مثلما نجت "شهرزاد" بحياتها، تحدت "إيزابيل الليندي" الحزن والألم بالكتابة، فدخلت عالم الأدب وهى فى الخامسة والأربعين بعد أن نصحها الشاعر التشيلى الأشهر بابلو نيرودا بأن تترك الصحافة لأن خيالها كاف لصنع روائية، وكان أن كتبت "بيت الأرواح" إثر وفاة جدها، وتبعتها روايات مزجت فيها بين السحر والواقع والشجن والسخرية من القدر بروح مرحة لا تفارقها فى رواياتها، وترطب أجواء أحاديثها المتلفزة الممتلئة بالقفشات والنكات التى تعتبرها الليندى أصعب الأشكال الأدبية على الإطلاق. ورغم أنها وُلِدَت (1942) لأب سفير فى مجتمع ذكورى كاثوليكي، لعائلة محافظة عريقة وغنية، فإنها مهمومة بالفقراء والإنسانية المشتركة، محاورمعظم كتاباتها: العدالة، الوفاء، الحرية، العنف، الموت، تكتب عن الأحداث السياسية والاجتماعية، المشاعر، الأحلام، قوى الطبيعة، السحر، تشغلها هموم المرأة أينما كانت والأطفال. كما أن أبطال رواياتها هن نساء قويات ذوات عاطفة جياشة، مثل "روز مابيندو"– وهى تعنى الحب العظيم بالسواحيلي-وأبطالها لا تختلقهم، بل تراهم حولها فى كل مكان هذه المرأة المولودة فى بيرو، التشيلية الأصل، الأمريكية الجنسية فى الوقت الحالى، القويّة بإصرارها وعزيمتها لمواجهة جميع التحديات بلا خوف، تأسرك بحديثها عن سيرتها الأدبية بدءًا من "بيت الأرواح" التى كتبتها عن جدتها "ميمي" وجدها "تاتا"، و"عن ظلال الحب" تلك القصّة الواقعية التى تحكى كيف هربت من حياتها الزوجيّة التى انتهت بالانفصال عن زوجها "ميشيل" (والد ابنتها "باولا" وابنها "نيكولاس") وهو كتابً ملىء بالحب والحديث عن السياسة . كما تحوى روايتها "إيفا لونا" قصصاً حقيقية وشخصيات من الواقع، فشخصياتها أناس طيبون ذوومنطق سليم، يرتدون برحابة صدر اثواب المآسى والأحزان، وربما يكونون صعاليك خارجين عن القانون، مغامرين، غرباء، ومتمردين يتساءلون، يعدلون القوانين، ويقدِّمون على المجازفة. تأثرت "الليندي" برموز الأدب العالمى مثل: "جابرييل جارسيا ماركيز"و"بابلو نيرودا"، كما تأثرت بقصص "ألف ليلة وليلة" التى قرأتها فى صباها، فانعكس كل هذا على إبداعها، الذى عبر عن مخزونها الفكرى والإنسانى لترحالها بين الشرق والغرب، فاختزنت فى ذاكرتها حكايات وتفاصيل دقيقة، تحولت إلى خبرات رائعة تلون صفحات رواياتها بالتفرد. ورغم تخطيها السبعين عامًا لازالت "الليندي" تنبض بروح الشباب والحيوية والإبداع فكان آخر أعمالها "دفتر ماريا"، الذى احتفى به كثير من النقاد والصحفيين معتبرين الليندى من أهم الكاتبات فى العالم والتى لا يمر عام دون أن يدرج اسمها فى قائمة المرشحين لنوبل، التى لابد ستأتى بعد أن حصدت المرأة العديد من الجوائز الأدبية المهمة.