تصريحات الدكتور حازم الببلاوي رئيس مجلس الوزراء حول سد النهضة بأنه يمكن أن يكون مصدر رخاء للجميع أثارت حالة من الجدل الشديد, بسبب تضارب التصريحات بين الحين والآخر حول تأثير سد النهضة علي حصة مصر من مياه النيل, خصوصا أن هذه القضية ما زالت تبعاتها امستمرة حتي بعد زوال حكم الإخوان الذي أضر بعلاقة مصر بدول حوض النيل في إدارتهم ملف سد النهضة, وتبرز هنا قضية الأمن المائي علي قمة الموضوعات ذات الأهمية لتداركها قبل فوات الأوان والدخول إلي دائرة الفقر المائي التي لن تبقي ولاتذر. الدكتور إبراهيم نصر الدين أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة, يتفق مع تصريحات الدكتور حازم الببلاوي رئيس مجلس الوزراء بأن سد النهضة يمكن أن يكون مصدر رخاء للدول المحيطة, خصوصا أن أثيوبيا ليست فقيرة في المياه بل لديها فائض, مشيرا إلي أنه كان من الأشرف لمصر الانضمام إلي اتفاقية عنتيبي, بدلا من المتاهات والاجتماعات التي يتم الدعوة إليها والتي لا تمثل أي خطوة نحو حل القضية, مؤكدا أنه ليست هناك أزمة لدي مصر أو لدي دول حوض النيل في المياه حاليا, مؤكدا أن دول المنابع ليست في حاجة ملحة إلي المياه, مشيرا إلي أن معدل الإيراد السنوي لنهر النيل1665 مليار متر مكعب من المياه لا تستهلك مصر والسودان إلا84 مليار متر مكعب أي نحو6% من إيرادات النهر والباقي يضيع في المستنقعات والبخر وما إلي ذلك, كما أن غالبية دول المنابع تعتمد في زراعتها علي الأمطار بنسب تتراوح ما بين80 إلي95% في الزراعة, بالإضافة إلي أن الاحتياجات المائية لدول الحوض, علي نحو ما طلبته هذه الدول رسميا وبصورة رسمية مكتوبة في دراسات عام1959 كانت كينيا وتنزانيا وأوغندا كانت طلباتها كلها مليارا و710 ملايين متر مكعب من مياه نهر النيل كي تغطي احتياجاتها في25 عاما حتي عام1984, ارتفعت هذه الاحتياجات لكل دول المنابع إلي خمسة مليارات متر مكعب من مياه نهر النيل في بداية التسعينيات لتغطي فترة25 سنة حتي عام2015, وزاد المطلب مع بداية القرن الحالي ليصل إلي10 مليارات متر مكعب من مياه نهر النيل لمدة25 عاما بدءا من عام2002 ووصولا حتي عام.2025 وذلك يعني أن مطالب دول حوض النيل المسجلة في دراسات تبلغ10 مليارات متر مكعب من المياه حتي عام.2025 وأضاف د. إبراهيم نصر الدين أن هناك صعوبات كثيرة في إقامة سدود بالشكل المعلن عنه, فمنذ18 عاما تقريبا كان الحديث عن إنشاء50 سدا فقط, بينما الآن يتحدثون عن إنشاء30 سدا فقط. قائلا إن دول حوض النيل الإفريقية ليس لها حق قانوني قي التأثير علي حصة مصر والسودان من مياه النيل. مشيرا إلي أن ما يحدث في هذا الإطار يمثل محاولة لجر مصر لصراع جانبي مع دول حوض النيل دون الالتفات إلي الصراع الأساسي للوجود المركزي الذي تريد الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تفعله في مصر بعد انفصال جنوب السودان والمخطط لتقسيم مصر أيضا في إطار حرب طائفية داخلية. الدكتور محمد أسامة خبير الموارد المائية يدق جرس الإنذار بالأرقام والإحصاءات, ويقول إن نصيب المواطن المصري في عام1990 كان يبلغ1220 مترا مكعبا من المياه, أي أنه كان يفوق تعريف الفقر المائي, إلي أن بدأنا نشعر بأزمة المياه في الزراعة عام2005, وفي عام2007 تراجع نصيب الفرد إلي942 مترا مكعبا من المياه, وسيصل نصيب الفرد في عام2025 إلي سبعمائة متر مكعب, وفي2050 يتوقع أن يصل نصيب الفرد إلي470 مترا مكعبا أي أنه ستكون هناك أزمة طاحنة وقحط شديد. مشيرا في هذا الإطار إلي أن الإحصاءات العالمية تؤكد وجود أزمة إذا قل نصيب الفرد من المياه عن ألف متر مكعب من المياه سنويا وفقا لتعريف الدانماركي فوكن مارك, أما إذا قل نصيب الفرد من المياه سنويا عن500 متر مكعب يكون هناك قحط, بينما الأممالمتحدة وضعت الحد الأدني للأزمة إذا قل نصيب الفرد عن1750 مترا مكعبا من المياه سنويا. ويستطرد د. محمد أسامة, أنه وفقا للتقديرات سيكون تعداد السكان مصر في عام2025 حوالي105 ملايين نسمة بينما سيكون في إثيوبيا102 مليون نسمة, وفي تقديرات عام2050 يتوقع أن يصل عدد السكان في مصر إلي150 مليون نسمة وفي إثيوبيا140 مليون نسمة, بينما إذا نظرنا إلي كينيا فتعداد سكانها في عام1990 كان يبلغ24 مليون نسمة سيصعد إلي67 مليون نسمة في عام2050 حيث يتضح ارتفاع عدد السكان لديها بشكل كبير, فزيادة السكان تشبه الإسفنجة التي تمتص المياه وذلك ما يجعلنا نجزم بوجود أزمة مياه. فمصر كان يتاح لها استخدام63.5 مليار متر مكعب في عام1990, وفي عام2000 ارتفع الرقم إلي72 مليار متر مكعب, ويتوقع في عام2025 أن يصل الرقم إلي74 مليار متر مكعب, وفي2051 سيقف أيضا عند رقم74 مليار, وذلك يعني أن ما يمكن حصده من المياه لن يزيد بعد عام2000 سوي ألفي متر مكعب في خلال50 سنة, وذلك يعني أننا نواجه أزمة. وعن حجم المياه التي تضيع عن مصر دون استخدام يشير د. أسامة إلي أن ما يضيع نتيجة سوء الإدارة عند فم الترعة والهدارات ما بين35% و50% من المياه الموجهة للري تذهب إلي المياه الجوفية التي نسحبها مرة أخري ليتراجع الرقم إلي20% كمية فقد المياه لدينا. كما أن تلوث المياه يحرمنا من الاستفادة منها في مياه الري.