العالم يتغير.. والسياحة أيضا تتغير.. واهتمام الناس والمسافرين بالإجازات والسياحة يزداد ويتنوع.. فالسياحة الثقافية وزيارة الآثار والمتاحف كانت هي علي رأس أولويات السياح في كل مكان.. وكانت الدول ذات التراث والحضارات مثل مصر لا تعرف إلا السياحة الثقافية.. لكن منذ منتصف القرن الماضي تقريبا بدأت السياحة العالمية تزداد نحو السياحة الشاطئية والبحر والترفيه مع ازدياد مطالب الناس في الاستجمام خاصة من أوروبا مع ازدياد متاعبهم من كثرة العمل. وهكذا توجهت مصر إلي الاهتمام بالسياحة الشاطئية خاصة في البحر الأحمر شرم الشيخ والغردقة. لكن السنوات الأخيرة وربما منذ بداية الربع الأخير من القرن الماضي بدأ العالم يهتم ويعرف أو يزداد فيه توجه السائحين إلي ما يعرف بالأنواع الجديدة من السياحة مثل المؤتمرات والجولف والسفاري والبيئة بل بدأت شركات سياحة تتخصص في أنواع محددة من السياحة. ومع ثورة السفر والطيران والتوسع في المطارات وازدياد حركة المسافرين عالميا بدأنا نتحدث عما يسمي بسياحة الترانزيت وهي المقصود بها الساعات أو الأيام المعدودة علي أصابع اليد الواحدة التي يقضيها السائح في مطارات الدول انتظارا لرحلته أو استكمال رحلته من دولة إلي أخري أو إلي منطقة أخري بين قارات العالم. وثبت أن كل هذه الأنواع الجديدة من السياحة تحقق دخلا مرتفعا للدول لأن مرتاديها من القادرين والأغنياء تقريبا وبالتالي الاهتمام بها يزداد خاصة من الدول التي تمتلك مطارات محورية أو تتوسط مناطق عالمية جغرافيا مثل مصر.. التي كان عليها في إطار هذا المفهوم الاهتمام بسياحة الترانزيت. ومن هنا كان اهتمام الوزيرين هشام زعزوع وزير السياحة والمهندس عبدالعزيز فاضل وزير الطيران بإعطاء دفعة لسياحة الترانزيت في مصر مع التوسعات في مطار القاهرة, والعمل علي تحويله إلي مطار محوري في المنطقة ولذلك اتفقا علي تشكيل لجنة اجتمعت بالفعل وشارك فيها خبراء من مختلف الوزارات والأجهزة مثل القوات المسلحة والداخلية والخارجية وشركات السياحة وكانت المهمة المسندة إليها بحث تنشيط وتذليل عقبات سياحة الترانزيت في مصر وبالفعل توصلت إلي نتائج وضعت في شكل توصيات لتنفيذها بالفعل.. وتزامن ذلك مع توسعات في الطاقة الفندقية بجوار مطار القاهرة الدولي حيث تم افتتاح فندق توفيتيل الجديد منذ أيام وأخيرا فندق ميريديان مطار القاهرة الدولي الذي سيخدم سياحة الترانزيت بشكل كبير. ولعل ما يدفعنا للحديث عن سياحة الترانزيت اليوم هو قيام المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية بحضور الدكتور حازم الببلاوي رئيس الوزراء وعدد من الوزراء بافتتاح عدد من المشروعات لتطوير مطار القاهرة الدولي وعلي رأسها فندق ميريديان مطار القاهرة5 نجوم الذي سيخدم حركة السياحة والترانزيت في مصر وبلغت تكلفته(680 مليون جنيه). وننشر اليوم دراسة عن سياحة الترانزيت أجرتها وحدة الحسابات الفرعية بوزارة السياحة برئاسة د.