بعيدا عن مدي رضائنا أو رفضنا لما يقدم في صنوف الأغنية الوطنية في الفترة الأخيرة, لكنها وحدها ومن دون الفنون الأخري ماتزال تواصل دورها الوطني في إيقاظ مشاعر العزة والكرامة, وتخليد الشهداء, وإلهاب حماس المصريين, ويحسب للمطربيين والفنانيين المصريين هذه الأيام وقوفهم خلف الدستور المصري بقوة, والحشد للاستفتاء عليه كي تعبر مصر هذه المرحلة العصيبة والخطيرة. خلال الفترة الماضية استمعنا وشاهدنا مجموعة من الأغنيات الوطنية التي تحث المصريين علي النزول والإدلاء بصوتهم في الدستور, كانت أولي التجارب للمطرب والملحن الشاب عمرو مصطفي بأغنية جماعية بعنوان' انزل وشارك' كلمات تامر حسين, توزيع نادر حمدي, والتي قدمها بأكثر من شكل غنائي, مرة غناء الطفل' سيف' مع مجموعة من كورال الأطفال, ومرة ثانية قدمها بصوت مجموعة من كورال البنات, وقد طرحها عقب خطاب الرئيس المؤقت عدلي منصور الذي حدد فيه ميعاد التصويت علي الدستور. وفي رسالة قصيرة وبليغة تقول الأغنية التي تعرضت لهجوم شديد علي مواقع الإنترنت من قبل الجماعة الإرهابية: ' انزل وشارك في إللي جاي قول كلمتك شيل أي فكرة جوه بالك تحبطك دلوقتي بلدك محتاجالك همتك بإديك تغير يلا كمل ثورتك'. كما قدم المطرب الكبير هاني شاكر أغنية مباشرة تدعو للنزول والتصويت' بنعم' بعنوان' أنزل وقول نعم' كلمات محمد صلاح, وألحان خالد جنيدي, تقول:' علشان بكره يلاقينا ونشوف أجمل ما فينا إنزل وقول نعم علشان أبنك وابني عشان نزرع ونبني إنزل وقول نعم'. وأصر مصطفي كامل نجم المرحلة وصاحب أوبريت' تسلم الأيادي'علي التواجد في معركة البناء والتعمير, ودعم الدستور الجديد بقوة, من خلال أوبريت بعنوان' مصر بلدنا' من كلماته وألحانه, وتوزيع محمد ماهر, واستعان هذه المرة بمجموعة من الممثلين مثل محمد هنيدي, ويسرا, وأحمد السقا, وهاني رمزي, وحسين فهمي وغادة عادل, واكتفي بالمشاركة الشرفية بالغناء من خلال كوبليه يتكرر بعد كل مقطع يقول: ' علشان ابنك وابني يلا نعلي ونبني مصر بلدنا الغالية في محنة مين هيداوي ألمنا غير احنا إوعي تسبني'. والأوبريت إخراج مجدي الهواري. ولم يقتصر التواجد حتي الآن علي هؤلاء الفنانيين فقط, ولكن المطرب الشعبي شعبان عبدالرحيم أدلي هو الآخر بدلوه وقدم أغنية شعبية لدعم الدستور من كلمات إسلام خليل بعنوان' نعم للدستور' ويقول مطلع الأغنية: كفاية خلافات ومعارك والعاقل يلم الدور. عايزين الكل يشارك في استفتاء الدستور. انزل وقول نعم للدستور الجديد عشان تصون ثورتك وتفرح الشهيد محدش بقي متخاذل ولا خوف هيسكته الشعب كله نازل والكلمة كلمته. ولم يكتف شعبان بأغنية واحدة فقط لدعم الدستور, بل قدم ابنه عصام أغنية عن الاستفتاء بعنوان' هننزل نعم', والتي كتب كلماتها أيضا الشاعر إسلام خليل أيضا, ويقول مطلع الأغنية: