أراد حاكم أن يعرف أحوال شعبه بنفسه, فارتدي ملابس بسيطة وخرج من قصره متنكرا.. سمع الحاكم الناس يتحدثون كثيرا عن الحظ السيئ.. التاجر يأسف علي حاله قائلا: لم أعد أكسب شيئا بسبب حظي السيئ! ... والفلاح يتحسر: محصولي قليل هذا العام بسبب سوء حظي!... والصانع يشكو: كل الأشياء التي أصنعها تفسد بسرعة لأن سوء الحظ يلازمني! فلما رجع الحاكم إلي قصره استدعي اثنين من رجاله, همس لهما بأمر طلب أن ينفذاه بدقة. وفي الصباح التالي توجه إلي شرفة قصره, فلما رأي حجرا كبيرا يتوسط الطريق ابتسم في ارتياح ورضا, وجلس حيث يراقب المارة ولا يراه أحد. اقتربت في الطريق عربة محملة بأكياس القمح يجرها بغل قوي, فلما رأي سائق العربة الحجر أوقف العربة, فظن الحاكم أن السائق سيرفع الحجر من طريقه. لكنه بدلا من ذلك سحب البغل ليواصل السير إلي جانب الطريق, فاحتكت العربة بجدار البيت المجاور وتمزق أحد الأكياس وتبعثر ما فيه من قمح والسائق يصيح: يا للحظ السيئ الذي أصابني هذا الصباح!.. لكنه ترك الحجر مكانه ومضي... بعد وقت جاء فتي رياضي يردد نشيدا وطنيا في فخر وكبرياء, لكنه لم يتنبه لوجود الحجر فاصطدمت به قدمه ووقع علي الأرض, فقام من سقطته ساخطا: أي حظ سيئ قابلني اليوم!, لكنه ترك الحجر في مكانه وابتعد... ثم أقبلت جماعة من التجار مع تجارتهم علي ظهور خيولهم, فلما شاهدوا الحجر احتجوا: ألم يمش أحد قبلنا من هنا ليبعد هذا الحجر ويفسح الطريق ؟!.. ثم واصلوا طريقهم تاركين الحجر في مكانه!! ظلت الأمور علي هذا النحو أياما بغير أن تمتد يد تحاول إبعاد الحجر وإخلاء الطريق, عندئذ أرسل الحاكم رجاله فاستدعوا أفراد شعبه لاجتماع أمام قصره. عندما اجتمع عدد كبير, نزل الحاكم فأفسحوا له طريقا حتي وصل إلي مكان الحجر.. نظر إلي شعبه في تأنيب وهو يقول: مضي علي وجود هذا الحجر في هذا المكان ثلاثة أسابيع.. كلكم تضايقتم من وجوده ولعنتم الحظ السيئ, لكن أحدا لم يحاول إبعاده جانبا ليفسح الطريق... ثم توقف لحظة وأضاف: إنني أنا الذي أمرت بوضع هذا الحجر, وهو ليس ثقيلا كما ظننتم.. انظروا... واقترب الحاكم من الحجر ودفعه بكلتا يديه فتدحرج, وإذا به مجوف خفيف الوزن لا يحتاج إلي مجهود كبير لإبعاده, وظهر من تحته صندوق صغير, أمر الحاكم أحد الواقفين بفتحه فظهرت من داخله رسالة مكتوب فيها: من يدحرج هذا الحجر فله مكافأة مقدارها ألف قطعة ذهبية. أحس أهل المدينة بالأسف وكل واحد يؤنب نفسه: لماذا أخذت ألقي اللوم علي الحظ والآخرين ؟!.. لو كنت قد دحرجت الحجر لكانت الجائزة من نصيبي.. هل كان سبب ضياع الجائزة مني هو تقصيري وعدم إحساسي بالمسئولية, أم حظي السيئ ؟