عندما يحدث تطور أو تغيير مميز في مصر يتناساه البعض, ويحاول الآخرون إثارة اللغط حوله.. وقد حدث انتقال الإمامة بين الشيخين الجليلين لأزهرنا الشريف بعد الرحيل المفاجئ للشيخ طنطاوي وصعود الإمام الأكبر الجديد د. أحمد الطيب شيخا للأزهر وإماما لأهل سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم بسلاسة واحترام مؤسسي يقل نظيره في العالم النامي. بمعني أن مؤسساتنا العريقة ذات التأثير القوي والمكانة العالمية قبل المحلية قادرة علي استمرارية العطاء وتقديم قادتها بالقدرة والتميز أنفسهما دون اهتزاز, أو حتي تردد في برهان عملي علي تماسك دولتنا وقدرة مؤسساتنا. ولأن تجربة اختيار شيخ الأزهر علامة بارزة تستحق الإشارة بل والإشادة, فقد حظي العالم الورع والصوفي الجليل د.أحمد الطيب بحسن استقبال واحتفاء رجل الشارع المصري والإسلامي علي مستوي الأزهريين ورجال الدين أنفسهم. بل إن الكثيرين استبشروا به خيرا, ويتحدث الناس في مجالسهم الخاصة عن وجهه السمح وابتسامته الجميلة والموحية, والآخرون يتكلمون عن أناقة عباراته وتأثيرها العميق, قبل أن يتحدث العلماء والعارفون بقدرته وكفاءته الدينية والمهنية المعروفة, مفتيا سابقا ورئيسا لجامعة الأزهر, وكذلك عن علمه وفقهه الديني الغزير المنشور علي المستويين المحلي والعالمي, ومشاركاته ومنتدياته بل قدرته علي تحدث أكثر من3 لغات علي مستوي اللغة العربية نفسها لغة القرآن والمسلمين. وأن الأزهر ستكون له مكانة ودور بارز وقوي علي الصعيدين الداخلي والخارجي, فنحن ننتظر من شيخنا الجليل أن يقدم وجوها جديدة لرجال الدعوة والصحوة الإسلامية, يمثلون الاعتدال والوسطية للإسلام السمح, دون أصوات زاعقة تخيف الشباب والناس من الدين بل تحببهم فيه, رجل دعوة يكرس وقته ليكون نموذجا في المضمون والشكل, ليس فجا أو صارخا بل سمح الوجه باسما مثل شيخنا الجليل, يتعامل بكل معطيات العصر ولغته السهلة, ولكنها عربية عميقة, صوفية المشاعر والجوهر, وليست لغة عامية أو شوارعية ليكسب العامة, بلا علم أو عقل قوي قادر. يتكلم بالقرآن والسنة ويدعو إلي التسامح والمحبة, ويحبب المسلمين في كل الأديان, ويجمع بين عنصري الأمة, المسلمين والمسيحيين, في محبة وأخوة, ويقف ضد الفتنة ومشعليها, فرجل الدين العالم الورع هو بطبعه مع المحبة والوئام, ولا يلجأ إلي الفتنة وإشعال الحرائق, فالضعفاء والجهلاء وحدهم هم الذين يلجأون للتطرف ملاذا وهروبا من جهلهم بدينهم وفقر لغتهم, ولا يسعفهم العلم والكفاءة في التعبير, فيشحنون الناس هروبا وضعفا!! *** أما علي الصعيد الإسلامي, فهناك مهمة صعبة أمام شيخنا الجليل أحمد الطيب, إمام أهل السنة التي تجمع بين المذاهب وتقرب بينها, دون صراع أو تنازل من أجل التقريب علي حساب الدين الصحيح. فالمواجهة مع المخطئين من المتطرفين أو مشعلي الحرائق قد تعلمهم وتعيدهم إلي جادة الصواب, أما المهادنة علي الأخطاء فقد تدفعهم وتدفع بالمغرر منهم إلي الهاوية والفشل. *** شيخنا الجليل.. انتظرنا دورا عالميا للأزهر بعد أحداث الإرهاب والتطرف في بلادنا, وفي أمريكا عام2001 وغاب الدور أو تأخر, وتضررت لذلك سمعتنا الدينية وعموم المسلمين. واليوم لايمكن أن ننتظر, نريد لسماحة الإسلام وعالميته وقدرته أن تظهر وتنتشر في كل المحافل والربوع.. لرجل الشارع في أمريكا وأوروبا والمؤسسات العالمية, وللجامعات, علي كل المستويات والمهن والطوائف, لتضع اليمينيين والمتطرفين, الذين ينتشرون في عالم اليوم, والذين مازال في قلوبهم بغض لديننا أو بقايا من تمييز عنصري ضد الشرقيين, تضعهم في مكانهم كأقلية منزوية وضعيفة تنسحب وتذهب بعيدا إلي غير رجعة, ليسود الاستقرار والسلم والأمان في عالمنا المعاصر. *** شيخنا الجليل الصوفي الورع أحمد الطيب.. نسيت في غمرة ترحيبي بقدومك, وبتطلعاتي لدورك المستقبلي أن أهنئك بمنصب, بل بمكانة مستحقة في سجل الخالدين لأزهرنا الشريف, وعذري أنني أعرف أنه في تلك اللحظات فإن أصحاب الهمة العالية أمثالك يضعون المسئولية قبل الموقع.