أنا سيدة تعديت سن الخامسة والعشرين ببضعة شهور، وقد نشأت فى قرية بإحدى محافظات الدلتا، وتخرجت فى كلية نظرية، وسعيت للحصول على الماجستير، وتقدم لى شاب من عائلتي، ولكن لم تكن لنا معه صلة قوية، فوافقت عليه أسرتى من منطلق التقوى والورع اللذين بدا بهما أمامنا، وعند الاتفاق قال إنه سيسكن فى القرية إلى حين تدبير سكن بجوار عمله، فوافق أبي، ولم يغال فى متطلبات الزواج، وما أن تزوجنا وانتقلت إلى البيت الجديد حتى اكتشفت أن أمه هى التى تقود البيت، وتسيطر على الجميع، فلا يتم شيء إلا بموافقتها وقد أشارت عليه بأن يترك عمله لرعاية الأرض التى يملكها والده، مع أن حماى وحماتى موظفان فى جهة حكومية واحدة!.. وفوجئت بزوجى يستجيب لها ويترك عمله، ولم تفلح محاولاتى لإثنائه عن ذلك، ومضت شهور صعبة، ثم حملت، وأظهرت الأشعة أننى حامل فى »بنت«، فأعلنوا الحرب ضدي، لأنهم »يقدسون« الذكور، وتظاهرت أمام أهلى بأننى سعيدة إلى أن جاء يوم الولادة الذى أطلقوا عليه »يوم المصيبة« نظرا لقدوم بنت وليس ولدا. كما كانوا يأملون.. حتى زوجى انساق وراء كلام أمه، ولم يفكر فى السؤال عنى ولا عن ابنته، فبكيت بحُرقة من فعل أب لا يعرف معنى الأبوة، وزادوا فى ظلمهم لى بتحريضه عليّ، فاتصلت بأهلي، وفور دخولهم المنزل تشاجرت حماتى معهم، فجمعت ملابسي، وعدت إلى بيت أبي، واشترطت لعودتى إليه، أن يرجع إلى عمله، فجاءنى الرد من والدته.. لا.. لن يعود إلى عمله، ويترك أرض أبيه!.. وساومونى على الطلاق، فلجأت إلى القضاء الذى أنصفنى وحصلت على حقوقي، وأنا راضية بما قسمه الله لي، وقد تعرضت ابنتى لحادث بسيط حيث وضعت يدها فى الماء الساخن فاحترقت، وتركت الحروق أثرا عليها، ولعل أحد الأطباء المتخصصين فى علاج الحروق من قرائك يساعدنا فى علاجها، والحمد لله فى كل الظروف والأحوال. ولكاتبة هذه الرسالة أقول : من الآفات التى مازالت قائمة فى مجتمعنا التفرقة بين الولد والبنت، مع أنه لا فرق بينهما، إلا بعطاء كل منهما وجهده، وما يضيفه للحياة، بل وفى أحيان كثيرة تكون البنت أفضل من الولد فى كل شيء.. أما مسألة الانجاب، فهى رزق من الله عز وجل، حيث يقول «يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور، أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما«.. انها حكمته جل وعلا، فلا راد لعطائه ولا معقب لحكمه.. ولا أدرى هل إذا تزوج مطلقك من أخرى وأنجب منها بنتا سوف يطلقها أيضا؟.. انه منطق غريب وتصرف أحمق فلا تحزنى يا سيدتي، ولعل فى انفصالك عنه مصلحة لك، وقد تتزوجين ممن هو أفضل منه.. وكل ما هو مطلوب منك أن تتريثى فى الاختيار، أما بالنسبة لعلاج ابنتك فأرجو أن ترسلى إلى الأهرام بياناتها الكاملة، ورقم هاتفك ليتسنى الاتصال بك، وليدبر الله أمرا كان مفعولا.