«مبدئي الأساسي، كفنان شرقي، أن أرسم الطبيعة كما أراها بوعيي، لا كما تراها عيني». اختار محبو حامد عبد الله (1917-1985) هذه المقولة للفنان، والممهورة بتاريخ 1960، لتكون هي المفتاح للدخول إلى عالمه الفني الثري والتعرف على حياته وأعماله في كتاب «الرسام عبدالله». حيث يكشف هذا التعبير، ليس فقط عن روح المعاصرة في أعمال الفنان الذي رحل منذ 29 عاما ولا تزال أعماله صالحة للدهشة، ولكن أيضا عن البعد الروحاني للفنان الشرقي الذي وصفه الناقد التشكيلي الأكبر بدر الدين أبو غازي بأنه «أسس مدرسة فنية مصرية جديدة لها شخصيتها وقوانينها وفلسفتها». عكف الخبير الفني كريم فرنسيس بمساعدة أسرة الفنان، زوجته وابنه سمير، طوال ست سنوات على تحرير وجمع مادة الكتاب، من مقتنيات الأسرة في فرنسا التي تزيد عن 1400 عمل فني، وكتاباته التي عثر عليها في كشاكيله و في الصحف المحلية والعالمية وشهادات النقاد المصريين والأوربيين حول فنه وجمعوها لأول مرة في كتاب مصور باللغات العربية والفرنسية والانجليزية، وعهدوا بالجزء النقدي إلى رولا الزين المختصة في أعمال عبدالله. وكانت ثمرة هذه الجهود، فضلا عن التحضير لمعرض استعادي في نوفمبر 2014، هو إقامة حدثين فنيين حول حامد عبد الله، بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية وسفارة فرنسا بالقاهرة، الأول بعد غد الأحد 16 فبراير، حيث يتم عرض 25 من أعمال عبدالله بمتحف الفن الحديث، وهي من مقتنيات المتحف التي لم تحظ باكتشاف الجمهور لها منذ 20 عاما، وتقديم الكتاب في حضور أسرة الفنان والناقد عز الدين نجيب والفنان ناصر سومي. أما الاحتفال الثاني في 18 فبراير، فيكون بكشف النقاب عن لوحة فنية ضخمة (14 متر x 1 متر) أشبه بالعمل المركب، وذلك في حديقة السفارة الفرنسية بالقاهرة. فعلى الرغم من ارتباط الفنان حامد عبدالله الوثيق بالبيئة والروح المصرية في أعماله، وعلى الرغم من مواقفه المعارضة للسياسات المصرية منذ الخمسينيات، إلا أنه دفع الثمن باهظا في اعتراف الغرب به وعدم اكتشاف الجمهور المصري له. حيث يؤكد كريم فرنسيس أن أعمال حامد عبدالله تضاهي في مستواها الفني وفي ريادتها وحداثتها أعمال عبد الهادي الجزار وحامد ندا. انتقل حامد عبدالله في مراحل فنية مختلفة كان عمادها إحياء الفن المصري القديم وإضفاء روح الحداثة عليه، فتميزت لوحاته في بداية الثلاثينيات بمجموعات الألوان المضيئة المستمدة من البيئة المصرية وبالرموز الشعبية، وهو الابن الأكبر لعائلة فلاحية متواضعة، كبر في حي الروضة وتناول في أعماله الحياة اليومية في شوارعها ومقاهيها، وتصدر موضوعاته الفلاحون والبسطاء، والثورة والمساواة بين المرأة والرجل. وفي الأربعينيات بدأ في عمل الجداريات الضخمة التي تغلب عليها روح التجريب، ثم أصبح أكثر ميلا إلى التجريد في الخمسينيات وكانت له أعمال مهمة في ربط الحروف العربية بالأشكال التعبيرية. تمتد فعاليات معرض مجموعة الفنان حامد عبدالله بمتحف الفن الحديث بالقاهرة – في رحاب دار الأوبرا – حتى الأحد 2 مارس (من الساعة 5 حتى 9 مساءً).