أنطلاقا من الدور الحيوي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للدول التي تهتم بتنمية هذا القطاع نظرا لقدرتة علي تحقيق تنمية اقتصادية متكاملة ومتوازنة ومستدامة وتوفير فرص عمل والحد من مشكلة البطالة التي تعاني منها كثير من الدول ومنها مصر إضافة الي أن تكلفتها الراسمالية منخفضة نسبيا فضلا عن أنها تساهم في زيادة الناتج القومي وبما ينعكس علي تحسين ميزان المدفوعات من خلال التآثير الايجابي علي الصادرات وفي ذات الوقت الحد من الاستيراد لمكونات الانتاج والمواد الاولية بإعتبار أن جانب من إنتاجها يمثل مدخلات للمشروع الكبير إضافة الي قدرة هذه المشروعات علي تحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة نتيجة قدرتها علي الانتشار الجغرافي ووصولها الي المناطق العشوائية والاقل إهتماما. يري سيد القصير رئيس بنك التنمية الصناعية والعمال المصري أن الكثير من الدول اهتمت بتنمية هذه المشروعات ولعل تجارب بعض الدول أكبر دليل علي ذلك فمثلا اليابان بالرغم من أنها لا تتمتع بثروات معدنية أو مواد أولية ومعظم إنتاجها يعتمد علي استيراد أغلب مواردها الاولية إلا إنها حققت تقدما كبيرا في مجال الصناعة لدرجة كبيرة ويرجع ذلك الي ما اتبعته الحكومة من توفير الدعم الكامل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة آخذ العديد من الاشكال بداية من إقامة المجمعات الصناعية وتقديم التمويل اللازم وتبني الحكومة لهذه المشروعات خوفا عليها من الافلاس وتقديم التدريب الفني والاداري لاصحابها كل ذلك ساعد هذه المشروعات علي الانتاج بجودة عالية طبقا للمواصفات مما أدي الي إعتماد المشروعات الكبري علي إنتاج هذه المشروعات فضلا عن أن كثير من الصناعات الكبري أصبحت تتخلي عن إنتاج الكثير من مكونات التصنيع وإسنادها الي المشروعات الصغيرة بإعتبارها الاكثر تخصصا. ولو رجعنا الي الاقتصاد الكوري الجنوبي لوجدناه في الماضي كان يعتمد علي سلعة تصديرية واحدة وهي الارز خاصة مع ندرة الموارد الاقتصادية وضعف المساحة القابلة للزراعة, ومع هذا لجأت الحكومة الي وضع خطط للتنمية كانت جميعها مرتبطة بتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال إنشاء بنك متخصص للصناعات الصغيرة والمتوسطة وأيضا هيئة لتدعيم الصناعات الصغيرة والمتوسطة تساهم في وضع السياسات الاقتصادية المرتبطة بتنمية هذه المشروعات بالتوازي مع إنشاء مدن صناعية وإقامة مجمعات صناعية كل هذا ساهم في تحقيق تنمية عالية وزيادة القدرات التصديرية بها. وعلي صعيد الهند نجد ان الحكومة آولت هذا القطاع عناية فائقة بإعتباره يقدم فرص عمل وقد كانت البداية بإنشاء مؤسسة فنية متخصصة تقوم بمساعدة المشروعات الصغيرة خاصة الجديد منهم وتقديم الدعم الفني والتسويقي لهم خلال فترة المشروع في مراحله الاولية لمدة تتراوح ما بين3-5 سنوات مما ساعد علي تخريج شباب وجيل من رجال الاعمال مع تقديم الدعم المالي لهم من خلال مؤسسات تمويلية بشروط ميسرة وبآساليب تتناسب مع طبيعة هذه المشروعات وتتفق مع ثقافة القائمين عليها إضافة الي إنشاء جهاز قومي للصناعات الصغيرة والمتوسطة ووجود نظام واضح للاعفاءات الضريبية مع خلق نوع من التكامل بين المشروعات الكبيرة والصغيرة. وقال: بالرجوع الي وضعنا الحالي في مصر نجد أيضا أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة قد لاقت الاهتمام علي ذات المستوي الذي تناولته تجارب الدول علي النحو سالف الذكر بداية من إنشاء الصندوق الاجتماعي للتنمية والذي يقدم الدعم الفني والمالي للمشروعات الصغيرة منذ فترة طويلة وكان له دور ملموس في تحقيق أهداف لتنمية هذا القطاع فضلا عن دور الجهاز المصرفي تحت مظلة البنك المركزي المصري الذي قدم مجموعة من المبادرات والتي ساهمت الي حد كبير في تحقيق تنمية لهذا القطاع تمثلت في إعفاء البنوك التي تقدم تمويل للمشروعات الصغيرة من نسبة الاحتياطي النقدي الالزامي لدي البنك المركزي المصري إضافة الي إنشاء بوابة الكترونية مسجل عليها بيانات حوالي36 ألف مشروع فضلا عن سابق تآيسيس الشركة المصرية للاستعلام الائتماني وما لها من دور كبير في توفير قاعدة بيانات تاريخية عن عملاء هذا القطاع وتقديم تقييم لمستوي جدارة هؤلاء العملاء وتوجه عدد من البنوك الي إنشاء