يبدو أن الأحداث الساخنة تلاحق رئيسة الوزراء الحسناء ينجلوك شيناوترا, ففي الوقت الذي تعج فيه بلادها بالمظاهرات والاحتجاجات, تلاحقها فضيحة مدوية عن انتهاجها سياسات أضرت الاقتصاد التايلاندي بخصوص خطة دعم مزارعي الأرز, والتي تحتل به تايلاند الصدارة الأولي في قائمة الدول المصدرة للأرز في العالم. يأتي ذلك اثر إعلان لجنة مكافحة الفساد بتايلاند أنها ستحقق في تعامل الحكومة التايلاندية مع سياسات الأرز والتي تتضمن شراءه من المزارعين بثمن أعلي بكثير من سعر المحصول في السوق العالمي هو أمر من شأنه تشجيع الفساد, هذا البرنامج الذي تم إطلاقه عام2011, والذي تبناه حزب بيو تاي الحاكم أطلق هذه السياسة بهدف دعم المزارعين وتجنيبهم تقلبات الأسواق, وكان هذا البرنامج أحد العناصر الأساسية في الحملة الانتخابية التي أدت إلي نجاح حزبها في انتخابات يوليو2011, إلا أن انتهاج هذه السياسات أدي إلي وجود مخزون ضخم من المحصول لم تتمكن الحكومة من بيعه. شيناوترا التي تشغل أيضا منصب رئيسة اللجنة الوطنية للأرز باعتبارها رئيسة الوزراء, تواجه في الوقت نفسه تهمة أخري وهي تساهلها في التعامل بشأن صفقة تصدير فائض الأرز إلي الصين, ومن ضمن المتورطين في هذه القضية وزير التجارة السابق وأكثر من عشرة مسئولين آخرين,وفي حال أدين هؤلاء فستضطر ينجلوك شيناوترا إلي الاستقالة. كل هذه التطورات من شانها أن تعزز من سقوط حكومة ينجلوك شيناوترا خاصة مع ازدياد الاحتجاجات التي تسود البلاد للضغط علي الحكومة وإجبارها علي الاستقالة, خاصة بعد تشجيع زعيم المظاهرات المعارضة للحكومة في تايلاند سوثيب ثاوجسوبان المتظاهرين علي محاصرة كافة المكاتب التابعة لوزارة المالية في إطار خطة شل العاصمة عبر إغلاق الطرق الرئيسية ومحاصرة المقار الحكومية لمنع الموظفين من أداء مهام عملهم, وذلك في مسعي إلي إجبار حكومة شيناوترا علي التنحي قبل الانتخابات المقبلة, خاصة ان حزب بويا تا يتمتع بتأييد واسع النطاق في شمال وشمال شرق البلاد الذي يزدحم بالسكان ويعد من أفقر مناطق تايلاند. ورغم تصاعد وتيرة الإحتجاجات في الفترة الأخيرة, إلا أن موقف شيناوترا مازال ثابتا, حيث أكدت في أكثر من مناسبة تمسكها بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد بالثاني من فبراير المقبل, بدعوي عدم وجود سند قانوني يسمح بإرجاء الانتخابات, علاوة علي تأكيدها عدم نيتها التنحي عن منصبها, مشددة علي أنها تقوم بواجبها من أجل الحفاظ علي الديمقراطية في البلاد. هذا الثبات في المواقف انعكس أيضا علي موقف الجيش التايلاندي, بعد أن حث المعارضة والحكومة التايلاندية علي الجلوس إلي طاولة الحوار للخروج من الأزمة الحالية التي تعصف بالبلاد, وذلك بعدما دعا القائد الأعلي للقوات المسلحة تاناساك باتيماباكورن في تايلاند طرفي الأزمة السياسية في البلاد التي طال أمدها علي تسوية خلافاتهما, وقال تاناساك في تصريحات إعلامية مؤخرا إن العلاقة بين الحكومة والجيش طبيعية, وينبغي أن نحترم القانون والنظام, وأنه شخصيا يحترم القانون ويحترم جميع الأطراف ويطالب جميع الأطراف بأن تلتقي وتجري محادثات لإيجاد حل. ولكن يبدو أن تسارع الأحداث دفع الحكومة لفرض حالة الطوارئ في العاصمة بانكوك والمحافظات المحيطة بها لمدة ستين يوما مما سيعطي الحكومة سلطات واسعة للتعامل مع الاضطرابات ومراقبة وسائل الإعلام.