أمام احدى اللجان الانتخابية للاستفتاء على الدستور الجديد، وجه عمدة قرية بمحافظة الشرقية، معروف بإنتمائه السابق للحزب الوطنى المنحل، صفعة قوية لشاب اخواني، وقف ينتظر بهدوء دوره للإدلاء بصوته، ثم طرده من طابور الناخبين! فهل يمكن أن أن يعود رجالات مبارك بالفعل إلى المشهد السياسى فى مصر »الجديدة»؟ السطور المقبلة تستعرض الواقع الحالى لكبار رجال النظام، ممن كانت السياسة هى «لعبتهم» لسنوات وعاود بعضهم الظهور مؤخرا فى الحياة العامة، مما أثار الشكوك والجدل، فهل يمكن أن يكون هؤلاء قد فكروا حقا مثل عمدة القرية فى «حلم العودة»؟! أحمد عز.. الرجل القوى فى نظام مبارك، كان يوصف يوما بأنه الرجل الذى يدير البلاد بالفعل، لاسيما فى المرحلة الاخيرة من الحزب الوطني، مرحلة «فكر جديد» وكانت اتصالاته المباشرة بالرئيس، من البهو الفرعوني، خارج قاعة مجلس الشعب، تسهم فى توصية القرار السياسي، إما بفك احتقان، أو دفع الأمور فى اتجاهات محددة سلفا، والآن .. أين أحمد عز؟! محكمة جنايات الجيزرة قررت مؤخرا رفض التظلم الذى تقدم به «عز» على قرار حبسه احتياطيا، فى قضية الاستيلاء على أسهم شركة الدخيلة، وبالتالى فانه سيظل محبوسا حتى أشعار آخر، خلال نظر القضية للمرة الثانية، بعد أن كانت محكمة النقض قد ألغت الحكم الاول الصادر ضده بالسجن المشدد لمدة 37 عاما.
وفى ظل تعدد القضايا المتهم فيها عز، والأنباء التى تشير إلى تدهور حالته الصحية، سواء كانت صادقة أم كاذبة، فان السؤال هو.. متى وكيف يمكن أن يعود أحمد عز إلى المشهد السياسى فى مصر الجديدة؟! فتحى سرور.. حالة أخرى تماما، هو أستاذ القانون المخضرم، وصاحب أطول فترة فى الجلوس على عرش رئاسة برلمان، ظهر مؤخرا بعد خروجه من السجن متحدثا فى ندوة بالجمعية المصرية للاقتصاد والسياسى والاحصاء والمثير أن موضوع الندوة كان «مكتسبات الشعب بعد ثورة 30 يونيو»! فهل يسعى سرور بذلك إلى العودة إلى المشهد السياسي؟! الاجابة القاطعة هى «لا» ليس فقط لانه أكد ذلك للدكتور سعد الدين إبراهيم، وفقا لما صرح به الأخير، بل لأن «الذكاء» هو احدى صفتين يمكن اعتبارهما مفتاح شخصية فتحى سرور، ولكن لماذا ظهر اذن؟ الاجابة تتبع من الصفة الثانية له، وهى «التحدى والاعتداد بالنفس» فسرور يعتز بنفسه كرجل قانون له مراجع ودراسات لا مجرد سياسى وهو كقانونى اياضا يمكنه أن يتحدى يعتبر أن من حقه ممارسة حياته العادية فى المجتمع طالما أنه لم تتم ادانته أمام القضاء، لكن ذكاءه يوقفه بلا شك عند هذه النقطة، وداخل هذه الحدود ليقتصر «حلم العودة» بالنسبة له على مجرد التحدث ف يندوة أو الادلاء بتصريح مقتضب، دون التفكير فى دخول المشهد السياسى فى أى باب كان. ولعل نفس هذا الذكاء هو ما دفع سرور إلى أن يقول يوما لاحد المقربين منه، تعليقات على موقف سياسى احتمل نوعا من المواجهة بينه وبين كمال الشاذلى البرلمانى المخضرم، «أنا مش قد كمال ياعم» رغم أن الشاذلى كان زعيما للأغلبية فى برلمان يرأسه سرور، فهل يمكن اذن أن يعتبر فتحى سرر نفسه اليوم «قد مصر الجديدة»؟ زكريا عزمي.. ساكن القصر، محل ثقة مبارك وذراعه الطولى عبر سنوات، كان أكثر من أثار اجدل مؤخرا بوقوفه فى طابور الناخبين بلجنة مدرسة القاهرة الحديثة التجريبية بالتجمع الخامس للتصويت على الدستور بعد خروجه من السجن أيضا، ورحت صحف صفراء تنسج قصصا عن أن دائرة حلمية الزيتون قد تكون «بابا خلفيا» لعودة عزمى إلى الحياة السياسية، إلا أن هذه الصحف ذاتها أكدت وفقا لرواياتها أن عزمى حاول عبر مقربين منه «جس نبض» أهالى الدائرة حول امكانية ترشحه فى البرلمان المقبل، لكنه لم يجد سوى الرفض التام لذلك. وفى ضوء ذلك فان التفسير الذى نراه مقبولا لظهور عزمى مؤخرا «ناخبا لا نائبا» هو سعيه إلى نفى شائعات ترددت حول اصابته بالعمي، وما يؤيد ذلك هو أنه رفض التحدث يوم الاستفتاء بكلمة واحدة لاى صحفي، فقد تحقق غرضه فى الظهور «سليما» وتلك هى أقصى «أحلام العودة» بالنسبة لرجل مبارك «الداهية » زكريا عزمي. وقبل الختام يبقى الرجل الأهم فى نظام مبارك صفوت الشريف قال عنه فى السابق أكثر من كاتب صحفى معارض عندما يتحدث هذا الرجل فاننى أنصت اليه جيدا لأعرف ماذا سيفعل النظام وكيف تسير البلاد، وبنفس المنطق فانه يمكن القول ان النظر إلى وضع الشريف الآن ربما يكشف حقيقة «حلم العودة » بالنسبة لكل رجالات النظام القديم، فالشريف اختار اليوم الجلوس فى منزله، بعيدا عن كل الاضواء مكتفيا بكونه خارج أسوار السجن، مدركا لحقيقة راسخة يعلمها الكبار لا الصغار من رجال مبارك مفادها أن الماضى لايمكن أن يعود.