يعكف الدكتور شوقي علام, مفتي الجمهورية, علي إنجاح مبادرته التي أطلقها لمواجهة الفكر والفتاوي التكفيرية, والمتطرفة, التي أحلت- باسم الدين- سفك الدماء وتخريب الممتلكات العامة والخاصة, وترويع المواطنين الآمنين, وقتل رجال القوات المسلحة والشرطة, وتكفير المجتمع. وإذا كانت اللجنة التي شكلها فضيلة المفتي لجمع الفتاوي التكفيرية والرد علي ما بها من اجتهادات مغلوطة, بدأت عقد جلساتها, فهل تكفي جهود دار الإفتاء وحدها في مواجهة الفتاوي التكفيرية التي تسببت في فتنة أكبر وأشد من القتل؟ علماء الدين يطالبون الجميع بالتعاون والتنسيق, لمواجهة الإرهاب الاسود الذي يحرق الأخضر واليابس, ويؤكدون أن المؤسسات الدينية في مصر قادرة علي مواجهة هذا الفكر الضال, واستئصال شأفته. وحول أهمية المبادرة وسبل إنجاحها يقول الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالازهر, ان المبادرة التي طرحتها دار الافتاء اخيرا الخاصة بمواجهة الارهاب والفكر التكفيري المتطرف, مبادرة جيدة وموضوعية ومقبولة, ومطلوبة خاصة في الوقت الذي نعيشه حاليا, حيث كثرت فيه الفتاوي القاتلة باسم الدين الإسلامي, وهو منها براء, مشيرا إلي أن الفكر يرد عليه بالفكر, والقضية ليست أمنية فقط, بل هي اقتصادية واجتماعية وسياسية, فهي قضية متعددة الجوانب, فلذلك حتي تنجح هذه المبادرة, فلابد ان يتكاتف الجميع للقضاء علي هذه الفتنة التي هي في الحقيقة أكبر وأشد من القتل. وطالب وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية الرسمية وغير الرسمية, بالتعاون والتنسيق مع المؤسسات الدينية وعلي رأسها الازهر الشريف والأوقاف و دار الإفتاء- وهي كلها مؤسسات قادرة علي مواجهة هذا الفكر العفن الذي ينخر في جسد الأمة- حتي تتم إزالة التشويش الفكري, من خلال الحوارات, والبرامج الهادفة, وطرح الموضوعات المتعلقة بهذه القضية من جميع الاتجاهات, كما انه يجب علي اولياء الامور, ضرورة توجيه ابنائهم منذ الصغر الي تبني الفكر الوسطي الصحيح, هذا الي جانب دور المؤسسات التعليمية, حيث لابد من تطوير المناهج الدراسية الدينية, حتي تتلاءم مع متطلبات العصر, كما يأتي دور المسجد لينهض بخطابه الدعوي الوسطي, لازالة التراكمات الفكرية المغلوطة التي ترسبت في عقول كثير من الناس خاصة فئة الشباب منهم. وعن فوضي الفتاوي المتشددة وسبل مواجهتها وآليات إنجاح مبادرة المفتي, أوضح الدكتور مجدي عاشور المستشار الأكاديمي لمفتي الجمهورية, أن المسئول عن الأزمة الحالية في موضوع فوضي الفتاوي عناصر كثيرة ليس الفقيه وحده, ولكن باعتبار التطور الحادث داخل المجتمعات, وعدم قدرة الناس الذين يتعاملون مع هذا في إطار تكييف السؤال والحالة, والمسألة تتعلق أيضا بفقه الواقع, وما تعلق به من فقه البدائل, وفقه التزاحم, وفقه الأولويات, كل هذه الأمور أنماط من الفقه غاية في الأهمية ترتبط بأصول الفقه الحضاري. وأشار الي ان هذا التوجه في فوضي الفتاوي أنتج ما يمكن أن نسميه ب الفقه الأعور وهو مصطلح يمكن أن نطلقه علي ذلك المنهج الذي ينظر إلي النص دون الواقع أو الواقع من غير الرجوع للنص, وهذا غالبا ما ينتج عنه الفتنة ونشر البغضاء والتقاتل في المجتمع, وهو ما حذر منه ظاهر قوله تعالي:( والفتنة أشد من القتل), البقرة:191]. وأكد أن الجهتين المنوط بهما الفتوي في مصر هما مجمع البحوث الإسلامية ودار الإفتاء المصرية.