بداية غير مبشرة للعام الجديد بالنسبة لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون حيث تعرض لهجوم وانتقادات من جانب الاتحاد الأوروبي وضغوط من الجناح المتشدد بحزبه( حزب المحافظين) بسبب سعيه لاعادة كتابة قوانين الاتحاد الأوروبي الخاصة بحرية التنقل وذلك للحد من اعداد المهاجرين الذين يتدفقون علي بريطانيا من دول أوروبا الشرقية التي انضمت للاتحاد. الاتحاد الأوروبي يرفض اصرار بريطانيا علي فرض اجندتها والاستمرار في الاتحاد بشروطها والمتشددون بحزب المحافظين ونظرائهم بالبرلمان البريطاني من المتشككين في أوروبا يصممون علي عدم التفريط في السيادة البريطانية ويؤكدون علي ضرورة أن تحافظ بلادهم علي حقها في تحديد شكل علاقتها بأوروبا أو طرح مسألة بقاء بريطانيا ضمن الاتحاد الأوروبي للاستفتاء العام, وبين الطرفين يقف كاميرون قلقا علي مستقبله السياسي وشعبية حزبه التي تعاني من التدهور خاصة وان الانتخابات العامة ستجري العام المقبل. آخر تصعيد للحملة التي تشنها بروكسل,مقر الاتحاد الاوروبي, ضد الدعوات البريطانية المطالبة بعدم الأخذ بمعاهدات الاتحاد الاوروبي واعادة كتابة قانون حرية التنقل جاء أمس الأول علي لسان مارتن شولتز, رئيس البرلمان الأوروبي الذي أكد أن حرية التنقل مبدأ أساسي وأنه غير قابل للتفاوض وأن أي محاولات من جانب بريطانيا لتغييره ستقابل بالصد. وأشار شولتز إلي أنه علي الرغم من أنه يأخذ مطالب المملكة المتحدة باصلاح الاتحاد الأوروبي علي محمل الجد إلا أنه من المستحيل أن يعيد البرلمان الأوروبي فتح كتاب القواعد الخاص بحرية التنقل. وشدد شولتز علي أن تغيير المعاهدة الخاصة بالمهاجرين يحتاج إلي الاجماع من جميع الدول الاعضاء بالاتحاد وانه يجب أن يمر عبر البرلمان الأوروبي حيث من المؤكد أن يتم التصدي له هناك. وحاول ادوارد سكوت نائب رئيس البرلمان الأوروبي تبرير اصرار الاتحاد الاوروبي علي عدم المساس بأحد المبادئ الرئيسية بأن في زمن العولمة, اقدم الاتحاد الاوروبي علي مراجعة مبادئه الاساسية الخاصة بالاسواق المفتوحة والحدود المفتوحة قد يرقي إلي حد ايذاء الذات. وفي الوقت نفسه شنت فيفيان ردينج,نائب رئيس المفوضية الأوروبية هجوما حادا علي كاميرون واتهمته بأنه يعرض مستقبل بلاده للخطر وأنه يكذب علي الناخبين فيما يتعلق بقضية المهاجرين للتغطية علي الأزمات الداخلية التي تعاني منها البلاد. ويري المحللون أن انتقادات المسئولين الأوروبيين الحادة تعكس الاصرار داخل الاتحاد الاوروبي علي الرد بحسم علي محاولات بريطانيا تغيير قوانين الهجرة وألا يتم السماح لكاميرون أو غيره من الساسة البريطانيين باحتجاز اعضاء الاتحاد كرهينة وابتزازهم للاستجابة لمطالبهم أو التهديد بالانسحاب من الاتحاد.تجدر الاشارة هنا إلي أن كاميرون قد تعهد في وقت سابق, في اطار مغازلته للناخبين قبل الانتخابات,بأنه في حالة فوز حزبه في الانتخابات العامة.سيجري استفتاء عاما في نهاية عام2017 حول بقاء بريطانيا داخل الاتحاد الاوروبي وذلك بعد أن يكون قد أجري مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي حول تغيير بعض شروط عضوية المملكة المتحدة في الاتحاد بما ذلك مسألة حرية التنقل. وفي مقابل الهجوم والانتقادات الأوروبية تتزايد الضغوط علي كاميرون في الداخل لمواجهة خطر تدفق المهاجرين علي البلاد خاصة مع رفع القيود, في1 يناير الحالي, التي كانت مفروضة علي مواطني بلغاريا ورومانيا وكانت تحول دون حرية تنقلهم وعملهم في باقي دول الاتحاد.وكان اقتراب موعد رفع القيود عن المواطنين البلغار والرومانيين,المفروضة عليهم منذ انضمام دولهم للاتحاد في2007, قد اثارت موجة جدل عارمة في بريطانيا وسط تحذيرات من غزو من قبل مواطني الدولتين سيأتي علي الأخضر واليابس. وفي اطار هذا التصعيد الداخلي وحث كاميرون علي مواصلة التحدي, وجه جمع من نواب البرلمان عن حزب المحافظين خطابا لكاميرون طالبوه فيه بأن يكون لمجلس العموم( البرلمان) حق الفيتو علي قوانين الاتحاد الاوروبي والغاء أي قانون يعتبره تهديدا للأمن القومي.وأشار الخطاب الذي وقع عليه95 نائبا من الجناح المتشدد بالحزب إلي أنهم يشعرون بالرضا ازاء تعهد رئيس الوزراء باجراء استفتاء حول عضوية بريطانيا بالاتحاد وبوعوده باعادة التفاوض مع الاتحاد الاوروبي حول استعادة بريطانيا لبعض الصلاحيات فيما يتعلق بتطبيق قوانين الاتحاد ولكنهم يطالبون باجراءات أكثر حسما للدفاع عن سيادة بلدهم. ويأتي الخطاب في الوقت الذي تحفل فيه العديد من الصحف البريطانية بمقالات لوزراء ونواب برلمان وكتاب بارزين تجمع علي ان بريطانيا بحاجة لبدء علاقة جديدة مع الاتحاد الأوروبي وأن عليها أن تصل إلي تسوية في الكثير من القضايا المعلقة مثل تلك الخاصة بقوانين العمل وحرية التنقل والاعانات أو أن تترك البريطانيين يختارون ما اذا كان عليهم البقاء أو الانسحاب من الاتحاد. ويري المحللون أن هناك شعورا متناميا داخل بريطانيا أنه لو صدق اعضاء الاتحاد أن كاميرون, والمعروف بحرصه علي البقاء داخل الاتحاد, سيسعي لاقناع الناخبين بالانسحاب من الاتحاد قد يضطرون للاستجابة للضغوط بضرورة الإصلاح وربما بدء علاقة جديدة مع بريطانيا. ووفقا لاستطلاع للرأي أجراه مركز أبحاث المستقبل البريطاني فان28 في المائة من الناخبين البريطانيين يفضلون الانسحاب من الاتحاد في حين يؤيد38 في المائة من الناخبين البقاء داخل الاتحاد ولكن مع تقليل نفوذ وسلطات الاتحاد.