتمام الرئيسين السيسى وبوتفليقة فى محادثات الأمس حيث اشار السيسى أكثر من مرة إلى أهمية بذل جهد عربى حقيقى لاحتواء أى مضاعفات سلبية للاحداث الجارية فى ليبيا ومنع أى تهديدات إقليمية للارهاب العابر للحدود. ولاشك أن التحدى الاقتصادى يمثل أيضا موضوعا مهما للنقاش وكذلك التعاون لاسيما أن البلدين يسعيان بكل قوة إلى مواجهة عدد من المشاكل المتشابهة وفى مقدمتها البطالة والتضخم ناهيك عن سعيهما الحثيث لزيادة معدلات النمو وبلورة أجندة واضحة للتنمية. وفى هذا السياق، فإن هناك آفاقا واسعة للتعاون بين هذين البلدين.. اللذين يعدان بحق جناحى العالم العربي. بالنظر إلى الامكانات البشرية الضخمة المتوافرة وامتلاكهما لموارد وثروات طبيعية يعتد بها علاوة على تجربتهما التاريخية المميزة على صعيد التنمية المستقلة. ولعل من المفيد فى هذا الاطار أن نذكر بأن الجزائر تعد أحد المصادر الأساسية لمصر إن لم تكن المصدر الاساسى للغاز الذى يستخدم فى الأغراض المنزلية ولايكفى انتاجنا المحلى منه إلا فى تلبية جزء من الطلب عليه داخليا. وبالمقابل، فإن امكانات مصر وخبرات شركاتها ومؤسساتها العملاقة توفر فضاء واسعا للتعاون فى مجال حل ازمة السكن وتشييد المشروعات العقارية العملاقة بالجزائر وقد نفذت شركة المقاولين العرب بالفعل عدة مشروعات مهمة بالجزائر حظيت بكل تقدير من جانب الشعب والمسئولين الجزائريين. وعلى الصعيد الافريقي، فان مصر والجزائر تحظيان بمكانة خاصة لدى شعوب القارة السمراء بالنظر إلى تاريخهما العريق فى مد يد المساندة والمساعدة لأبناء هذه القارة وبذل الجهود والمساعى الحميدة لحل العديد من المشكلات الاقليمية فيما بين دولها وتمثل التحديات الجديدة التى تواجه إفريقيا لاسيما الارهاب العابر للحدود وتعزيز الاستقرار وتحقيق التنمية فرصة حقيقية لكلا البلدين لدعم التزامهما بالقضايا الافريقية ومساعدة شعوب تلك الدول. هى اذن صفحة جديدة للعلاقات وآفاق واسعة وممتدة للتعاون ترسخها هذه الزيارة سواء على الصعيد الثنائى أو القارى أو المتوسطى نرجو أن يتبعها عمل جاد لإيجاد آليات اكثر ديمومة لتنميها وبما ينأى بالعلاقات الثنائية عن أى أزمات عارضة أو مفتعلة وبما يعزز قدرة البلدين الشقيقين على تعظيم مصالحهما المشتركة والتى تصب فى التحليل الأخير فى مصلحة الأمة وطموحات أبنائها.