لم أتوقع على الإطلاق أن نذهب إلى السودان، بعادة الإحتكار التى إعتاد أباطرة السوق المصرى ممارسته فى كل إحتياجات المصريين الأساسية وغير الأساسية ، وإليكم هذه الحكاية. فهناك على بعد 600 كيلو مترا من الحدود المصرية السودانية، تم تأسيس شركة مصرية لإستصلاح الأراضى فى السودان تضم العديد من رجال الأعمال المصريين لإستصلاح 27 ألف فدان فى ولاية نهر النيل، شمال مدينة الخرطوم بنحو 300 كيلو متر، وذلك برأسمال 100 مليون جنيه مصرى وبدلا من بدء أعمال إستصلاحها وإستزراعها وإثبات الجدية للحكومة السودانية التى خصصتها للقطاع الخاص المصرى ممثل فى مجلس الأعمال المصرى – شرق أفريقى، قررت الشركة المصرية أن تمارس الإحتكار فى أبشع صوره!. فبلا أية مقدمات، طالب مؤسسى الشركة من الحكومة السودانية منع تأسيس أية شركة مصرية جديدة لإستصلاح وإستزراع الأراضى فى السودان، على تعمل أية شركة مصرية راغبة فى نقل نشاطها للسودان أو مد إستثماراتها إلى هناك من خلال هذه الشركة وفى مساحة ال 27 ألف فدان المخصصة لها فقط، أى بإختصار منع تخصيص أية مساحات جديدة لشركات مصرية. وبالطبع فى ظل حالة اللاوجود التى تعيشها حاليا وزارة الزراعة، لم تتدخل الجهة الرسمية وفضلت أن تظل فى موقف المتفرج على هذه المهزلة، فكيف تتعاقد شركة يفترض مشاركة صفوة رجال الأعمال المصريين بها فى السودان على مساحة 27 ألف فدان دون أن تبدأ على الفور فى إستصلاحها دون إنتظار، ولماذا تطالب بعدم تخصيص أية أراضى لشركات مصرية أخرى ربما هى الأكثر جدية و قدرة على تحقيق الحلم بإستثمار مصرى جاد فى السودان الشقيق، وهل تقدمت الشركة لتخصيص هذه المساحة للإتجار بها، وهل مبلغ ال 100 مليون التى رصدت كرأسمال للشركة.. مجرد أرقام على الورق فقط ؟!! إن إنشاء وتجهيز البنية الأساسية لمساحة ال 27 ألف فدان لا تتجاوز 15 مليون دولار، كما أن ووزارات المالية والتخطيط العمرانى والإستثمار والزراعة بالسودان ووالى ولاية نهر النيل، أكدت جميعها إستعدادها لتذليل كافة العقبات التى قد تواجه عمل الشركة الجديدة، فهل هذه التكلفة كبيرة على المستثمرين المصريين الذين تقدموا للفوز بهذه المساحة، أم هى محاولة جديدة لممارسة الإحتكار ولكن هذه المرة على أرض السودان؟!. المزيد من مقالات محمد غانم