أدى تقاعس المجتمع بمؤسساته المعنية ومثقفيه عن ضبط إيقاع السينما المصرية وتحجيم اندفاعها غير المسئول على درب ونهج السينما الغربية الى انتاج أفلام هى أقرب الى أفلام البورنو منها الى الفن الحقيقى حتى شاهدنا أخيرا أفلاما سينمائية لطخت وجه السينما المصرية بعار التردى فى مستنقع فاترينات عرض الكتابات الغاضبة والمعارضة لهذا الإسفاف السينمائى الذى يسيء أيما إساءة الى أحد عناصر قوة مصر الناعمة التى كانت فخرا لبلادنا عبر عقود كثيرة مضت، واحدى هذه الكتابات المهمة ماكتبه الدكتور جلال أمين فى «الأهرام» فى مقاله المعنون «من التنوير الزائف للظلام الدامس والعكس»، حيث انتقد مايكتبه بعض المثقفين معبرين عن امتنان مبالغ فيه بالحضارة الغربية، فإذا فعلنا مثلهم كنا على صواب، وإذا لم نفعل مثلهم فنحن جديرون ان يوصُمهم بالتخلف والحماقة! واستطرد قائلا: لقد شهدنا خلال السنوات الماضية من يدافعون عن استخدام الألفاظ البذيئة فى الكلام عن المؤسسات الدينية الآن الغرب فعل ذلك، وعن الإباحية فى الأدب والأفلام السينمائية والتليفزيونية لأن الغرب سمح بذلك، وأعتبر ان حرية الأديب والفنان يجب ان تبقى حرية مطلقة، ولكن الاحتجاج بحرية الفنان المطلقة فى أن يفعل مايشاء حجة سقيمة ومرفوضة تماما. والأمر لم يقف عند سينما الفراش والشهوة فحسب، ولكن أيضا أصبح الترويج للبلطجة والعنف أحد العناصر الأساسية فى سينما المقاولات، فمتى تتنبه الدولة الى الخطورة الداهمة على مجتمعنا، وعلى الأخص شبابنا من هذه النوعية السيئة من الأفلام؟ إن أفلام البرونو والعنف هذه التى لاهدف لها سوى الإثارة الجنسية الرخيصة وزرع بذور العنف فى النفوس الناشئة خاصة فى الأوساط الشعبية والعشوائية لأغراض مادية بحتة، لاتقل خطرا على المصريين عن المخدرات، ولابد من تشريع يجرم هذه النوعية من أسلحة الفن المدمرة. وكتب الدكتور مصطفى فهمى فى «الأهرام» ينتقد آخر هذه الأفلام (حلاوة روح) والذى أثار عرضه عاصفة شديدة من الغضب والاستياء والتقزز قائلا: إن عرض الفيلم بهذه الطريقة المبتذلة يبدو وكأن صناعه يسعون لتدمير مصر اجتماعيا عن طريق شبابها فبعد «عبده موته» و«قلب الأسد» و«الألماني» يأتى «حلاوة روح» ليكمل مسيرة تدمير المراهقين والشباب بمساعدة الرقابة على المصنفات الفنية بإيجازها هذا الفيلم! وحسنا فعل الدكتور إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء بقراره وقف عرض الفيلم. ومن حق المصريين على المسئولين فى الدولة والمنوط بهم حماية أمننا الاجتماعى وقيم وأخلاقيات وهوية مجتمعنا المصرى أن يطالبوهم بمنع عرض مثل هذه الأفلام المخربة التى تمثل بحق خطرا داهما على استقرار المجتمع أمنيا، وسلامة شبابنا النفسية والصحية والأخلاقية.. ويبدو أن أعداء هذه الأمة يئسوا من إسقاطها عسكريا وسياسيا واقتصاديا وطائفيا فيسعون الى إسقاطها أخلاقيا واجتماعيا. محمد سعيد عز