أكد نبيل فهمي وزير الخارجية أن الواقع علي الأرض في مصر هو واقع نحو توجه ديمقراطي وانشاء مؤسسات منتخبة, برغم وجود بعض المشاحنات هنا أو هناك. مشيرا إلي تحسن مواقف العديد من الدول تجاه التغيير الذي شهدته مصر استجابة لثورة30 يونيو, وأن هناك تفهما من هذه الدول لتطورات الأوضاع في مصر, وقال انه كلما أنجزنا خارطة الطريق وتواصلنا مع العالم في شرح المواقف والظروف حدث تقدم, وأننا مع اقرار الدستور سنعبر إلي مرحلة جديدة. جاء ذلك في لقاء فهمي مع عدد محدود من الصحفيين خلال وجوده بالبحرين للمشاركة في قمة الأمن الاقليمي حوار المنامة التي ينظمها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره في لندن. و أضاف أنه ينبغي علينا التواصل مع المجتمع الدولي في شرح ما نفعله ومواصلة تطبيق خريطة الطريق. وأكد أن المجتمع الدولي سيظل يتابع الساحة المصرية عن قرب نظرا لأهمية مصر وانعكاس وتأثير نجاحها او فشلها وتوتراتها علي الشرق الأوسط بأكمله, وقال إن الموقف الدولي يتأثر بأحداث الشغب ويشعر بقدر من القلق لاستمرار التظاهر والمشاحنات. وأشار إلي أنه يشعر بتقدير المجتمع الدولي لقيام لجنة الخمسين بالانتهاء من عملها, وبعد أن وضعت صياغات للدستور تعكس الجدية والانفتاح علي الرأي والرأي الآخر, وتعكس محاولة للتوافق بين فئات المجتمع. وحول امكانية المصالحة مع جماعة الاخوان المسلمين, قال وزير الخارجية: نحن نريد بناء دولة ديمقراطية وهذا يعني العمل السياسي السلمي دون وجود عنف, وأي توجه سياسي من تيارات سياسية تقبل بوجود الآخر, أما التيار الذي لا يقبل بأن هناك أراء مختلفة فإن هذا لا يتماشي مع الديمقراطية. وأشار إلي أن ثورتي25 يناير و30 يونيو كان دافعهما أن المواطن المصري يريد أن يساهم في تحديد مستقبله, ومن ثم فإن المصالحة المطلوبة هي بين الشعب وهؤلاء وليست بينهم وبين الحكومة, مؤكدا أن القضية ليست بين الاخوان المسلمين والحكومة, فهذه الحكومة تشكلت بعد3 يوليو, والخلاف كان بين الشعب والسلطة الحاكمة في ذلك الوقت. وشدد فهمي علي أن من يريد إعادة عجلة التاريخ يفقد فرصة بناء المستقبل, أما من ينبذ العنف ويقبل خارطة الطريق ويسهم في بناء وطن قد يشمله ويشمل غيره لا يتفق معه في الرأي, فان الساحة مفتوحة أمامه حتي الآن, ومن يتم اقصاؤه فإن ذلك سوف يكون لعدم استعداده لقبول رأي الشعب أو الرأي الآخر. وقال: نحن نريد بناء دولة متحضرة وحديثة وهذا يعني بناء دولة المؤسسات وتقويتها اقتصاديا وعسكريا وغير ذلك, مشيرا إلي أن الخطوة الاولي لتحقيق ذلك هي قبول خارطة الطريق والمساهمة في التصويت علي الدستور وخطوات خارطة الطريق الأخري. وأكد أن نقطة الانطلاق الطبيعية لمصر عندما نتحدث عن الريادة المصرية أو الأمن القومي المصري, هي المنطقة الجغرافية التي نعيش فيها ونشاركها الهوية, وهي العالم العربي وافريقيا, وقال: ولهذا فإن' اغلب جولاتي إما للعالم العربي أو افريقيا أو اتصالا بما يرتبط بهما, وقد ذهبت إلي الهند لوزنها علي الساحة الآسيوية, ثم حضرت إلي البحرين واتوجه منها إلي