في البداية لا يتوقف الأديب جمال الغيطاني عند حد المطالبة بضرورة إطلاق حرية الإبداع والتعبير, وقال جليا:( مجلس الشعب الجديد لا يجعلني آمل في طرح قضايا تخدم الثقافة, بل قد ينفرد لغلبة التيار الديني عليه بتشريع قوانين مقيدة للحريات, من الضروري مقاومة هذا والتصدي له, وأؤكد أن علي المثقفين أن يتحدوا في مواجهة ذلك, من جانبي سألبي المبادرة التي تدعو إلي مسيرة يوم 23 يناير من المجلس الأعلي للثقافة إلي البرلمان, لإعلان موقفنا تجاه ما يهدد الثقافة والهوية المصرية, والدعوة إلي ضرورة الحفاظ عليها, وعلي التراث المصري. الكاتبة فتحية العسال مضت قدما في هذا الأتجاه, قالت: تكونت جبهة الإبداع المصري من خمسة عشر اتحادا وجمعية ونقابة فنية, للدفاع عن حرية الرأي والفكر والتعبير, وحق العقل, وأضافت: الجبهة عقدت أول مؤتمر لها بنقابة الصحفيين, وخرج عنه هذا المؤتمر بيان يطالب بحق الشعب في حريته, خاصة الإبداع والفكر دون أي رقابة, وضرورة مشاركة المثقفين في الجمعية التأسيسية لوضع الدستور.. أهم القضايا.. حرية الإبداع ويقول الدكتور عاطف العراقي أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة إن أهم القضايا مطلقا هي( حرية التعبير في جميع الوسائل الثقافية والإعلامية), مما يستدعي ضرورة أن تكون قضية عدم تقديم المبدعين والمفكرين وأصحاب الرأي والفن لأي نوع من أنواع المحاكمة, وأن تناقش كل شئونهم ومشكلاتهم من خلال نقاباتهم, وألا يكون لغيرها أي سلطان عليهم- علي رأس القضايا, ويتفق معه في هذا الرأي كل من الدكتور حسن البنداري أستاذ البلاغة والنقد بجامعة عين شمس, مطالبا بإطلاق حرية الفكر والإبداع, وألا يتعرض المبدع لأي قيد من أي نوع, وأن تتلاشي تماما كل أنواع الرقابة, ولا تتدخل الدولة في هذه الحرية بأي حال, ويؤكد الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد هذه القضية قائلا: هناك مهمتان أساسيتان يجب أن تكونا في صدارة القضايا الأولي عدم المساس بحرية التعبير والإبداع, وإطلاقها حرة من أي قيود, لأن أي قيد في هذا المجال سيحرم مصر من فضيلة أساسية أعطتها مكانتها, وامتيازها في العالم الخارجي, هي أن قوتها الناعمة نابعة من ثقافتها.. ويؤكد د. طارق عبد الباري الاستاذ بجامعة عين شمس بعبارة قاطعة:( لا شك أن أهم القضايا التي يتعين علي اللجنة الثقافية أن تناقشها هي حرية الإبداع) وعلي الخط نفسه يقول الشاعر مسعود شومان إننا بحاجة إلي دستور ثقافي يحدد المباديء العامة المتعلقة بحرية الفكر والإبداع ويضعها بندا أول في الدستور الجديد, وباختلاف يسير في العباراة قال الدكتور حامد طاهر الاستاذ بجامعة القاهرة: أتوقع أن يؤكد الدستور المقبل حرية التعبير, حيث لا يرد علي كتاب إلا بكتاب, ولا مقالة إلا بمقالة, وأن تزول تماما فكرة تقديم أصحاب الفكر إلي المحاكمة بأن ترفع ضدهم قضايا أو أن يتعرض أي منهم للسجن. التعليم.. والأمية و يقول د. حسن البنداري: لاثقافة حقيقية بلا تعليم جيد, ومع هذه الرؤية يتفق الدكتور عبدالقادر الجندي,( مركز اللغات والترجمة). قائلا: التعليم علي أسس سليمة مفتاح خلق أدوات وآليات الثقافة السليمة, وتطوير العملية التعليمية ينتج تعدد المفاهيم الثقافية, ويوسع مجالاتها.. نحن بحاجة إلي ثقافة مجتمعية شاملة نكسبها لأطفالنا بدءا من مرحلة تعليمهم الأساسي. الفكرة نفسها لمسها الدكتور مصطفي الفقي في دعوته إلي أن يكون التعليم مرجعية ثقافية للجميع, علي أن يكون أكثر حداثة وتواكبا مع روح العصر. غير بعيد عن هذه الفكرة دعوة الدكتور حسني السيد إلي ضرورة أن تتعاون كل الهيئات والمؤسسات والوزارات للقضاء علي الأمية متسائلا:, كيف لمجتمع أن يتقدم ثقافيا وبه هذه النسبة المخجلة من جيش الأميين. كما تدعو د. فردوس البهنساوي بآداب أسيوط إلي استراتيجية مدروسة وخطة عاجلة لمحو الأمية, وينضم إليهم الشاعر أحمد سويلم قائلا: أتمني أن تضع اللجنة الثقافية في صدر أولوياتها خطة قومية فاعلة للقضاء علي الأمية بكل مانملك من وسائل. لأنها كما يقول الكاتب مكرم محمد أحمد معضلة تمثل عوارا في المجتمع المصري, وهو مايستلزم وضع برنامج زمني برعاية الدولة لمواجهة هذه المعضلة, لافتا أيضا إلي أهمية عدم إغفال مواجهة أمية المثقفين والمتعلمين. التعاون الثقافي الوثيق ويدعو الدكتور عاطف العراقي إلي ضرورة تغيير خطط عمل المؤسسات الثقافية, بحيث يتحقق التواصل والتعاون الوثيق بينها, وحتي تتحقق هذه الرؤية يدعو العراقي إلي أن يكون أعضاء اللجنة الثقافية بمجلس الشعب أعضاء أيضا في مجالس إدارات المؤسسات الثقافة, حتي تتوافر لديهم المعلومات والرؤية الشاملة وضرورة التدقيق في اختياءأعضاء اللجنة الثقافية بالمجلس, بحيث يكونون من المستنيرين, أصحاب الفكر المعتدل, البعيدين عن التشدد أو الفكر الظلامي, وتوافقه الرأي د. فردوس البهنساوي. نظام جديد ويدعو الدكتور حامد طاهر إلي أن تتبني اللجنة الثقافية بمجلس الشعب الدعوة إلي نظام وزاري جديد يخلو من وزارة الثقافة ووزارة الإعلام, وأن تنشأ بدلا من كل منهما هيئة تختص بالجوائز, وأخري للمراكز الثقافية بالأقاليم, لكن الدكتور العراقي يدعو صادما إلي إلغاء( قصور الثقافة) معللا ذلك بأنها لا تأثير لها في الواقع الثقافي, وعلي الضد من هذه الدعوة يري الشاعر مسعود شومان وجوب مناقشة بند دعم قصور الثقافة وزيادة ميزانيتها من خلال اللجنة الثقافية بالمجلس, لأن هذه القصور هي العقل الحقيقي الذي يحدث التنمية الثقافية, ويبني الوعي في مواجهة أي أفكار أو تيارات تتبني التشدد أو تنتهج التطرف. مشروعات قوانين ويري هؤلاء المثقفون الإعلام أنه كان من المهم أن تناقش اللجنة النقابية القضايا التي تناولوها في الأسطر السابقة, فإنه لابد لكي للنقاش أو الطرح معني من أن تتبلور المناقشات إلي مشروعات بقوانين للقضايا الأكثر أهمية. من جانبه يدعو الدكتور عاطف العراقي إلي ضرورة صياغة مشروع قانون