أتيحت لى فرصة المشاركة أخيرا، ضمن وفد إعلامى مصرى، متابعة وتحليل التحولات الكبرى التى يشهدها حلف شمال الأطلنطي، قبل انعقاد قمة «ويلز» فى بريطانيا، والانسحاب الوشيك من أفغانستان، ونتائج تدخل الناتو فى ليبيا، إلى جانب قضايا أخرى أصبح الأطلنطى معنيا بها. وجدت أن موقف «الناتو» إزاء جنوب المتوسط والشرق الأوسط يكشف التزاما وإصرارا لتطوير الشراكة مع سبع دول هي: مصر والجزائر والأردن وموريتانيا والمغرب وتونس وإسرائيل، وإن كانت الأخيرة سببا معوقا فى انطلاق فاعلية التعاون بسبب موقفها المتسلط إزاء عملية السلام وإنشاء الدولة الفلسطينية.. والشراكة بالنسبة للناتو، تعنى مساندة مجالات الاهتمام بالتشاور المكثف حول قضايا الأمن والمساندة فى مجالات تحديث الدفاع وتطوير القدرات ودعم برامج العمل ومناهضة الإرهاب من خلال عملية «أكتيف انديفور» حيث تقوم سفن الاطلنطى بمباشرة عمليات مراقبة فى المتوسط. وإذا كانت مصر تنتهج أسلوبا تقليديا فى تعاملها مع الأطلنطى آخذة فى الاعتبار معطيات أمنها القومى واستقلالها وانتمائها لعدم الانحياز وتحفظاتها على الأحلاف العسكرية ورؤيتها، أن التعاون الأطلنطى المتوسطى يجب أن يرتبط بعملية السلام. ولقد شهدت العلاقات الأطلنطية المتوسطية منعطفا مهما منذ تدخل الناتو فى ليبيا بطلب من الأممالمتحدة وعندما تواكبت قمة شيكاغو مع الانتخابات الرئاسية التى جاءت بمرسي، أكد الناتو أنه برغم التغييرات التى يشهدها المتوسط والشرق الأوسط فإنه سوف يقوم بتطوير الشراكة مع دول المنطقة ولا ننسى أن الشركاء فى المتوسط ومن بينهم مصر والأردن والمغرب اسهموا فى عمليات فى منطقة البلقان وليبيا وأفغانستان وأنهم قد استوعبوا منذ قمة لشبونة عام 2010 التصور الاستراتيجى الجديد التعاون الأمنى المدعم من خلال الشراكة مع دول ومنظمات العالم. ويرى الناتو عشية قمة ويلز أن أمنه وأمن الحلفاء مرتبط بأمن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ولذلك قام بمتابعة التطورات فى مصر والثورات العربية الأخرى ونشعر بالقلق إزاء ما يجرى فى سيناء إلا أن «الناتو» لا يتدخل فى أى قضية داخلية تمس مصر ويتمنى لهذا البلد ذى الثقل الكبير عملية سياسية ديمقراطية تؤدى إلى مستقبل أكثر استقرارا، ومصر بالنسبة لهم بلد محورى فى المنطقة العربية ويجب أن يقوم بعملية الاصلاح الاقتصادي، كما أن الاستفتاء على الدستور خطوة مهمة سوف تتوج بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية. «الناتو» عشية قمة ويلز يسعى إلى بناء قدراته ودعم إمكاناته فى مجال الدفاع الالكترونى والصاروخى لمواجهة آثار الأزمة المالية العالمية، وإذا كان ينهى حاليا مهمته فى أفغانستان فسوف يستمر فى مساندة القوات الأفغانية وإنما بتواضع.. لقد انتهى العهد الذى كان فيه لاعبا أساسيا فى غرب البلقان وأفغانستان ومهمة المقامرة التى قام بها للحفاظ على الشعب الليبى، وعشية قمة ويلز يأمل الناتو دعم تعاونه مع الشركاء ودول الشرق الأوسط التى نشرت قواتها فى أفغانستان ولعبت دورا مهما فى عملية التخلص من نظام القذافى وهى الامارات والأردن وقطر بمساهمة المغرب. ويبقى الشاغل الأساسى للناتو أوكرانيا، حيث يرى الحلف أن روسيا الاتحادية قد خرقت الاتفاقيات الدولية وتخطت الخطوط الحمراء، حيث إن حدود الدول لا تغير بالقوة العسكرية ولذلك سوف تستمر الأزمة بعض الوقت وسوف تلقى بظلالها على قمة ويلز لأن معالجة روسيا الاتحادية للأزمة الأوكرانية قد تجعل الشراكة مع الاطلنطى أكثر صعوبة. لقد استخلصت من زيارتى الأخيرة عدة حقائق أهمها، أن الناتو تدخل فى ليبيا بتفويض من مجلس الأمن الدولى بعد التشاور مع مجلس التعاون الخليجى وجامعة الدول العربية، وأن مسئولى الحلف يؤكدون أنه لا يخضعون لسيطرة الولاياتالمتحدة وأن تدخلهم فى البوسنة وكوسوفو وليبيا كان من أجل وقف سفك دماء الأبرياء. .. إن الحوار مع دول المتوسط سوف يبقى ثنائيا وأن اقتراح الناتو بالتعاون مع الدول العربية لمكافحة انتشار الأسلحة الخفيفة والصغيرة قد رفضته الدول العربية. وعلينا نحن أن نحمى حدودنا من تسريب الأسلحة القادمة من ليبيا لدعم الإرهابيين. كما أن الناتو لا يستطيع ولن يقوم بأى دور فى سوريا وسوف يستمر فى إجراء دوريات فى المتوسط لردع الإرهاب من خلال »درع المحيط« الذى تشارك فيه مصر. ويبقى القول إن الحلف له تعاون متأصل مع وزارة الخارجية ووزارة الدفاع من خلال الشراكة السياسية والعلمية، وأن مصر تقود مصالحها العسكرية والاستراتيجية والعسكرية بحرفية وذكاء فى إطار حفاظها على كرامتها الوطنية والمصالح العليا للأمن القومى المصرى. لمزيد من مقالات عائشة عبد الغفار