وليد عبد اللطيف مصر عظيمة وجميلة للغاية.. فلماذا تفعلون هذا بها؟!.. كانت هذه كل الكلمات التي استطاع الأمريكي بوب برادلي المدير الفني للمنتخب الوطني الأول لكرة القدم أن ينطق بها ووجهها إلي زكي عبدالفتاح مدرب حراس مرمي المنتخب, بعد نحو ساعتين هي الفترة الزمنية التي استغرقها للوصول من استاد القاهرة إلي الفندق الذي يقيم فيه.. وقد أصابته الأحداث الدموية التي شهدها استاد بورسعيد بالذهول التام والصمت المطبق, بينما انخرطت زوجته لنزي في نوبة بكاء هستيرية غير مصدقة أن يسقط كل هذا العدد من الضحايا في مصر التي أحبتها واعتبرتها وطنا ثانيا لها بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية. أما زكي عبدالفتاح, فلم يجد جوابا شافيا علي سؤال بوب برادلي لأن ما حدث أكبر من أن يتم تبريره بكلمات مهما كانت بلاغتها ففضل التزام الصمت, ليغلق برادلي باب السيارة ويتجه إلي غرفته ولم يغادرها حتي أشرقت الشمس, وعندما قابل عبد الفتاح أمام الفندق فاجأه بسؤال إيجابي هو: ماذا يمكنني أن أفعل من أجل هؤلاء الضحايا؟, فجاءه الرد بأن هناك مسيرة صامتة ستنطلق من ميدان سفنكس للتعبير عن رفض ما جري فقال برادلي بدون تردد: هيا بنا إلي هناك, فيما لم تقف لنزي مكتوفة الأيدي فقفزت في السيارة إلي جانب زوجها قائلة: وأنا أيضا سأشارك, وفي الطريق همست لنزي في أذن زكي عبدالفتاح قائلة: يا زكي أريد أن أشارك بشكل شخصي أمهات الضحايا المكلومات في مأساتهن, أريد ان أقابلهن وأن أقف إلي جانبهن في هذه اللحظات العصيبة.. أما برادلي فقد طرح عدة مبادرات إيجابية منها تنظيم مباراة دولية كبيرة يخصص دخلها بالكامل لمصلحة أسر الضحايا, كما عرض العمل علي حضور كبار لاعبي المنتخب الأمريكي وعلي رأسهم ابنه مايكل للمشاركة في المباراة, وأيضا تنظيم مزاد خيري لبيع قمصان كبار اللاعبين مثل أبوتريكة وبركات ومتعب وجدو وشيكابالا وغيرهم. أما خلال المسيرة فقد أحاط المشاركون فيها ببرادلي وزجته وحرصوا علي توجيه الشكر له, لكنه أكد لهم أنه لم يشارك في المسيرة من أجل المنظرة بل هي رسالة تعاطف ومواساة لأسر الضحايا الذين سقطوا. بوب برادلي حرص علي التأكيد علي الرغم من قساوة ما حدث فإنه متمسك بالعمل في مصر ولن يغادرها مهما حدث, لإيمانه الشديد بأن هذا البلد له مستقبل مشرق وأن هذا الشعب الرائع قادر علي تجاوز مثل هذه العثرات علي طريق الحرية والديمقراطية, لذلك فإنه سيواصل عمله كالمعتاد وسيتوجه يوميا لمقر اتحاد الكرة للاجتماع بمساعديه دون أي تغيير في برنامج حياته ونشاطه وهذا دليل علي عدم شعوره بالخوف وهو المعني الذي نقله لابنتيه راين وكيري اللتين اتصلتا به للاطمئنان عليه.. كما أكد برادلي أنه لم يتلق أي تحذيرات من السفارة الأمريكيةبالقاهرة بشأن ضرورة المغادرة أو حتي اتخاذ اجراءات سلامة معينة. أما علي صعيد المنتخب الوطني, فقال زكي عبدالفتاح إنه بعد تجميد مسابقة الدوري فإن الجهاز الفني يتمني أن يتم تقديم موعد معسكر المنتخب المقرر أن يبدأ منتصف الشهر الجاري, لكن مصلحة البلد تأتي فوق أي اعتبار آخر, كما أن لاعبي الأهلي في حالة نفسية سيئة للغاية لأنهم شاهدوا أناسا يلفظوا أنفاسهم الأخيرة في غرفة الملابس وهو أمر صعب, وبالتالي فإن الجهاز الفني سينتظر حتي تتضح الصورة قبل أن يتخذ أي قرار, لكن المؤكد أن المنتخب لن يلعب مباراته الودية أمام كينيا في بورسعيد كما كان مقررا.