العاصمة الغينية كوناكري لحضور المؤتمر الاسلامي'. وأشار إلي أنه ركز في حديثه عن ملف أمن الخليج أمام حوار المنامة علي دول مجلس التعاون الخليجي وعلي الساحتين الاقليمية والدولية, كما أكد أهمية حضور ومشاركة جامعة العربية في أية مفاوضات بين الغرب وإيران, مشددا علي أن البرنامج النووي يؤثر في العالم العربي ولابد أن نكون مشاركين بالمفاوضات. وقال إن مجلس التعاون الخليجي هو الحلقة المباشرة والجامعة العربية هي الحلقة الأوسط ولها حق المشاركة, فالأمن الخليجي مرتبط بشكل مباشر مع المشرق وقد يمتد لمناطق أخري في العالم العربي, وان الجزء الثاني من المفاوضات مع ايران يحتاج ولا شك إلي تشاور مع الدول المشاركة في هذا التفاوض. وردا علي سؤال حول رؤيته للاتفاق بين الغرب وإيران, قال فهمي إن اتفاق5+1 مع ايران هو اتفاق مرحلي وخطوة ايجابية, ونأمل أن يشكل خطوة نحو انشاء منطقة خالية من السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل الأخري في الشرق الأوسط بأكمله دون استثناء تطبيقا لمبدأ الأمن للجميع, بمعني اخلاء المنطقة بما فيها كل الدول العربية وايران واسرائيل من كافة هذه الأسلحة. كما أعرب وزير الخارجية عن الأمل في أن يكون هذا الاتفاق مؤشرا للتغيير في المواقف الايرانية ودلالة علي اتخاذ المواقف الايجابية تجاه علاقات حسن الجوار مع الدول العربية في الخليج, وقال إننا نريد أن نشارك في دعم أمن الخليج حفاظا علي أمن مصر وعلي أمن الدول الشقيقة في الخليج العربي, وأننا سنحترم موقف ايران ما احترمت الدول العربية. وقال فهمي: إن تخفيض التمثيل الدبلوماسي مع ايران اتخذ بناء علي مواقف ايران من مصر والمرتبطة بفترة حكم الرئيس الراحل أنور السادات, ثم ملفات أمنية ثنائية بين البلدين وقضايا أخري مرتبطة بالسياسة الايرانية في الخليج وفي المشرق ومناطق أخري, مشيرا إلي أن موقف مصر من إيران ليس مقصورا علي منطقة الخليج. وأكد أن العلاقة المصرية الايرانية مرتبطة بمصالح البلدين وأن من مصلحة أي دولة بما فيها مصر ان تتحاور مع الدول التي لها وزن علي مستوي العالم خاصة في منطقتنا, وأضاف أن إيران تمثل شعبا وحضارة عريقة ونتمني أن تكون العلاقات بيننا وبينها طبيعية, لكننا نحتاج أولا إلي تهيئة المناخ. وردا علي سؤال عن تطور العلاقات مع تركيا, أكد نبيل فهمي أن مصر تتعاون مع أي طرف, لكن هذا لا يعني أن نسمح لهذا الطرف أن يسئ إلينا, مشيرا إلي أن الموقف من تركيا جاء نتيجة لتكرار اساءة رئيس وزراء تركيا للشعب المصري وموقف الشعب المصري, واتخذنا القرار بتخفيض مستوي تمثيلنا والتمثيل التركي أيضا بعد تريث وانتظار طويل علي أمل أن يعيد الطرف التركي النظر في تصرفاته, لكننا لا نستعدي الطرف التركي ولانعادي المصالح التركية انما هناك مشكلة مع رئيس وزراء تركيا وهذا ظرف مرحلي. وحول ما إذا كان مبدأ المعاملة بالمثل سيسود في العلاقات المصرية مع الخارج, قال: اننا يجب أن نكون متسقين مع انفسنا, فالشعب المصري يريد اقامة نظام ديمقراطي, وهذا يتطلب أمور معينة سننجزها استجابة لهذا الشعب, وان