الآن.. انكشف الغطاء، وسقطت الأقنعة، وحانت لحظة الحقيقة. ها هي بريطانيا أفاقت أخيرا، وأدركت أن جماعة الإخوان الإرهابية باتت تمثل مشكلة لها، وأن وجود هذه الجماعة علي الأراضي البريطانية أصبح مصدر مخاطر عديدة. وجاء كلام المتحدث باسم حكومة لندن واضحا لا لبس فيه ولاغموض: إن ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني أصدر أوامره لأجهرة الدولة هناك بالتحري عن جماعة الإخوان لتحديد موقف الحكومة البريطانية منها. وقد يكون من المهم هنا التوقف قليلا عند تفاصيل هذا الموقف البريطاني الجديد. لقد ذكرت صحيفة «تايمز» أمس أنه من المقرر تحليل فلسفة وأنشطة الجماعة بناء علي معلومات استخباراتية داخلية وخارجية، وسوف تشمل التحريات معرفة ما إذا كانت الجماعة تشارك في عمليات إرهابية. وسيجري أيضا حسب تقرير التايمز حصر عدد أنصار الجماعة المقيمين في بريطانيا حاليا. إن ما يلفت الانتباه أمران علي قدر كبير من الأهمية، أولهما: أن بريطانيا ليست من الدول المتسرعة في مواقفها، أو التي تتخذ قرارات قبل دراستها جيدا. ومعني أن كاميرون بنفسه هو من اتخذ القرار أن تحت يديه الآن أدلة وقرائن علي أن أفراد هذه الجماعة متورطون فعلا، خاصة وأنه ألحق قراره بعبارة كاشفة هي «بناء علي معلومات!». إن كلمة معلومات هنا تعني أنهم هناك في 10داوننج ستريت لديهم شيء ما مهم جدا عن هذه الجماعة. وأما الأمر الثاني، فهو الحديث عن عمليات إرهابية، وما كانت الحكومة البريطانية لتستخدم هذا اللفظ إلا اذا كانت عندهم مؤشرات قوية ومدعمة بالوثائق. ثم إن علي المراقب أن يتوقف قليلا عند تضمين قرار رئيس الحكومة البريطانية لفظ «فلسفة». .. إن الإنجليز معروفون بقدرتهم الفائقة علي ضبط الألفاظ، والتدقيق الشديد فيها قبل أن ينطقوا بها، فما بالك إذا كان الأمر متعلقا بقرار لرئيس وزراء بريطانيا، وكما عرف فإن لفظ فلسفة يعني الأفكار. إن بريطانيا تريد أن تعرف كيف يفكر أعضاء الجماعة. والحقيقة التي نعرفها في مصر منذ عشرات السنين هي أن المشكلة، الأساسية للإخوان هي في طريقة تفكيرهم، وكيف أنهم لا يعترفون إلا بأفكارهم هم فقط، ولا مكان «للآخر» عندهم. وقد لمسنا نحن المصريين ذلك بجلاء عندما حكمونا لمدة سنة فأخذوا في إقصاء الجميع من كل المواقع إلا رجالهم هم فقط.. وكانت في هذا الإقصاء نهايتهم. علي كل حال فإن ما يفعله الإخوان بنا الآن، من حرق وتدمير وتخريب واستهداف للمفاصل الحيوية للدولة ولمظاهر سيادتها، لا يحتاج إلي إعادة التذكير به. وربما يكون من المناسب هنا توجيه نصيحة للندن ولغير لندن بضرورة تصديق مصر عندما تقول لهم «هذه الجماعة خطر فاحذروها».