في عام1906 أسسالبارون امبان حي مصر الجديدة, وحلم وقتها أن يكون الحي بوابة مشرفة وعظيمة لمدخل المدينة من الجهة الشرقية, وبالفعل نجح المهندس البلجيكي. في تحقيق حلمه, وبناء قصره الذي يعد تحفة معمارية وسط مصر الجديدة, ليظل الحي محتفظا باصالته ورقيه المستمد من الطابع المعماري الفريد لقصوره وفيلاته ومساكنه وتركيبته السكنية منذ نشأته وحتي قبل بعض سنوات من اليوم. لكن حال الحي الهادئ الراقي تبدل للنقيض, هكذا أخبرنا المهندس سليمان علي,62 عاما, احد سكانالكوربة, موضحا أن حي مصر الجديدة يضم مناطق تريومف, روكسي, الميرلاند, سانت فاتيما, شيراتون هليوبليس, العروبة, كلية البنات, الكوربة, منشية البكري, ميدان الإسماعيلية, ميدان الحجاز, ميدان المحكمة, سفير, صلاح الدين, النزهة الجديدة, ألماظة, مؤكدا أن جميع هذه المناطق بدأت العشوائيات والفوضي تعرف طريقها اليها, لكن بنسب مختلفة, أوضحها وأشدها متمثل في منطقة الكوربة, وروكسي, بسبب انتشار الباعة الجائلين بشوارع المنطقتين, واحتلالهم للارصفة, بجانب المقاهي التي تفترش كراسيها الشارع, وعملها حتي الصباح دون مراعاة اي حقوق وحرمات للسكان. ويقول الدكتور محمود عبد القادر,55 سنة, احد سكان مصر الجديدة, ان الكوربة بالتحديد دون باقي مناطق الحي, أصبح الأمر فيها أشبه بالكارثي بالنسبة لسكانها, فهذه المنطقة كانت تشتهر سابقا بالهدوء, والنظافة, وجمال طابعها المعماري الأثري المشيد علي التراث الإسلامي, لكن هذا المشهد يشوه كل ليلة, بسبب المقاهي, ومحلات الطعام فجميعها لايعترف بحق السكان والمارة في الشارع. ويعتبرها اصحابها أنه ملكية خاصة لهم, فيفترشون مقاعدهم بالرصيف والشارع وأمام أبواب المحلات المجاورة لهم, وتظل هذه الفوضي بالشارع في عرض مستمر بداية من التاسعة مساء وحتي الساعات الأولي من صباح اليوم التالي. وتشتكي منال سعيد,44 سنة, ربة منزل, من ظاهرة احتلال المقاهي لشوارعالكوربة الرئيسية التي تربط المنطقة بباقي مناطق مصر الجديدة, مما يعوق حركة المرور, والتسبب في أزمة مرورية طاحنة بشكل يومي, هذا بالإضافة إلي المضايقات والمعاكسات التي التي تتعرض الفتيات من بعض رواد هذه المقاهي, هذا علي حد قولها. ويتساءل أسامة الطحاوي,52 سنة, قائلا: أين رئيس الحي من ضبط الشارع وإنهاء حالة الفوضي التي عمت أغلب مناطق مصر الجديدة, موضحا أن منطقة مثلروكسي والكوربة يقع في نطاقهم جزء من قصر الرئاسة, وعلي بعد أمتار من سور القصر, وفي الشوارع الرئيسية المؤدية إليه, يكمن نموذج متكامل للفوضي, وتقاعس المسئولين عن تأدية عملهم وواجبهم, متمثلة في انتشار الباعة الجائلين, واحتلال المقاهي لشوارعالكوربة وروكسي. أما عائشة عبد القادر, التي تجاوزت ال75 من العمر, فتستغيث بكل مسئول عن تنظيم وضبط الشارع, وتقول: أنا سيدة تجاوزت من العمر سنوات عديدة ومن حقي أن أعيشي ما تبقي لي من حياتي في هدوء وراحة, أسفل منزلي بشارع إبراهيم اللقاني يوجد مقهي من زمان, لكننا لم نكن نشعر بأي مشكلة من ناحيتها, ورغم أن الشارع بطبيعته شارع تجاري مملوء بالمحلات, لكن الجميع ملتزم باداب الجيرة, لكن الحال تبدل فهذا المقهي اصبح مصدر الإزعاج الرئيسي لي ولجميع أفراد أسرتي وسكان العقار, فنذ الساعات الأولي من الليل وحتي الفجر يظل هذا المقهي تعمل, ويحتلون الشارع واغلب رواده من الشباب معظمهم من غير ابناء الحي, يتحدثون بصوت مرتفع, بعضهم يستخدم ألفاظا خارجة لايصح ان تسمعها سيدات او أطفال, والبعض الآخر يظليعاكس الفتيات الواقفات في الشرفات, مما جعلهن محددات الإقامة في منازلهن لايخرجن الإ للضرورة, خوفا منالمعاكسات وتجنبا للضوضاء وسماع مالايجب سماعه. وفي جولة ل اهتمامات الناس بشوارع حيي الكوربة وروكسي, تم رصد عدد من المخالفات ابرزها احتلال المقاهي ومحلات الطعام لشوارع الكوربة الرئيسية, وانتشار الباعة الجائلين علي أرصفة روكسي, وتبدأ المقاهي في ممارسة تجاوزاتها من العاشرة مساء كل يوم وحتي الفجر, واهم نتائج هذه الفوضي هو الشلل المروري التام الذي يصيبها طوال اليوم, مما يصعب مهمة رجال المرور الذين يبذلون جهدا كبيرا في تنظيم الحركة المرورية هناك, إلا انها تذهب جميعا سدي, لغياب دور الرقابة والبلدية والمرافق بحي البارون.