من يأتي ليسأل أسئلة موضوعية سنتجاوب معه, أما من يتجاوز فسوف يكون لنا رد في حدود ما يحقق مصلحة مصر. وأكد أننا لا نتصرف عشوائيا بل نتخذ قراراتنا بحساب, وليس كل تصرف يجب أن نرد عليه بالمثل, وإنما بما يؤثر في الطرف الآخر أو يحقق لنا مصلحة, مشيرا إلي أنه أحيانا ما يتضايق الرأي العام من بعض ردود أفعالنا, لكنني مسئول أمام الرأي العام في تحقيق وحماية مصلحته. وردا علي سؤال عما إذا كان هناك تنسيق مصري اسرائيلي في التعامل مع حركة حماس بقطاع غزة علي ضوء ما يحدث في سيناء, قال الوزير: نحن نتابع كل ما يدور علي الأرض المصرية, أيا كان الطرف فلسطينيا أو غير فلسطيني, وأن هذا يتم وفقا لمعلومات وأجهزة مصرية. وأشار إلي أن تحركنا في سيناء هو تحرك مصري صميم, والشيء الوحيد الذي يأخذ أي طرف ثالث في الاعتبار, هو أن اتفاقية السلام المصرية الاسرائيلية تضع قواعد معينة للحركة في بعض أجزاء سيناء, وهو ما يتطلب منا بين الحين والآخر اطلاع الشريك الآخر علي هذا التحرك. وردا علي سؤال حول ما يذهب اليه البعض من أن ما حدث في المنطقة العربية في السنوات الأخيرة هو مؤامرة ومخططات خارجية, قال نبيل فهمي: انني أؤمن دائما بأن هناك مخططات عديدة لدول العالم المختلفة تتكثف وتتزايد عندما تكون هناك مشاكل في المنطقة. وأضاف: أعتقد أن25 يناير و30 يونيو هما نقاط فارقة ومع استقرار الأوضاع ستكون مناسبات نحتفل بها ونشكر الشباب الذي قام بها أو أسهم فيها. وأكد وزير الخارجية أن الإشراف علي الانتخابات هو مهمة مصرية, مشيرا إلي أن هناك طلبات من مجموعة مؤسسات دولية لمتابعة الاستفتاء علي الدستور والانتخابات, وقد وافقت اللجنة العليا علي الانتخابات علي ذلك, ومن بين تلك المؤسسات الاتحاد الأوروبي ومؤسسة كارتر واحتمال أن يكون هناك آخرون. وحول العلاقات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية, أشار فهمي إلي أن العلاقات المصرية الأمريكية كانت مضطربة وهناك تحسن بعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي لمصر كما أن لقاءه مع وزير الدفاع الأمريكي تشيك هاجل في البحرين كان ايجابيا. وأكد أن لا أحد يضع قوالب أو إطارا لمصر, فنحن نسعي لبناء دولة ديمقراطية, وهذه الدولة لابد أن تقوم علي مبادئ ومنظومة, ولا أحد يحدد لنا نموذجا معينا, وهناك مشاورات دولية مع مصر بين الحين والآخر للاطمئنان والتأكد من أن خارطة الطريق تسير في طريقها السليم, ومن حين لآخر بعض المنظمات. وحول تعليقه علي رفع العديد من الدول حظر السفر إلي مصر للسياحة, قال وزير الخارجية ان مواقف الدول هي انعكاس للواقع, فوجود مظاهرات ومشاحنات وحالة طوارئ يجعل الدول تتخذ مواقف احترازية وعندما انتهت حالة الطوارئ وحظر التجول, تغيرت الصورة وبدأ العديد من الدول في مراجعة وتغيير مواقفها. وردا علي سؤال عن رؤيته لأحداث البحرين, قال فهمي: نحن لا نعلق علي أي أحداث داخلية في البحرين أو أي بلد آخر, وأعتقد أن البحرين تحديدا مرت بحوارات وطنية, ونتمني التوفيق للجميع, وما يهمنا هو استقرار وتنمية وازدهار البحرين.