ادارات متخصصة لاقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة. ولكن ما زال الامر لم يصل الي المستوي الذي يحقق النمو المطلوب الذي يتناسب مع الطموح بإعتبار أن مصر دولة تمتلك كثير من مقومات النجاح اللازمة لتنمية هذا المشروع من خلال منظومة متكاملة أعتقد ان النتائج سوف تكون إيجابية علي الاقتصاد المصري خاصة وأن مؤشرات هذا القطاع تستوجب الأهتمام حيث يبلغ عدد هذه المشروعات حوالي5,2 مليون مشروع وتساهم بنسبة قد تصل إلي80% من الناتج المحلي, وتستوعب75% من فرص العمالة ويدخل منها حوالي40 ألف مشروع جديد مجال الانتاج سنويآ وإلي غير ذلك من المؤشرات التي تضع هذا القطاع ضمن أولوية محاور التنمية في الفترة القادمة. ولعل ما يحد من إنطلاقة هذه المشروعات إنها مازالت- رغم ما قدم من تيسيرات ومبادرات- تواجه مشاكل مرتبطة ببيئة الإستثمار ومنها المرتبطة بالتراخيص وطول فترة الموافقات وتعدد الجهات التي يتم التعامل معها ومنها ما هو مرتبط بالتسويق وعدم قدرتها علي منافسة المنتجات المستوردة وأيضآ منافسة منتجات المشروعات الكبيرة إضافة إلي عدم القدرة علي تحمل أعباء وتكاليف التسويق إضافة إلي المشاكل المرتبطة بالقدرات الإدارية و التنظيمية وتحمل أعباء تكاليف التمويل نتيجة لانخفاض الجدارة الائتمانية لكثير منها خاصة في ظل عدم القدرة علي توفير الضمانات وأفتقار الكثير من أصحابها الي الخبرة في تقديم المستندات ودراسات الجدوي وخبرة التعامل مع البنوك. لذلك كان المقترح لتنمية هذا القطاع هو تبني مجموعة من الحلول التقليدية وغير تقليدية ومنها:- تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني مثل الجمعيات الاهلية وجمعيات رجال الاعمال وتوفير التمويل لها لإعادة إقراضها في ظل ما لديها من خبرة في التعامل مع المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر بأساليب غير تقليدية إضافة الي قدرتها علي متابعة أعضائها. التوسع في انتشار الشركات الداعمة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتفعيل دورها مثل: شركات التأجير التمويلي, الاستعلام الائتماني, شركات ومؤسسات الضمان. المشاركة في تحمل جانب من تكاليف برامج تحديث المشروعات الصغيرة والمتوسطة وقد يكون هذا من خلال التعاون مع مركز تحديث الصناعة. إنشاء جهاز بحثي لإستكشاف فرص الاستثمار الجديد وعمل دراسات للسوق يتم فيها تحديد أنواع الصناعات والمشروعات التي بها فجوة وأماكنها ويتم توجيه الراغبين في اقامة مشروعات الي هذه المجالات التوسع في إقامة المعارض المحلية والخارجية لمساعدة أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة علي تسويق الانتاج وقد يكون ذلك من خلال المحافظات مع تحمل جانب كبير من تكاليف ذلك نيابة عن أصحاب المشروعات وبمساعدة رجال الاعمال من منطلق المسئولية المجتمعية. التوسع في إنشاء صناديق استثمار مباشر وتوجيه تمويلها واستثماراتها الي الاماكن الاقل نمو مثل الصعيد والوادي الجديد بما يحقق قدر من التنمية العادلة لهذه المناطق, وقد تكون بمشاركة رجال الاعمال وجمعيات المستثمرين والمحافظات والبنوك. تفعيل آلية وجود جهاز واحد يقوم بتقديم كل الموافقات لأصحاب هذه المشروعات ويتعامل مع كل الاجهزة ذات الصلة في مكان واحد يطبق في كل المحافظات. البحث عن حوافز ومزايا لدمج القطاع غير الرسمي في القطاع الرسمي من خلال إجراءات ميسرة للحصول علي التراخيص مع تقديم حوافز ضريبية مع عدم المحاسبة الضريبية بأثر رجعي مع تقديم الدعم الفني والاداري والتمويل لهم. محاولة تطبيق ما يسمي بإسلوب الحماية والذي طبق في بعض الدول من خلال تخصيص سلع معينة لا يتم انتاجها إلا من خلال المشروعات الصغيرة والمتوسطة إضافة إلي التزام المشروعات التي تحصل علي مناقصات حكومية بأن يكون هناك نصيب في المدخلات لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة. أن يكون هناك نسبة طواعية أو إلزامية في محافظ كل البنوك لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ويجب أن تصل النسبة الي المستوي الذي يتفق مع أهمية هذه المشروعات والحاجة الي قيمتها لما لها من إيجابيات متعددة المحاور. الاهتمام بالتعليم الفني وتطويره ومراكز التدريب المهني بما يسهم في الارتقاء بالمستوي المهني للخريجين.