عادلة رجب المستشار الاقتصادي لوزير السياحة لبيان تجارب دول العالم في أهمية سياحة الترانزيت وتقول هذه الدراسة. أولا: التجارب الدولية في مجال سياحة الترانزيت: (1) الصين: تمنح الصين تأشيرة دخول مجانية لمدة72 ساعة لركاب الترانزيت الراغبين في عمل رحلات سياحية سريعة لمدة72 ساعة- ويتم ذلك في خمسة مطارات رئيسية منها بكين وشنغهاي, وينطبق ذلك علي الركاب الوافدين من45 دولة فقط وذلك بداية من11/1/.2013 وقد وضعت السلطات الصينية عدة قواعد لتنظيم ذلك الأمر, من أهمها علي سبيل المثال: .1 لا ينطبق منح التأشيرة علي الركاب الذين يفدون في شكل رحلات ذهاب وعودة( علي سبيل المثال, هونج كونج بكين هونج كونج) وإنما لابد أن يكون التوقف بغرض السفر إلي وجهة ثالثة غير بلد بداية الرحلة). .2 الركاب الذين يمنحون تأشيرة الدخول غير مسموح لهم بالسفر خارج المدينة التي بها مطار التوقف. .3 الركاب الراغبين في الحصول علي تلك التأشيرة ينبغي عليهم تقديم مستند( تذكرة السفر) يفيد بالسفر إلي مدينة ثالثة غير بلد بداية الرحلة وبلد التوقف ويمكنهم طلب هذه التأشيرة من شركة الطيران قبل القدوم إلي الصين أو لدي وصولهم إلي أي من المطارات السابق ذكرها. 2 الإمارات العربية المتحدة: بالنسبة للزائرين الذين يمرون بمطارات دبي وأبو ظبي والشارقة يمكنهم الحصول علي تأشيرة ترانزيت لمدة96 ساعة والتأشيرة صالحة لمدة4 أيام من تاريخ الوصول بشرط ألا تقل مدة التوقف بين رحلتي السفر عن8 ساعات. متطلبات الحصول علي تأشيرة ترانزيت الحجز الفندقي لمدة ليلة واحدة علي الأقل تذكرة سفر جوي سارية المفعول لوجهات خارج البلاد. يمكن التقديم مسبقا للحصول علي هذه التأشيرة أو يمكن الحصول عليها لدي الوصول وذلك من خلال مكاتب الوكيل السياحي. 3 تركيا: لا تطبق إجراءات خاصة بمنح تأشيرة الترانزيت وإنما إذا أراد شخص ما دخول تركيا فيجب أن يتقدم للحصول علي تأشيرة سياحية دخول لمرة واحدة وتتكلف حوالي20 دولارا ولا تتعدي فترة الإقامة ثلاثين يوما. وبالرغم من ذلك فإن الخطوط الجوية التركية تقدم خدمة للمسافرين علي متن طائراتها والذين يتوقفون في اسطنبول لانتظار رحلاتهم المتجهة إلي مدينة أخري خارج تركيا. وهذه الخدمة عبارة عن رحلة مجانية يطلق عليهاtourlstanbul للركاب الذين يتوقفون في مطار أتاتورك الدولي لمدة لا تقل عن6 ساعات ولا تزيد علي24 ساعة. 4 كوريا الجنوبية: تجربة جيدة وتعد الأكثر نجاحا وفقا لموقع السفر العالميtripadvisor في مجال سياحة الترانزيت حيث تتيح للركاب الدوليين الذين يتوقفون في المطار القيام برحلات سريعة داخل كوريا حيث تسمح لهم بالدخول مجانا دون الحاجة إلي تأشيرة ولكن هناك بعض القواعد التي تنظم ذلك وقد بدأ العمل بها بداية من2013/5/1 بعد أن تم تطبيق هذا النظام لفترة تجريبية في29 أكتوبر2012 وقد أثبت نجاحه وهذه القواعد علي النحو التالي: السماح بالدخول لمدة لا تتجاوز72 ساعة. كل راكب ترانزيت دولي يصل إلي مطارincheon في طريقه إلي دولة ثالثة يمكنه دخول كوريا بشرط شراء أحد البرامج السياحية المعتمدة من قبل وزارة السياحة الكورية والتي يبيعها وكلاء السياحة بالمطار. كل ركاب الدول مسموح لهم بالدخول فيما عدا رعايا مقدونيا, كوبا, سوريا, إيران. وعلي الرغم من أنه لا توجد رسوم علي ركاب الترانزيت إلا أن سلطات المطار تخصص مندوبين من قبلها لمرافقة هؤلاء الركاب خلال فترة زيارتهم وحتي عودتهم للمطار مرة