علي مدار سنوات ظل التمثيل القبطي تحت قبة البرلمان محكوما بمنحة رئيس الدولة, فضلا عن أن العملية الانتخابية في مصر كانت مقيدة بالأطر العائلية والقبلية, وهو ما يساعد علي غياب الأقباط وإقصائهم من المجلس. غير أن طموحات قبطية لاحت في الافق لتعظيم مشاركتهم السياسية في ثورة25 يناير التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك ونظامه, وفي هذا السياق تشكلت مجموعات قبطية للتوعية بأهمية المشاركة في المرحلة الإنتقالية منها أقباط من أجل الانتخابات وأقباط من أجل مصر فضلا عن انخراطهم بقوة في الحركات والائتلافات الشبابية والثورية, جنبا إلي جنب الإسهام في تأسيس عدد من الأحزاب الجديدة علي اختلاف توجهاتها. ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن, فمع أحداث ماسبيرو, والتي خلفت وراءها عشرات القتلي الأقباط, تعالت الدعوات القبطية لمقاطعة الانتخابات, احتجاجا علي تنامي خطاب ديني وسياسي متشدد ضدهم, واعتقادا منهم أنه لا جديد في مصر الثورة سوي تنامي قوي التيارات الدينية المتشددة, ومن ثم فإن الانتخابات لن تصب, في اعتقادهم, سوي في مصلحة دعاة الدولة الدينية, وهو ما أثار هواجس وشكوكا قبطية إزاء العملية الانتخابية برمتها. في المقابل ومع تطورات الأحداث السياسية في مصر, برز توجه قبطي مؤسسي نحو تفعيل المشاركة, وحشدت المؤسسة الكنيسة الأقباط للتصويت خلال مراحل الانتخابات, والتي أسفرت عن مشاركة قبطية وصلت لحد ال70% في بعض المحافظات وفقا لمصادر كنيسة, أيمانا منهم بأن المشاركة في التصويت تبقي الحل الأمثل لوضع قدم في الصياغة الجديدة لمستقبل الدولة المصرية مما يساعد علي تدعيم هويتها المدنية. وعلي الرغم مما أشيع حول وجود توجيه كنسي لقائمة بعينها وما تبعه من اصطفاف طائفي عكر, قليلا صفو المشهد الانتخابي, غير أن التوافق السياسي باتجاه( عقلنة) المناخ المصاحب للعملية الانتخابية, خاصة في المراحل الأخيرة من الانتخابات أكد أن الأقباط والمسلمين يشكلون معا المكون الأساسي لهذا المجتمع وعصبه الحساس, ناهيك عن أنه ليس أمام مصر الجديدة من وسيلة للتقدم والازدهار سوي تفعيل المشاركة القبطية والتئام نسيج الوحدة الوطنية, فهنيئا لبرلمان الثورة مشاركة جميع المصريين الذين خرجوا لوضع مستقبلهم في الصندوق. المزيد من مقالات سهى حشمت