هل يجوز إطلاق لفظ «السيادة» على أهل البيت وأولياء الله الصالحين؟ أجابت دار الإفتاء المصرية، قائلة: إن كان «المسوَّد» هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإن ذلك مشروع مطلوب بإجماع المسلمين، وقد أخبر عن نفسه الشريفة بذلك فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أنا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ»، وفي رواية «أَنا سَيِّدُ النّاسِ». متفق عليه، وأمرنا الله سبحانه وتعالى بتوقيره وتعظيمه فقال: «لِتُؤمِنُوا باللَّهِ ورَسُولِه وتُعَزِّرُوه وتُوَقِّرُوه وتُسَبِّحُوه بُكرةً وأَصِيلاً» [الفتح:9] ومِن توقيره تَسوِيدُه، كما قال قتادةُ والسُّدِّيُ: «وتوقروه»: وتُسَوِّدُوهُ. وأما إطلاق السيادة على غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم، من المخلوقين فهو كذلك أمر مشروع بنص الكتاب والسنة، وفعل الأمة خلفًا عن سلفٍ، قال تعالى عن سيدنا يحيى عليه السلام: (فنادَتهُ المَلائِكةُ وهو قائمٌ يُصَلِّى في المِحرابِ أَنّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بيَحيى مُصَدِّقًا بكَلِمةٍ مِنَ اللَّهِ وسَيِّدًا وحَصُورًا ونَبِيًّا مِنَ الصّالِحِين) [آل عمران:39] قال الإمام القرطبي: «ففيه دلالة على جواز تسمية الإنسان سيدًا، كما يجوز أن يُسمّى عزيزًا أو كريمًا». وأما الدليل من السنة: فقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في شأن الحسن والحسين عليهما السلام: «الحَسَنُ والحُسَينُ سَيِّدا شَبابِ أَهلِ الجَنّةِ». وقوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه البخاري في شأن الحسن بن علي عليهما السلام: «إنّ ابنِي هذا سَيِّدٌ». وقوله صلى الله عليه وسلم، عن سعد بن معاذ رضي الله عنه -مخاطبًا الصحابة الكرام: «قُومُوا إلى سَيِّدِكُم». أخرجه البخاري. وأما فعل الأمة: فمنه قول عمر رضي الله عنه عن أبي بكر الصديق وبلال رضي الله تعالى عنهما: «أَبُو بَكرٍ سَيِّدُنا وأَعتَقَ سَيِّدَنا». أخرجه البخاري. والنُّقول في مثل هذا كثيرة، سمعها الصحابة من غير نكير ولا معارضة، فكان ذلك بمثابة الإجماع السكوتي منهم على مشروعيتها، وهو حجة كما تقرر في الأصول. وعليه فإن إطلاق السيادة على أهل البيت وأولياء الله الصالحين أمر مشروع، بل هو مطلوب شرعًا، لما فيه من حسن الأدب معهم والتوقير والإجلال لهم، والنبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «ليس مِنّا مَن لم يُجِلَّ كَبِيرَنا ويَرحَم صَغِيرَنا ويَعرِف لِعالِمِنا حَقَّهُ».