فاقد الشيء لا يعطيه, هذا القول ينطبق تماما علي مستشفي قطور المركزي, بمحافظة الغربية, حيث الإهمال واللامبالاة والعشوائية, هي مفردات التعامل مع مرضي, رقدوا علي سرير المرض, مستسلمين لأقدارهم, منتظرين من يخفف آلامهم, ولكن, أني لهم هذا, والمستشفي الذي يعمل به أكثر من300 طبيب, قد غاب معظمهم( عامدين) عن العمل, رغم أن أسماءهم في الدفاتر حاضرة, وقد تم إحالة أكثر من170 طبيبا منهم للتحقيق; بسبب غيابهم يوم زيارة اللواء المحافظ, في شهر سبتمبر الماضي. وهو ما أكده رجال الشرطة المكلفون بتأمين المستشفي أن المشاجرات التي تحدث بصفة شبه يومية في قسم الاستقبال, يكون سببها الرئيسي عدم وجود أطباء. ولعل وحدة الغسيل الكلوي بمستشفي قطور, التي تضم13 جهازا, كان5 أجهزة منها متعطلة في أثناء زيارة المحافظ, والباقي حالته رديئة جدا, تمثل نموذجا صارخا لمعاناة أكثر من65 مريضا بالفشل الكلوي, غالبيتهم من الفلاحين وربات البيوت الذين فأبت أقدارهم إلا أن يحصدوا المرض, لكنهم لم يجدوا لا الطبيب, ولا الدواء, ولا الدم, ولا حتي الكلمة الطيبة التي هي صدقة.. ومن شدة معاناتهم وقسوة آلامهم, أصبح عندهم الموت أهون من هذا العذاب الذي نعيشه ثلاث مرات كل أسبوع, والذي يسمي جلسة الغسيل الكلوي; حسب قول عم إبراهيم, وهو علي سرير الفشل الكلوي, الذي أصابه منذ10 سنوات, مشيرا إلي أن الأجهزة كثيرة الأعطال, وقليلة العدد, كما أنه لا يوجد أطباء متخصصون يتابعون حالتهم, بل إنه لا يوجد في معظم الأوقات أي طبيب, رغم أنهم يتعرضون لمخاطر عديدة, تجعل يد الموت أقرب إليهم من يد الطبيب.. وهو ما يؤكده الدكتور رمضان أبو جليل, إخصائي الباطنة, المشرف علي وحدة الغسيل الكلوي, قائلا: عندنا ثلاثة أطباء كلي مقيمون, إلا أنهم جميعا غير موجودين; لأنهم في امتحانات الماجستير. وأضاف: نعم, يوجد عجز في حقن إيبركس. ويؤكد الحاج أحمد أبو نار, والذي يرافق زوجته المريضة منذ4 سنوات, فاطمة رياض(55 سنة) أنه يتم تعقيم الوحدة في الأوقات المخصصة للغسيل الكلوي, مما يجعلنا ننتظر من الساعة10 صباحا وحتي الثالثة عصرا, مشيرا إلي أن بعض المرضي ينتظرون12 ساعة حتي يتم تركيب الجهاز لهم. ويطالب بأن يكون التعقيم يوم الجمعة, كما يطالب بتزويد الوحدة بأجهزة جديدة لأن الأجهزة الموجودة لم تعد صالحة, حيث إنها تتعطل كثيرا. ويضيف رضا الخليفة(44 سنة, ويغسل منذ7 سنوات) أن أدوية الفشل الكلوي لم تأت منذ شهرين, وكذلك لا يوجد دم لمن يعاني من أنيميا, بالإضافة إلي أن أي عطل في جهاز الغسيل يتسبب في عدم استكمال الجلسة,. وكان القدر قد ساق, السبت الماضي, طبيبا شابا يرافق والدته المريضة, فأنقذ مريضين كانا قد أصيبا بانخفاض حاد في الضغط, بينما تسبب عطل فني بأحد الأجهزة في إصابة مريض آخر بغيبوبة, وتم نقله للعناية المركزة, كما ذكر المريض كريم القطوري(26 سنة, ويغسل منذ سنتين).. الأمر الذي أحدث حالة من السخط والاستياء والغضب بين المرضي وذويهم, ومما ضاعف من آلام هؤلاء المرضي أن الطبيب المقيم أغلق تليفونه, وغادر الوحدة!! ولم تكن هي المرة الأولي, فقد تكررت مرات عديدة بتعدد الشكاوي لكل المسئولين, علي اختلاف مستوياتهم.. فمدير المستشفي قال: مش لاقي دكتور كلي, ومفيش دم ولا أجهزة جديدة.. هيجيبولكم منين, روحوا اشتكوا!!.. ووكيل الوزارة وعد بإيجاد حلول للأجهزة الرديئة التي تتعطل يوميا, وسد العجز في الأطباء, بتوفير أطباء متخصصين, وإصلاح الأجهزة المتعطلة, وتوفير أكياس الدم, لكن كله كلام والسلام أما أحمد غازي(26 سنة, ويغسل منذ18 شهرا) فيؤكد أن أي مريض تحدث له مضاعفات لا يكمل جلسة الغسيل; لأنه بالاتصال علي الطبيب, يقول: أنا في إجازة!! ويضيف أن الجهاز الواحد بيغسل عليه3 مرضي يوميا, ولما بيعطل يتم تأجيلهم بعد الساعة السابعة مساء, بالإضافة إلي أننا لم نصرف العلاج منذ شهرين, مما يضطرنا لشرائه علي نفقتنا.