برغم تقارب قواعد التوازنات التي تربط النظامين اللبناني والسوري ببعضهما البعض, فان النسيج الوطني اللبناني بات منقسما علي نفسه داخليا بين فريق كان في السابق يمثل تيار الأكثرية البرلمانية والحكومة ما يعرف ب(14 اذار) وبين تيار كان مدعوما بشكل أو بآخر من حكومة دمشق, تصدر المشهد وشكل حكومة الوحدة الوطنية8 اذار ومع احتدام الأزمة الداخلية في سوريا, وخروج الملف من أروقة الجامعة العربية الي مجلس الأمن, يحتار المواطن اللبناني, فهناك من يري أن ما يحدث لايعدو سوي محاولات تخريبية خارجية الهدف منها النيل من الأسد لمواقفه السياسية القوية في مواجهة القوي الغربية العظمي ودعمه للمقاومة اللبنانية لتحرير الأراضي من الاحتلال الاسرائيلي, وأن ما يحدث من عمليات قتل وتخريب تبثها وسائل الاعلام هي من فعل أناس خارجين بغرض النيل من سمعة الأسد, الذي ارتضي أن يكون في عزلة اقتصادية مقابل أن ينعم شعبه بخيرات البلاد, وأن كل ما يحدث ويأخذ منحي الربيع العربي انما هو تصفية حسابات لقوي اقليمية ودولية مع الأسد. فيما يخشي الفريق الآخر(14 آذار) من انعكاس المأزق السوري علي الساحة اللبنانية, ومن أن ينقل الأسد أزمته إلي الداخل اللبناني, الأمر الذي يخشاه المجمتع الدولي واستدعي بشكل أو بآخر زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزير الخارجية التركي أحمد داوود أغلو, إلي بيروت, من باب تأكيد أن الاستقرار اللبناني خط أحمر لايمكن المساس به. وعلي الرغم من التعددية الحزبية في لبنان ومعايشة الشعب لمشكلته الأزلية وهي الطائفية الدينية, بمختلف توجهاتها السياسية, فان هناك نظرة أخري لتيار ثالث في لبنان, حيث يخشي مسيحيو لبنان من سقوط نظام الأسد علي استقرارهم. فلاتزال تيارات دينية عده تنظر إلي استقرار لبنان من العمق السوري, ويساور بعضهم القلق من تصدر الأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية سدة الحكم, فتوضع لبنان بين المطرقة والسندان فمع التسليم بأن النظامين مختلفان في سوريا ولبنان, الا أنه لا أحد يمكنه انكار التواصل بين الشعبين وترابطهما واستناد هذه العلاقة للمعطيات الجيوستراتيجية وبخاصة فيما يتعلق بالصراع العربي- الإسرائيلي الذي ما زالت سوريا ولبنان تمثل قاعدة المواجهة السياسية فيه, كل هذه الأفكار وأكثر تساور أذهان الشعب اللبناني الذي عاني ويلات الحروب والانقسامات ويسعي الآن للاستقرار بعيدا عن أي خلافات قد تنشب, لذا كان القرار بالنأي عن النفس.