تسير الاوضاع علي الساحة السورية قبل جنيف2 الي طريق مسدود علي الرغم من محاولات الغرب للتدخل لاحداث تهدئة في سوريا, الا ان الوضع علي الارض يختلف تماما عن ما تتحدث فيه المعارضة السورية في الخارج والتي اتضح انها لا تتواصل مع الجماعات التي تتقاتل في داخل البلاد من اجل السيطرة علي الحكم, بالاضافة الي ان الشروط التي تضعها المعارضة علي ادارة البلاد الرسمية المتمثلة في نظام بشار الاسد لن تصل بالمفاوضات الي الطريق المرجو. المشهد في سوريا الان ملتبس تتدخل فيه اطراف عديدة, الجميع يبحث عن المصالح الشخصية, أو أهداف غربية, فاللاعبون كثر والنهاية ستكون مأساوية علي الجميع, وعلي المنطقة بأسرها. البداية التي يجب ان يعلمها الجميع ان ما يحدث داخل سوريا الان لا يمت لاي ثورة بأية صلة, فما يحدث الآن هو أن العديد من الجماعات الارهابية التي تسللت الي الداخل السوري واستطاعت ان تستغل الاوضاع التي كانت تمر بها البلاد من مطالبات شعبية لتتغلغل وتدخل في صراع مع الجيش العربي السوري, وهذه الجماعات مدعومة من الخارج خاصة قطروتركيا من اجل انهاك الجيش السوري, وفتح المجال امام تدخلات اجنبية وفرض عقوبات علي سوريا وجيشها تمهيدا لتدميرة وتفكيكه, وذلك علي غرار العراق. والواضح في الأمر ان مشروع الشرق الاوسط الموسع الذي تم اقرارة في العام2004, يسير بخطي واضحة في دول الربيع العربي- عدا مصر- وذلك في محاولة لاعادة رسم الخريطة من جديد وتقسيم المنطقة والدول الكبري الي دويلات يسهل السيطرة عليها, ويأتي ذلك بعد تفكيك جيوشها وتدميرها تماما وتحويل قواتها المسلحة الي قوات لمكافحة الشغب فقط, ويساند هذا المشروع الغربي عناصر من الداخل تم تدريبها بعناية في الخارج وتمويلها بأموال طائلة من اجل خلخلة المجتمع من الداخل واعطاء صورة غير صحيحة عن احوال البلاد, ثم بعد ذلك الضغط علي حكومات الدول من خلال التظاهرات ثم بعد ذلك الاقتتال الداخلي واستدعاء الغرب لانقاذ المدنيين الذين يتم قتلهم علي ايدي قوات النظام, سيناريو وضع بعناية وينفذ في سوريا بمنتهي الدقة حتي استطاعت تلك الجماعات ان تتسبب في تدمير اكثر من50% من المدن السورية تحت شعار الثورة. سوريا الآن اصبحت ممزقة علي ايدي جماعات ارهابية مسلحة علي اعلي درجة, وذلك بدعم عسكري من تركيا التي تنفذ المشروع الغربي بصفتها عضوا في حلف الناتو والذي يرعي مشروع الشرق الاوسط الموسع, وعلي امل ان يكون له دور الزعامة في المنطقة بعد وصول الاسلاميين الي الحكم, هذا من ناحية, ومن ناحية اخري ترغب الحكومة التركية ان تكون عضوا في الاتحاد الأوروبي وتسهيلها لهذا المشروع ودعمه ربما يكون ذريعتها في الانضمام للاتحاد, بجانب دولة قطر التي اصبحت الاداة التي تنفذ جميع المخططات الامريكية في المنطقة وتدعم من خلالها تلك الجماعات الارهابية في سوريا. أما علي الجانب الآخر فهناك المجلس الوطني السوري, والذي يضم عددا كبيرا من النشطاء السوريين الذين تركوا بلادهم منذ سنوات طوال وعاشوا في الخارج, وهم الآن يحاولون ان يمهدوا الطريق للغرب لضرب بلادهم او تفكيكه من اجل مكاسب شخصية يرغبون فيها او كراسي يتوقون اليها, الا ان هذه النماذج لا تدوم طويلا فهناك احمد الجلبي في العراق لعب نفس الدور قبل الحرب الا انه لم يصل الي شيء, اما عن الجماعات الارهابية المتواجدة علي الاراضي السورية, فهم مجموعات وصلت من افغانستان بعد الهدوء هناك ومقتل بن لادن واعتقادهم ان ما يفعلونه جهاد في سبيل الله, او مجموعات دخلت من العراق من خلايا تنظيم القاعدة ان مجموعات منبثقة منها, ساهمت تلك العناصر في اشعال الموقف علي الارض من خلال القتال ضد قوات الجيش السوري وتخريب البلاد, وهو مايظهر ذلك جليا, مع العلم ان المتظاهرين السلميين اختفوا تماما من المشهد بجانب هروب مئات الآلاف من المواطنين الي الخارج بسبب حالات الفوضي التي تثيرها العمليات الارهابية. اما الطرف الاساسي في المعادلة هو نظام بشار الاسد الذي استوعب الدرس جيدا وعلم منذ البداية ان هناك مخططا لتدمير بلاده وتقسيمها, لذا لم يتوان لحظة في مواجهة تلك الاحداث ومحاولة ايقافها ودخل الجيش السوري في مواجهات عنيفة مع الإرهاب للقضاء عليه وخروجه من بلاده, وهو ايضا يرفض الان اي فكرة لابعادة عن الحكم في ظل الاحداث اليومية التي تشهدها بلادة, مؤكدا ان هناك انتخابات رئاسية العام المقبل وهي التي ستحدد المجري السليم للحياة السياسية في سوريا, بجانب ان القوة الأساسية للجيش السوري متماسكة ولم تسقط او تنهك بجانب القدرة العسكرية لاتزال متواجدة, في ظل الدعم الايراني والروسي. الحقيقة التي يجب ان نخلص اليها أنه مع هذا الكم من اللاعبين الاساسيين في المشهد السوري الا ان الوضع لن يستقيم حال رحيل بشار الاسد ونظامه في الوقت الحالي, فالصراعات علي السلطة ستبدأ بعد الرحيل فورا, والعديد من الاطراف ستحاول جاهدة للوصول الي الحكم, وستتحول جميع العناصر الارهابية التي تتقاتل الآن الي ميليشيات تسيطر علي مدن معينة وتفرض فيها نفوذها بقوة السلاح, وستدخل سوريا في حرب اهلية لا يعلم احد مداها تصل في نهايتها الي تقسيم البلاد الي دويلات صغيرة, وهذا ما يرغب فيه الغرب بشدة. اما بقاء بشار الاسد حتي الانتخابات الرئاسية فهو الحل الامثل علي ان يخلفه فيما بعد شخص قادر علي ادارة البلاد وذو خلفية عسكرية تجعله قادرا علي قبادة الجيش السوري, وهو الامر الذي ترفضه المعارضة بشدة وترغب في رحيلة الان, وهو الامر الذي لن يتحقق في الوقت الحالي. اذن فالوضع في سوريا كثير الغموض والتعقيد في نفس الوقت, فكل ما يحدث الآن مجموعة مشاهد من ارهاب, ومحاولة اسقاط الدولة وليس النظام من اجل تحقيق مصلحة الغرب في شرق أوسط موسع.