قامت ثورات شعوبنا العربية في تونس ومصرنا الغالية واليمن مطالبة بديمقراطية حقيقية وبأوطان تتحقق فيها مباديء العيش والحرية والعدالة الاجتماعية, ومايستلزمه ذلك من اعادة بناء اقتصاديات عربية قوية ومستقلة, تعود بالنفع علي الشعوب العربية في المقام الأول بما يسهم في تحقيق اهم مطالب ثوراتنا ألا وهو العيش بكرامة في وطننا العربي المتحد اقتصاديا وجغرافيا وشعبيا, وصولا الي الاتحاد الشعبي العربي الصادق البعيد عن أهواء الانظمة الحاكمة, ولعل المطلب الثاني هو الحرية في الحركة بين الدول العربية والاستفادة الحقيقية من تبادل تجاري بين الأسواق العربية وماتملكه من موارد ومقدرات وثروات تبني معها وبها اقتصاديات قوية تتحقق فيها مباديء العدالة الاجتماعية, وتؤدي إلي اتحاد عربي حقيقي وعملة موحدة لشعوب تتحدث نفس اللغة وتتشابه في حضارتها وعاداتها وتقاليدها وديانتها الإسلامية أو المسيحية. لقد سبق وتوحدت أنظمتنا العربية ابان حرب أكتوبر المجيدة وكانت بسالة جيشنا المصري واسلحته التي قهرت العدو الصهيوني الي جانب الاستخدام الأمثل لسلاح النفط العربي مما اذهل شعوبنا العربية قبل ان يصيب اعداءنا بالدهشة, وبات جليا ضرورة وجود تكتلات اقتصادية ومالية عربية تعمل علي تشجيع الاستثمار العربي بين بلداننا بديلا عن اللجوء إلي أمريكا وصندوق النقد, وما الي ذلك, وفي يوليو من عام1974 وقعت مجموعة من حكومات بعض البلدان العربية علي اتفاقية تأسيس المصرف العربي الدولي للتجارة والتنمية والذي عدل بعد ذلك الي المصرف العربي الدولي, وكانت اهداف الاتفاقية كما ورد ببنودها هي: 1 بناء الاقتصاد العربي عي أساس متين يسمح بتلبية متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد العربية. 2 تحقيق حرية انتقال الأموال العربية وارشادها الي أحسن الاستثمارات وأفضلها, مع تقديم الخدمات والتسهيلات اليها. 3 تجميع الموارد العربية بطريقة علمية رشيدة للاسهام في تنمية الموارد الإنتاجية لجميع الدول العربية, وتشجيعا لتوظيف الأموال العامة والخاصة بما يكفل تطويرها, وتنمية الاقتصاد والتجارة عن طريق الاسهام في تمويل المشروعات الاقتصادية والتجارية العربية. 4 تيسير التوسع والنمو المتوازن في تجارة البلاد العربية سواء فيما بين البلاد العربية أو فيما بينها والبلاد الأجنبية. 5 الغرض من هذا المصرف هو القيام بجميع الأعمال المصرفية والمالية والتجارية المتعلقة بمشروعات التنمية الاقتصادية والتجارة الخارجية, وبصفة خاصة الدول الاعضاء وغيرها من البلدان العربية. مما تقدم نجد أنفسنا أمام كيان عربي قائم ومتفق عليه, ويمكن في حال الاستخدام الأمثل لهذا الكيان عبر إدارة علمية رشيدة وحكيمة تعلي من شأن القيم الوطنية وتلتحم مع مطالب الثورات العربية وتملك الاستراتيجية البناءة في سبيل الوحدة العربية علي المستوي الاقتصادي والسياسي بدلا من الانصياع وراء اهواء ومصالح هذه الانظمة أو تلك أن تسهم في بناء اقتصاد عربي قوي, وتجدر الإشارة هنا الي ان ممثل الحكومة المصرية في التوقيع علي هذه الاتفاقية هو الاستاذ الدكتور عبد العزيز حجازي الذي اعتقد انه لم يكن ليرغب ان يصبح هذا المصرف فيما آل إليه الآن. العجيب ان الثورة في مصر تلتها ثورة شعب ليبيا, وكلا الدولتين الشقيقتين والجارتين هما صاحبا النصيب الأكبر في هذه المؤسسة العريقة وفي هيكل إدارتها التي نبغي ان تعود الي التنفيذ الفعلي والدقيق لما ورد في بنود اتفاقية تأسيسها قد يكون المصرف قد انحرف وانجرف بعيدا عن مساره واهدافه وتم تحويله الي بنك تجاري يخدم هذا النظام او ذاك, إلا أنه توجد عناصر وظيفية وكوادر بشرية متميزة تعمل بهذه المؤسسة التحم السواد الاعظم منها منذ يوم الأول مع ثورة شعب مصر وهتفت من أجل اهداف الثورة وحاربت ومازالت اشكال الفساد والاستبداد وكان منهم من المصاب والثائر, وجميعهم يمتملكهم الحرص الدائم علي تحقيق الاهداف الرئيسية لهذا المصرف. إننا في وطننا العربي وطن الحرية والعدالة التي ستكون بمشيئة الله وبدعم الشعوب العربية مجتمعة نستطيع ان نجعل هذا المصرف يسهم حقا في التبادل التجاري الذي يعلي من شأن المواطن العربي, ويحقق له حلم العملة العربية الموحدة, وبطاقة الائتمان العربية التي تصدر عبر مؤسسة مالية عربية خالصة لانملك سوي الحلم والعمل علي تحقيقه, مثلما نحلم بمصر الغد التي تقود الأمة الي النهوض بشعبنا الرائع, وجميع شعوبنا العربية الشقيقة.