هننزل نعم ونكتب نعم وهنقول نعم علي الدستور هنطلع نعم نعلي بنعم كله موافق علي الدستور بنحب مصر وده شعارها خلي الجزيرة كده علي نارها وقطر اللي أضيق من العشة تفهم وتعرف مقدارها. وتجربة الغناء للدستور المصري ليست جديدة علي الغناء المصري, ففي عام1956 عندما قرر الزعيم جمال عبد الناصر أن يعدل دستور1954 بدستور جديد كتب الشاعر الكبير بيرم التونسي أغنية جميلة بعنوان' دستور ولا كل الدساتير' تلحين الموسيقار الخالد محمد الموجي, وغناء محمد قنديل يقول مطلعها: دستور ولا كل الدساتير متحرر أحسن تحرير ولا فيهشي مأمور وأمير ولا فيهشي صغير وكبير دستور ولا كل الدساتير. وبعدها بعامين سقط ذلك الدستور, لكن الأغنية بقيت صالحة للاستخدام حتي الآن, وفي نفس الفترة قدمت العظيمة شادية أغنية' يا بنت بلدي زعيمنا قال قومي وجاهدي ويا الرجال' وغنتها عندما أعطت الثورة للمرأة حقها السياسي في الانتخاب والترشيح في البرلمان وأن تحصل علي حقوقها السياسية مثل الرجل تماما وكان ذلك في دستور1956, لكن كانت هذه الحالات ظلت فردية وليست تيارا غنائيا شعبيا كما يحدث هذه الأيام, ربما لأن الخطر الآن أشد وأعمق. وعن ظروف تقديمه لأغنيته الوطنية الجديدة' أنزل وقول نعم' التي طرحها من أيام قال هاني شاكر: أشعر أنني ساهمت بالفعل من خلال رسالة بسيطة للجمهور مدتها ثلاث دقائق لحثهم علي المشاركة في الدستور والتصويت بنعم,وأضاف: فكرة الأغنية جاءتني فجأة بعد مشاهدتي لأحد برامج' التو ك شو', وبعدها اتصلت مباشرة بالملحن خالد جنيدي وطلبت منه الاتصال بالشاعر محمد صلاح وتكليفه بكتابة أغنية عن الدستور, وخلال الاتصال أمددته بأكثر من فكرة ومنها اسم الأغنية' انزل وقول نعم', وبالفعل خلال يوم واحد أرسل الشاعر أكثر من مقطع للأغنية ثم اجتمعت بالملحن خالد جنيدي وبدأنا في اختيارعدد من المقاطع وتم تلحين وتوزيع وتسجيل الأغنية خلال48 ساعة. أما الموسيقار الكبير حلمي بكر فيري أن هذه ليست أغاني لكنها شعارات للإعلان عن الدستور, بعضها جاء رائعا, والبعض الآخر جاء محملا بالكذب والنفاق ومسايرة للموضة, لكن بعيدا عن كل هذا وبغض النظر عن ما يقدم, يعتبر هذا شيئا جميلا ودليل عافية للأغنية المصرية, في محاربتها لإرهاب الجماعة الإرهابية. ويؤكد الشاعر الغنائي فوزي إبراهيم سعادته البالغة بما قدم خلال الفترة الماضية من أغنيات عن الدستور المصري, ويتمني أن تتكثف أكثر خلف الدستور والحشد له, وأن يدرك كل نجم أن دوره الوطني في هذه المرحلة الخطيرة هو الأهم, وأن استغلاله لبريقه ونجوميته وتأثيره لدي جمهوره هو الاستغلال الأجمل والأعظم والأبقي, وينتظر من كل مطربي مصر المزيد من الأغنيات, لأن المرحلة هي مرحلتنا, والدور دورنا في هذه الأيام التي نحتاج فيها إلي الاصطاف والتوحد علي كلمة' نعم للدستور'