من حكايات الطفولة التي لا أنساها, أن سيدة البيت أرادت أن تشوي بعض حبات الكستناء( أبو فروة), فأشعلت الموقد, وجاءت بقرص معدني مستدير وضعته فوق النار. وعندما اشتدت حرارة المعدن, وضعت فوق القرص عددا من حبات الكستناء التي تعرف كم يحبها الأبناء. وسرعان ما انتشرت رائحة الشواء في البيت. وكان في البيت قرد أليف شم رائحة الشواء الشهية, فانتهز لحظات انشغلت فيها ربة البيت ببعض مهامها, واقترب من الموقد يريد سرقة بعض الحبات الشهية. لكن ما أن مد أطراف أصابعه قرب القرص المعدني, حتي جعلته سخونة المعدن يكتم صيحة كادت تفلت منه وهو يتراجع متألما. في تلك اللحظة شاهد قطة البيت الصغيرة, فتذكر كيف اتهمها أهل البيت منذ أيام بالسرقة عندما اكتشفوا اختفاء بعض قطع اللحم التي كانت سيدة البيت قد أعدتها للطهي علي منضدة المطبخ, فخطرت له فكرة أسرع ينفذها. انقض القرد علي القطة, وأمسكها بيديه بقوة من وسطها, فبدأت تموء وهي تتلوي محاولة التخلص من قبضته وأقدامها تتحرك في عصبية إلي الأمام والخلف, لكنه لم يتراجع وقد شدد قبضته عليها. واقترب القرد بالقطة من حبات' أبو فروة', فلسعتها الحرارة وأقدامها تصطدم بالحبات الساخنة. وهكذا وجدت نفسها محاصرة بين القبضة القوية للقرد الجائع الطماع وبين سخونة القرص المعدني, فازدادت حركة أقدامها عصبية, والقرد يدس تلك الأقدام بغير شفقة وسط الحبات الشهية, فتبعثر بعضها بعيدا عن القرص الساخن وسقطت علي الأرض. عندئذ أفلت القرد القطة المتألمة, وأسرع يجمع غنيمته لينزع قشرها بعيدا عن عيون أهل البيت, ويستمتع وحده بمذاقها. وعندما عادت سيدة البيت إلي موقدها واكتشفت اختفاء عدد كبير من الحبات, تنبهت إلي القطة التي انهمكت تلعق بلسانها باطن قدميها في محاولة لتخفيف آلام ما أصابها من لسعات. صاحت السيدة في غضب:' حروق أقدامك تنطق بأنك السارقة..' ثم انهالت عليها بعصا لتنال مزيدا من الآلام! أما الجاني الحقيقي والمستفيد الوحيد, فقد اختفي تماما مع غنيمته!!