بات واضحا أن استرداد الأموال المصرية المهربة إلى الخارج ليس مسألة سهلة، وسوف يستغرق وقتا، قد يطول، وقد يقصر، إلا أن الأمر المؤكد أن هذا الملف سيظل مفتوحا إلى أن نعرف مصير هذه الأموال، وما حجمها بالضبط. وخلال الساعات الأخيرة، شهد موضوع الأموال المهربة هذا تطورين مهمين: أولهما: إعلان النائب العام السويسرى أنه سيطلب من السلطات المصرية ما توفر لديها من أدلة لجرائم تتعلق بغسل الأموال قام بها عدد من رموز النظام الأسبق، نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك.. والتطور الثانى هو ما كشفته الشرطة البريطانية «سكوتلاند يارد» من أنها ستوفد إلى القاهرة خبيرة بريطانية متخصصة فى تعقب الأموال التى هربت بشكل غير مشروع من مصر، لمعرفة كيف تم تهريب هذه الأموال. والقاسم المشترك بين هذين التطورين هو ضرورة تعاون السلطات القضائية المصرية حتى يمكن إقناع الأطراف الخارجية بجدية الحكومة عندنا فى هذا الشأن، وربما يكون من المفيد هنا التذكير بثلاث حقائق حول هذا الملف.. أولا: أن عمليات تهريب الأموال تمت بمنتهى الذكاء والخبث، وجرى إدخال هذه الأموال فى مشروعات مهمة فى الدول المستقبلة للأموال، ويترتب على ذلك ضرورة معرفة تفاصيل عمليات التهريب بمنتهى المهارة والتدقيق، إذ لا يكفى أن نقف لنصرخ: »إمسك حرامي«، بل يجب أن نثبت بالدليل القاطع أنه فعلا »حرامي«. وثانيا: إن هذه المتابعة تتطلب فريق عمل مصريا مدربا، ويجيد اللغات، ويحفظ قوانين الدول الأخرى عن ظهر قلب، حتى يمكننا إقناعهم بأن هناك أموالا تمت سرقتها، وكيف وقعت السرقة، ولا مانع فى هذا الصدد من الاستعانة بخبرات وكوادر من هذه الدول نفسها.. وثالثا: أن نظل نلح ونتمسك بحقنا الضائع، ولا يكفى أن نكتب عن الموضوع فى صحافتنا نحن، أو فى وسائل إعلامنا التى لا يتابعها إلا »نحن«، بل يجب إسماع أصواتنا لوسائل إعلام هذه الدول التى تم إليها نقل الأموال. لكن يبقى أن الأمر المؤكد هو أنه »ما ضاع حق وراءه مُطالب«، وكم من دول سرقها حكامها، ونجحت بعد ذلك فى استرداد هذه الأموال، أو بعضها على الأقل. ولذلك فإن مصر سوف تسترد أموالها طال الزمن أو قصر. لمزيد من مقالات رأى الاهرام