قررت وزارة التنمية المحلية والإدارية مؤخرا، نشر 135 موقعا لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية فى 16 محافظة، تمهيدا لتفعيل خطط الدولة لسد احتياجاتنا من الكهرباء بعد تفاقم مشكلات الغاز وتوفير السولار لمحطات الكهرباء، وتفادى التوقعات بانخفاض هذه الموارد، مما دعا الخبراء لضرورة نشر ثقافة استخدامات الطاقة الشمسية التى أصبحت ضرورة للاستخدامات الشخصية والوطنية، على أن تتولى الدولة دعم انتاج الخلايا الضوئية والألواح الشمسية. الدكتور مسلم شلتوت أستاذ فيزياء الطاقة الشمسية بمعهد البحوث الفلكية، اكد أن هذا البرنامج التنموى جاء متأخرا جدا نتيجة إهمال جسيم تجاه مستقبل الوطن، ذلك انه نظرا لتمتع مصر بضوء الشمس معظم اوقات العام وبنسبة عالية جدا بالمقارنة بمعظم دول العالم، مع وجود أزمات الطاقة من غاز وكهرباء، لذلك فإن مشروع الطاقة الشمسية يجب أن يكون مشروعا قوميا لأننا مقبلون على كارثة نضوب الطاقة التقليدية، فضلا عن أن هذا المشروع سيقلل وبنسبة 90% على الأقل نسبة التلوث والأخطار الصحية على حياة الإنسان المصري، وأن هذا المشروع يمكن أن يقفز بمصر خلال عام واحد لتوفير نحو 30% من استهلاكها للطاقة التقليدية من غاز وكهرباء. وأضاف أن اللوح الشمسى فى الاستخدامات الفردية بالمنازل لا يكلف كثيرا بالمقارنة باستهلاكات الطاقة الأخري، التى تمثل نزيفا لدخل الفرد والأسرة، ولا يحتاج سوى صيانة مرة واحدة أسبوعيا لضمان الأداء بنسبة 100% وهناك نماذج عالمية مثل ألمانيا التى بدأت هذا المشروع منذ 30 عاما، فنجد المنزل عليه 4 6 ألواح للطاقة الشمسية بمساحات (اثنين فى اثنين متر) للشقة الواحدة لتغطى متطلباتها من أجهزة كهربية وإنارة وتسخين مياه وهى توضع على السطح الذى يكون على شكل هرمى لتعرضه للأمطار وتساقط ثلوج. فى حين أن المناخ عندنا أفضل كثيرا وأكثر مناسبة وكانت الخطة لدينا منذ عام 1985 أن تصل معدلات استخدامات الطاقة الشمسية الى 2% سنة 2000، لكن للأسف لم تكن هناك سياسة حقيقية لدى الوزارات لإنجاح هذا المشروع، واكتفت بالاعتماد على الغاز الذى كانت الدولة تبيعه لإسرائيل بسعر لا يزيد عن 30% من السعر العالمي، إضافة للكهرباء وبدعم عال جدا للمواطن مما أفشل تنفيذ فكرة استخدام الطاقة الشمسية التى كان يعتبرها البعض مشكلة، لان سعر الخلية الشمسية كان بنحو 5.5 دولار، والأن وبعد دخول تكنولوجيات جديدة خاصة من الصين أصبحت الخلية بسعر دولار واحد، أى أن لوح الطاقة الشمسية بتوصيلاته كلها لا يتعدى سعره 20 ألف جنيه دون اضافات جديدة فى التكلفة ويعيش لمدة لا تقل عن 20 عاما، وتصل الى 30 عاما مع الصيانة الدورية البدائية. رمال سيناء وأشار أستاذ الفيزياء الشمسية الى أن رمال سيناء غنية بأطنان لا تنتهى من خامات السليكون النقي، التى يمكن أن نصنع منه الخلايات الشمسية، ومع ذلك فإننا لا نفعل شيئا بها ونبيع منه لإسرائيل التى تستخدمه فى صناعة الخلية الشمسية بعد أن تشتريه من مصر بثمن الطن 10 دولارات فقط، حتى أصبحت إسرائيل متميزة فى هذا المجال وهى تبيع خلايا شمسية عالية بنحو 8 مليارات دولار من رمال سيناء، وتحقق ربحا يفوق أرباحها من