يضمن( عدم الخلط بين الدين والسياسية) ومشروع قانون لإلغاء جائزة النيل, لأنها في رأيه غير ذات معني ولا قيمة, متسائلا: عندنا جائزتان تشجيعية وتقديرية, والتقديرية هي أعلي جائزة, فما الداعي لإفقاد الجوائز معانيها بالإكثار منها, أما عقل فيتوقع صدور قانون متوازن شامل لإعادة هيكلة مؤسسات وزارة الثقافة, خاصة المجلس الأعلي, بما يضمن تعميق دوره وتأثير جهده. ويعتقد الدكتور طارق عبد الباري أن أهم مشروعات القوانين هو( حماية المبدعين والمفكرين والكتاب من أي لون من ألوان الحجر علي الرأي أو الفكر, أو البطش بهم من أي جهة كانت) داعيا كل نقابة مهنية, خاصة نقابات مهن الرأي إلي وضع ميثاق شرف يضمن حماية أعضائها, ويشارك د. حسني السيد في تأكيد هذه الفكرة بقوله:( يجب سن القوانين والتشريعات التي تتيح للمبدع أن ينطلق في آفاق الفن والإبداع والإعلام دون قيود تحجم من فنه وإبداعه أو تعوق أنشطته الإبداعية). وبينما يدعو د. مصطفي الفقي إلي ضرورة وضع( تشريع ثقافي يقلل من حالات السلوك السلبي ويرسخ لتاريخ الشعب المصري ذي الحضارة) يري مكرم محمد أحمد ضرورة وضع تشريع لمحاربة الأمية والقضاء عليها نهائيا. وعلي جانب آخر يحذر الغيطاني من أن المجلس الجديد قد ينفرد بتشريع قوانين مقيدة للحريات بسبب غلبة التيار الديني فيه, داعيا إلي ضرورة التصدي لذلك إن حدث. ويؤكد الشاعر مسعود شومان أننا بحاجة إلي( دستور ثقافي يحدد المبادئ العامة المتعلقة بحرية الفكر والإبداع, وأن تكون تبدأ أول في صياغة الدستور الجديد, وفي المقابل يري الناقد عبد الستار محمود ضرورة التشديد علي تشريع للحماية الفكرية, وأن يكون مصريا خالصا, وعلي تشريع آخر يحدد العلاقة بين الفهم الديني والثقافي للنصوص الفكرية, مشددا علي أحترام الدين, وعدم التطاول عليه أو المساس به من قبل بعض الكتاب. ويدعو الدكتور العراقي إلي الأنتباه إلي أهمية وضع تشريع ينص علي( التسامح الديني) محذرا من ظاهرة( البترو فكر) ويعني بذلك جماعة ما يسمي( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) قائلا لقد قابلت بعضهم... وأخشي من عواقب أفكارهم, وهذه قضية شديدة الأهمية. وأخيرا يجمل الدكتور محمد عبد المطلب كل هذه القضايا في حرية الإبداع والفن, ولا قيد عليهما, إلا قيد العدوان علي الآخر أيا كان, وفصل الدين عن الفن والإبداع, وهذا ليس بدعا في تاريخ الثقافة العربية, ومنح الشباب فرصة تولي المناصب الرئيسية, وهو ما يقتضي إلغاء السنة القبيحة التي سيطرت في الماضي: انتداب قيادات الثقافة من خارج وزارة الثقافة. أما القوانين, فهي كثيرة, وأكتفي بثلاثة قوانين: الغاء وزارة الثقافة, حتي لا تكون الثقافة, ثقافة رسمية, تخدم السلطة فحسب. وتعديل قانون جوائز الدولة, وتحويل اللجنة العليا, إلي لجان متخصصة. ويمكن إصدار قانون للعزل الثقافي, لكل من وظف الثقافة لخدمة السلطة, وخدمة التوريث, فكثير من هؤلاء يتصدرون الواقع الثقافي الآن.