أينما وليت وجهك فى الوطن العربي تجد كنوزا تاريخية لم تصل إليها أعين المرتحلين ولا أقلام الكتاب والصحفيين لتنقلها عبر صفحات الجرائد وشاشات الإعلام المشغولة بمتابعة كل ما هو غربي وأجنبي، لتكتشف أن قليلا من أبناء العالم العربى الممتد من المحيط إلى الخليج يعرفون حجم الإرث التاريخى الرائع لدولة مثل سلطنة عُمان ، ذلك البلد الساحلي الكبير الهادئ الذى يتمتع بحضارة بكر تعد الوحيدة بين دول منطقة الخليج التى تجاوزت إطارها الإقليمي في القرن السادس عشر الميلادى إلى شرق إفريقيا والسواحل الإفريقية في زنجبار، وإلى شبه القارة الهندية في إقليم بلوشستان. تركت هذه الحضارة تنوعا كبيرا وتفرداً تراثياً فى الفنون والملابس والأطعمة والثقافات واللهجات المحلية والتراث المعماري المتمثل في أكثر من 500 قلعة وحصن على سواحل السلطنة، وآثار تاريخية يتجاوز عمرها 7 آلاف عام. وقد تجلت ملامح هذا التراث التاريخي الثري في الدورة الرابعة عشرة من مهرجان مسقط والذي اختتم فعالياته بالأمس، مقدما إطلالة صادقة لما تتمتع به سلطنة عمان من تاريخ لم يتم تسليط الضوء عليه بالصورة الكافية، ومخاطبا العالم برسالة سلام وتعايش. ويقام المهرجان سنوياً منذ انطلق في 1998 خلال شهر فبراير الأروع طقساً في مسقط، بهدف الترويج للتنوع الثقافي والتاريخي للسلطنة. ويقام المهرجان بجهود مكثفة لوزارات الدولة ومؤسساتها ولاسيما بلدية مسقط برئاسة المهندس "محسن بن محمد الشيخ"، وحول هذه الجهود يقول سيف الرشيدى مدير العلاقات العامة بالبلدية:" نجح المهرجان فى أن يروج للسلطنة وتراثها، حتى صار واحدا من أهم المهرجانات الثقافية والتراثية، وهو أمر آخذ في التنامي باطراد ويظهر من خلال الزخم الإعلامي العالمي الذى يواكب المهرجان في كافة فعالياته ووصول الإشغالات الفندقية إلى نسبة 100% في أثناء انعقاده "، مشيرا إلى أن مسابقة "طواف مسقط" للدراجات يتم نقلها تليفزيونياً فى 180 دولة عبر 4 آلاف ساعة بث تليفزيونى، حيث يظهر هذا الطواف الجماليات التاريخية والطبيعية والمعمارية للسلطنة. وقد نجح مهرجان مسقط فى إقامة قاعدة جماهيرية محليا وخارجيا تزداد اتساعا سنة تلو الأخرى، وأقيم هذا العام فى أشهر حدائق السلطنة ( العامرات والنسيم بالعاصمة مسقط) وسط مشاركة دولية واسعة شملت 62 دولة، وقدم مشاهد بانورامية متكاملة من الحياة فى المجتمع العمانى، وضمت بعض أقسامه أشهر الأطعمة العُمانية وكذلك نماذج من الأزياء، وعروض فنون تقليدية تشارك فيها ولاية كل يوم لتقديم أشهر ما لديها، فضلا عن الاستعراضات المبهرة التى قدمتها الفرق العربية والعالمية.