تحتاج مصر وهى تعبر اليوم نحو المستقبل إلى إعلام جديد، فالمرحلة الجديدة التى نأمل جميعا أن تكون انطلاقا نحو العمل والبناء ووضع أسس سليمة لمجتمع معافى ودولة قوية، لن تستقيم بدون إعلام هادف بناء يراعى القواعد المهنية والأخلاقية والمصالح الوطنية، ودون ذلك سيظل كثير من التخبط الإعلامى وسقطات بعض الإعلاميين، التى تحدث يوميا، تمثل معاول هدم أمام أى محاولة للنهوض والتصحيح . توقفت كثيرا أنا وغيرى أمام توبيخ إحدى المذيعات فى إحدى القنوات الخاصة السفير الإثيوبى بالقاهرة السفير محمود درير، ثم إغلاق الهاتف فى وجهه،باعتباره خطأ فادحا يجب إدانته والاعتذار عنه وعدم تكراره مع كائن من كان. وفى واقع الأمر لم تكن هذه الحادثة هى الأولى من نوعها، وربما لن تكون الأخيرة، طالما استمرت الظروف والسياقات التى تنتج هذه الأوضاع المختلة . ويجب الإعتراف بأن هناك كثيرا من الخطايا ترتكب يوميا فى الإعلام على هذه الشاكلة وأسوأ، ربما لايتوقف أحد عندها لأن المجنى بحقه ليس سفير دولة مهمة بالنسبة لنا، وهذه الأخطاء هى نتاج طبيعى لمرحلة اختلط فيها الحابل بالنابل فى مصر، وأصبح الظهور على شاشات الفضائيات ووسائل الإعلام متاحا لكل عابر سبيل، ولكل غير ذى علم، وأصبح كثير من مقاعد التوجيه والقيادة فى أيدى أفراد ومجموعات، أقل ماتوصف بأنها خفيفة الوزن، قليلة العلم، فضلا عن أصحاب المصالح والأجندات، وأصبحت الجماهير فى حيرة من أمرها أمام هذه المصاطب الهوائية، والمكلمات الفضائية، التى لايضير اصحابها ان احترقت البلد كلها بنيران كلماتهم الهوجاء. كلنا مع حرية الرأى، لكننا نريد فى الوقت ذاته إعلاما مسئولا، يلتزم بالقيم والقواعد المهنية ومواثيق الشرف الأخلاقية، ونريد قبل كل ذلك وبعده إعلاميين ذوى مصداقية وأمانة، وبغير ذلك يتحول إعلامنا إلى طبل أجوف، مهمته نفاق كل حاكم وصانع قرار، ولتحول إلى صانع للازمات أو ازمة فى حد ذاته ، بدلا من أن يكون أداة للإنذار المبكر لحل الأزمات وتسليط الضوء عليها، ولاعبا أساسيا فى صنع السلم والتوافق الاجتماعى والنهضة المرجوة فى البلد. لمزيد من مقالات أسماء الحسينى