«المشاكل» هى العنوان الأبرز لمشهد الاستعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة..فلا حديث الآن بين القوى السياسية سوى عن أزمتين.. الاولى هى قانون الانتخابات الذى حدد 80% من مقاعد مجلس النواب الجديد للفردى و 20% للقائمة، على أن تضم الفئات المهمشة الخمس التى حددها الدستور.. حيث ترى الأحزاب ان القانون يسحب البساط من تحت أقدامها فى الانتخابات لمصلحة العصبيات والعائلات وأصحاب رءوس الأموال، أما الازمة الثانية، فهى الصراع على المقاعد داخل التحالفات الانتخابات التى تجاوزت أعدادها حتى الآن ثمانية تحالفات مابين مستقلين وحزبين ونقابيين، بينما تبقى الساحة السياسية مرشحة للمزيد من التحالفات. وبنظرة واسعة على التحالفات التى أعلن عنها حتى الآن تبرز الملاحظة الأساسية فى أنها »تحالفات اعلامية« فقط لم تخرج إلى الواقع والمرجح أنها لن تراه أصلا فى ظل حالة الزخم الحالية ومنطق الاستحواذ الذى يسيطر على بعض القوى ورغبة الاستحواذ وفرض الرأى من قبل، قادة بعض هذه التحالفات، فضلا عن محاولات الالتصاق برأس الدولة، فهذا التحالف يشيع عن نفسه أنه سيشكل الأغلبية فى البرلمان الجديد ليكون سندا للرئيس، وآخر يحاول بناء تحالف تحت مسمى »حملة دعم الرئيس«. هذا اللغط الممزوج بالمزايدات قاد حالة «التحالفات الاعلامية» إلى ردود فعل تمثلت فى انشقاقات، أو انسحابات مبكرة من تكتلات لم تبدأ بعد. ولعل الأبرز فى هذا الصدد واقعتين، الأولى هى اعلان حزب الوفد أنه ليس عضوا بتحالف موسى ولن يكون شريكا فيه.. ويرى الوفد نفسه حزبا مؤسسيا، وحين يبنى تحالفا أو يشارك فيه لابد أن يكون تحت رايته واسمه هو وليس بمسمى آخر أو قيادة حزب سواه.. والمشاكل أيضا لم تقتصر على مشكلة الوفد مع تحالف موسى بل ان اللواء مراد موافى أعلن انسحابه من هذا التحالف، مشيرا فى بيان أصدره إلى ان الاطماع الضيقة هى السبب الرئيسى فى الانضمام لهذا التحالف والصراع أصبح على المصالح وليس لمصلحة الوطن. ولعل حزب المصريين الأحرار الذى أبدى ارتياحه فى البداية لتحالف موسى تراجع عن حماسه وعاد رئيسه ليعلن أن حزبه سيخوض الانتخابات المقبلة منفردا، وهو ما يضيف إلى المشهد موجة ارتباك جديدة تزيد الامور تعقيدا وعلى الصعيد نفسه فإن أحزاب اليسار أعلنت أنها ستشكل تحالفا قويا يعتمد على الأرضية التى أسسها وقوف عدد من تلك الأحزاب خلف حمدين صباحى فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة.. بينما تخطط أحزاب أخرى كالحزب الناصرى بقيادة سامح عاشور لتحالف واسع من نقابات واتحادات العمال والفلاحين. إن الصراع المحموم الآن بين الأحزاب للدخول فى التحالفات او الأزمات التى تنفض على أثرها تلك التكتلات المزمعة سببها الرئيسى هو كوتة القائمة التى تضمن تمثيل الحزب بشكل كبير ومؤثر فى مجلس النواب الجديد، وباستقراء مادار من تطورات على صعيد الأحزاب والتيارات السياسية خلال الأيام الماضية، وما يدور حاليا من اتصالات ولقاءات فانه يمكن أن يتشكل بالفعل ثلاثة تحالفات أو أربعة تكون قادرة على تشكيل القوائم، وتمويل الحملات الانتخابية لمرشحيها بل والتنسيق فيما بينها أو حتى الدخول على كل المقاعد الفردية التحالف الأول هو تحالف موسى جمال الدين الذى سيكون المكون الرئيسى له هو جبهة »مصرى بلدي« وقد ينضم إليه حز ب النور وسيشمل هذا التحالف أيضا عددا من الحركات الشبابية وأبرزها تمرد. الثانى هو تحالف الوفد الذى يصر على قيادة الأكثرية فى البرلمان المقبل بالتنسيق مع عدة أحزاب أخرى أبرزها المصرى الديمقراطى الاجتماعى والوعى والاصلاح والتنمية وهى أحزاب تمثل يمين الوسط.. لكن المشكلة أمام هذا التحالف هى انضمام حزب المصريين الأحرار والذى يشترط عدم قصر اسم الوفد على هذا التحالف أو عدم ذكره أصلا وهو أمر يرفضه الوفد تماما، إلا أنه تحت ضغط الظروف الانتخابية وتشتت الناخبين ما بين ترشيحات عديدة قد يضطر الحزبان إلى تنازلات متبادلة ليدخلا معا فى التحالف نفسه. أما التحالف الثالث فسيضم أحزاب اليسار، التى يحاول صباحى قيادتها لتشكل جبهة المعارضة فى البرلمان الجديد كحزب الكرامة والتحالف الشعبى الاشتراكى والدستور والشيوعى المصري، وهو تحالف وان كان يملك أدوات اعلامية إلا أن هناك تحديات كثيرة فى سبيله ليشكل رقما صعبا فى البرلمان المقبل. التحالف الرابع يشهد اتصالات حاليا بين قيادات نقابية وعمالية لأجل تشكيله ويعتمد أصلا على التنظيمات النقابية القائمة لتشكيل قوائم انتخابية فى مواجهة ترشيحات وقوائم الأحزاب.. لكن ضعف الخبرة السياسية ومناورات المنافسين ستضعف هذا التحالف كثيرا والذى من المرجح أن ينقسم أو يتوزع بين عدة تحالفات حزبية. المثير فى الأمر أنه رغم صدور قانون الانتخابات النيابية فإن الأحزاب تناور بالدخول فى تكتلات، وتحالفات لكنها تنتظر وبشغف تدخل الرئيس لتعديل هذا القانون بتعديل نسبة القوائم لتكون لهذه الاحزاب الغلبة فى مقاعد البرلمان الجديد وهو أمر لايمكن توقعه بسهولة أو المراهنة عليه.. وفى ظل كل هذه الأوضاع فإن الرهانات على هذه التحالفات ستكون خاسرة ما لم تضع هذه التحالفات خطط عمل وبرامج ومبادئ ومدونة سلوك واضحة لتشكيل كل تحالف.