تجارة السلاح، والسبب فى ذلك أننا نفتقد منذ مدة طويلة لقيادات مخلصة لهذا البلد بعد أن أفسدهم أصحاب المصالح، غير أن القوات المسلحة أعلنت مؤخرا عن بدء إقامة مصنع للخلايا الشمسية، والغريب أن هذه الصناعة لا تحتاج حرفيين، فدولة مثل ايطاليا التى دعمت هذه الصناعة منذ عام 1988 أقامت فى البداية مصنعا للألواح الشمسية الكاملة فى كل مراحلها بتشغيل مائة ولد وبنت من الفنيين يشرف عليهم 4 مهندسين فقط، واستطاعت هذه الصناعة أن تتوسع حتى صارت ايطاليا مركزا للتصنيع وتجارة الخلايات والألواح الشمسية. وأضاف أن احتياطى مصر من البترول والغاز انخفض بمعدل 50% على الأقل، وهذا هو السبب الذى جعلنا نستورد كميات كبيرة منهما سواء بالمنح أو القروض، وهذا يعنى مزيدا من الأعباء لأننا نوفرها للمواطن بالدعم الذى تعدى 125 مليار جنيه فى العام، حتى أن المواطن تعود على أن تعوله الحكومة تماما دون حتى أن يعمل وتكون النهاية عجزا كاملا فى قدرات الدولة الإصلاحية والتنموية، ولذلك فإننا نحتاج لدخول مجال تصنيع الألواح الشمسية برغم تكلفتها العالية نسبيا ولا يكون ذلك إلا بجهاز متخصص ومتفرغ لهذا المشروع المستقبلى والحتمي، حيث ان هذه الصناعة لم تعد مستحيلة باحضار السليكون وبلورته وتجميع الشبكة والإلكترونيات ولوحة البلاستيك والزجاج واستخدام الرابط للحواف من الألمنيوم ويمكن من اللوح البسيط شحن بطارقة أو تشغيل بعض أجهزة المنزل، ويمكن بالاستيراد من الصين توفير ألواح كبيرة فالخلية الشمسية ثمنها دولار واحد وتعتمد عليها معظم دول أوروبا وهى بمستوى عالى الجودة ولنا مثال فى ذلك دولة الأردن، التى أصبحت الورش الصغيرة متخصصة فى صناعة الخلايا والألواح الشمسية. وأشار الى أن استخدام الفحم حتى الآن فى توليد الكهرباء يمثل خطرا شديدا باستخدامه بالمصانع وشركات الأسمنت وغيرها، حيث ثبت أن نحو 30% من العاملين والمناطق المحيطة يصابون بتحجر رئوى وأمراض مزمنة قاتلة، فى الوقت الذى يعتقد البعض أن فحم وادى المغارة سيحل مشكلة الطاقة ولا يدركون أن عمره الافتراضى انتهى تقريبا، وهناك نيات للاستيراد من الخارج برغم أنه ينتج ثانى أكسيد الكبريت الذى يهبط مع الأمطار الى الأراضى الزراعية ويدمرها تماما، ويتم هذا لحساب أصحاب المصالح والتجارة فى مقدرات الشعب، ونتج عن ذلك تأخرنا كثيرا فى مجال الطاقة الشمسية، فى استخداماته، وفى المقابل أيضا هناك فرصة لتوفير الطاقة الحيوية من نحو 40 مليون طن مخلفات زراعية، وللأسف نحن نجعلها عبئا وعيبا وليس قيمة اقتصادية مثلما يحدث عالميا. تحلية المياه وقال د. مسلم شلتوت: إننى تقدمت لأجهزة البحث العلمى منذ أكثر من 20 عاما بمشروع لاستخدام الخلايا الشمسية فى تحليل مياه بحيرة ناصر الى غازى الأوكسجين والهيدروجين لاستخدام الأخير فى أغراض الطاقة مثل الغاز المستخدم حاليا وهو ما لم يستهلك أكثر من 1% من المياه المهدرة، والهيدروجين غاز آمن بتحويله الى ملح ثم يتحول فى حالة استخدامه وهو اقتصادى جدا واستجابت دول المغرب العربى للفكرة ومولها الاتحاد الأوروبى بنحو 100 مليار يورو مؤخرا، وهو نظام يعتمد على المياه العذبة ولا يصلح بحال للمالحة بالبحار، ولأن