أخري وهذا يتم مقابل مبلغ يدفعه كل راكب ترانزيت يشتري رحلة سريعة وهذا المبلغ حوالي10 دولارات. ثانيا: سياحة الترانزيت في مصر يتضح من الجدول التالي أن أعداد مسافري الترانزيت الذين يتوقفون في مطار القاهرة في طريقهم إلي دول أخري في تطور مستمر حيث يتوقع أن يصل عددهم هذا العام إلي ما يقرب من نصف مليون مسافر. مع الوضع في الاعتبار تجارب الدول المختلفة يمكن وضع ملامح عامة لمقترح تشجيع الركاب الترانزيت في مطار القاهرة للذهاب في رحلات سريعة لزيارة معالم القاهرة للسياحة وذلك علي النحو التالي: 1 السماح لركاب الترانزيت الذين يتوقفون في مطار القاهرة لمدة تزيد علي8 ساعات وبحد أقصي24 ساعة بزيارة معالم القاهرة السياحية دون الحاجة إلي تأشيرة دخول. 2 يشترط شراء برنامج لرحلة سياحية من شركة الكرنك للسياحة. 3 يفرض رسوم ادارية5 دولارات علي كل راكب, ويستثني ركاب الترانزيت القادمون والمغادرون علي متن رحلات مصر للطيران من هذه الرسوم. 4 يتم حجز هذه الرحلات مقدما علي الموقع الالكتروني لشركة الكرنك من أجل تيسير وسهولة العمل. المردود الاقتصادي: من خلال الاسترشاد بمسح زائري اليوم الواحد الذي أجرته وحدة الحسابات الفرعية للسياحة بوزارة السياحة يمكن وضع تقديرات مبدئية عن الأهمية الاقتصادية المتوقعة من تشغيل سياحة الترانزيت في مصر علي النحو التالي: إن نمط سياحة اليوم الواحد في مصر يتركز فقط في ركاب سفن المسافات الطويلة التي تشمل عدة دول في أثناء الرحلة ومن بينها مصر عند توقف السفن في المواني البحرية المصرية, يقوم الركاب بدخول الأراضي المصرية للقيام برحلات سريعة ويقومون فيها بزيارة بعض الأماكن الأثرية في القاهرة ثم يعودون إلي سفنهم لاستكمال رحلتهم. أفادت شركات السياحة المصرية المتخصصة في ذلك النوع من السياحة بأن تكلفة رحلة اليوم الواحد للفرد الواحد في مصر تبلغ120 دولارا ويكون توزيعها علي بنود الإنفاق المختلفة, بالإضافة إلي سعر رحلة اليوم الواحد الذي يدفع إلي شركة السياحة المنظمة للرحلة فإن هناك مصروفات أخري ينفقها زائر اليوم الواحد علي السلع والتذاكر السياحية وذلك عند زيارتهم للبزارات السياحية المتضمنة في برنامج الرحلة, وفي هذا المقام تجدر الإشارة إلي أن هذا النوع من الزائرين يتميز بارتفاع إنفاقه علي الهدايا التذكارية, فوفقا للمسح المذكور يبلغ إنفاق زائر اليوم الواحد حوالي140 دولارا علي المشتريات بخلاف سعر الرحلة ذاتها. مع الاخذ في الحسبان اختلاف نمط زيارة الرحلات السريعة لركاب البواخر عن تلك الخاصة بركاب الطائرات من حيث العناصر المكونة للبرنامج السياحي وكذلك مدته, حيث يتصور أن يتكون هيكل برنامج الرحلات السريعة لركاب الترانزيت بمطار القاهرة علي النحو التالي: زيارة القلعة ومصر القديمة زيارة الاهرامات غداء أو عشاء أو: زيارة المتحف المصري زيارة الاهرامات غذاء أو عشاء ويتضمن كل برنامج خدمات النقل وخدمات الارشاد السياحي بالإضافة إلي التوقف في محلات العاديات السياحية ومن ثم فيتوقع ألا يزيد سعر الرحلة علي75 دولارا فضلا عن إنفاق الزائر الواحد نحو521 دولارا علي التذاكر السياحية ومن ثم ليصبح متوسط إنفاق الزائر الواحد نحو200 دولار.