الملوحة فى مياه النيل 100 150 جزء فى المليون بينما فى البحر 4 آلاف بالمليون، مشيرا الى أن تجربة الطاقة الشمسية نجحت ببعض مناطق الواحات لصعوبة توصيل الكهرباء إليها، وتباعد المنازل لمسافات كبيرة فيكتفى المواطن بحفر بئر لزراعة أرضه ووضع لوح شمسى لتوفير الطاقة المطلوبة لإدارة معيشته اليومية وهى مناطق مفضلة صالحة لتوليد الطاقة من الشمس لا الرياح، ولكن بعض أجهزة الدولة تعمل لصالح بعض المقاولين لتبديد المليارات فى مد الكهرباء من السد العالى الى هذه المناطق. ويرى الدكتور وحيد بدوى أستاذ الكيمياء بعلوم القاهرة، أن القضية ليست لمجرد الإعلان عن مشروعات للطاقة الشمسية ولكن المهم أن تكون موجهة لحل مشكلة الطاقة التى تزايدت فى هذه الأيام، فيجب ألا تكون مجرد سخانات مياه ولكن نريد طاقة تخدم صناعتنا ومشروعاتنا بعد أن أثبتت الخبرات العالمية نجاح الطاقة الشمسية فى سد احتياجات كثير من الدول، إضافة لاستخداماتها فى المناطق الزراعية النائية فى رفع المياه من الآبار واقامة حياة متكاملة بالصحراء، ولا يمكن أن نضع التصنيع عقبة أمامنا لسهولة توفير خاماته وسهولة الصيانة أيضا، حيث تمثل مصر أغنى منطقة فى توافر ضوء الشمس وهى تقع ما بين خطى عرض 22 و31 شمال خط الاستواء، وتصل أوقات الاضاءة ما بين 9 11 ساعة فى اليوم، فإذا كانت الوزارة قررت استخدام الطاقة الشمسية وحسب تصريحها فإنها ستوفر لاستخدامات المنازل ما بين 30 40% من استخداماتها، وهو ما يعادل نحو 15% من استهلاك الكهرباء وهى خطوة جيدة فى سبيل الوصول الى خمس انتاجنا من الطاقة الكهربية اعتمادا على الطاقة الجديدة بحلول عام 2020، مع زيادة احتمالات نضوب الطاقة التقليدية والإحفورية. توليد الكهرباء ويضيف الجيولوجى حلمى عبدالرازق المدير بهيئة الطاقة سابقا، أن تلك المشروعات يمكنها تغطية احتياجات المنازل بالمحافظات التى ستقام فيها، اعتمادا على الألواح الشمسية لتوليد الكهرباء أو الألواح الخاصة بتسخين المياه، وأنه مع التطوير يمكن التوسع فيها الى الشركات، غير أن ذلك لا يغطى احتياجات المصانع الكبرى ذات الاستهلاك العالى للطاقة الكهربية، غير أن أفضل توجه للاعتماد على الطاقة الشمسية يكون بالمناطق النائية، وهناك دول اعتمدت على الطاقة الشمسية عبر الأقمار الصناعية اعتمادا على الألواح الشمسية التى تحوى خلايا ضوئية، بما يضمن تدفق هذا النبع بلا حدود أو تكلفة اضافية، بل إن الألواح الشمسية أصبحت ذات استخدام شعبى فى معظم دول العالم لتسخين المياه واستخداماتها مما يوفر كثيرا من استهلاكات الغاز والكهرباء، فإذا أدركنا أن الإشعاع الشمسى لمصر من القاهرة وحتى أقصى الجنوب يتجاوز 6 كيلووات فى الساعة للمتر المربع، بينما تقل الأيام التى تظهر بها السحب عن 20 يوما سنويا، وهى من أعلى المعدلات فى العالم ومع ذلك فإن دول أوروبا مثلا تعتمد لدرجة كبيرة على الطاقة الشمسية، بينما لا تهتم مصر الغنية بهذا الكنز، فهى تتلقى أكثر من »6 تريليون« كيلووات ساعة يوميا بما يزيد عن 100 ضعف الطاقة الكهربية فى مصر منذ نحو 20 عاما، وتقتصر الاستخدامات الحالية على التسخين المائى لاستخدامات المنازل والمستشفيات والمعسكرات.