أطلقت فرنسا وألمانيا مبادرة مشتركة- مدعومة من الدول الأوروبية- بهدف وضع قواعد مشتركة مع الولاياتالمتحدة لمنع عمليات التجسس, في الوقت الذي حذرت فيه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس من اهتزاز الثقة بين الدول الأوروبية والولاياتالمتحدة علي خلفية فضائح التسريبات بشأن تجسس أجهزة المخابرات الأمريكية علي هاتف ميركل المحمول وملايين من الاتصالات الفرنسية. وفيما اعترفت واشنطن بأن برنامج المراقبة الأمريكي أثار توترات شديدة مع حلفاء الولاياتالمتحدة, مشددة علي أن هذه العمليات تبقي مشروعة, كشف رئيس جهاز الموساد الأسبق داني ياتوم عن أن المخابرات الامريكية تقوم بالتنصت علي مسئولين اسرائيليين. وفي قمة دول الاتحاد الأوروبي ببروكسل, صرحت المستشارة الألمانية بأن انعدام الثقة قد يضر التعاون الضروري في مجال جمع الاستخبارات, مشيرة إلي أن الثقة في حاجة لإعادة بناء, وذلك علي خلفية تقارير أفادت بأن وكالة الأمن القومي الأمريكية إن أس إيه تنصت علي اتصالات عدد من القادة الأوروبيين. واعتبرت ميركل أن التقارير حول احتمال تنصت أجهزة المخابرات الأمريكية علي هاتفها المحمول الشخصي هزت بقوة العلاقات بين أوروبا والولاياتالمتحدة. وجاءت تصريحات ميركل في الوقت الذي كشفت فيه صحيفة ألمانية عن أن عمليات التنصت علي هاتف ميركل تمت من سفارة الولاياتالمتحدة في برلين, عبر الجهاز الخاص لجمع المعلومات الذي ينشط في السفارات والقنصليات الامريكية عبر العالم وفي غالب الاحيان بشكل سري. وبالتوازي نفت المستشارة الألمانية أنه تم بحث المطالبة بقطع المحادثات مع الولاياتالمتحدة حول اتفاقية تحرير التجارة خلال القمة الأوروبية, مضيفة أن موضوع حماية البيانات الشخصية يتعين أن يكون له الأولوية في المعالجة, وهو الأمر الذي أكده رئيس الوزراء الإيطالي إنريكو ليتا بقوله إن الاتحاد الأوروبي لن يعلق المباحثات مع الولاياتالمتحدة بشأن اتفاقية شراكة التجارة والاستثمار عبر الأطلسي. وهيمنت فضيحة التجسس الأمريكية علي قمة الاتحاد الأوروبي خاصة بعد كشف صحيفة الجارديان البريطانية عن أن وكالة الأمن القومي الأميركية تنصتت علي35 من قادة العالم. وفي رد فعل علي نشاط المخابرات الأمريكية, أطلقت فرنسا والمانيا مبادرة مشتركة- مدعومة من الدول الأوروبية الأخري- سعيا لإيجاد أرضية تفاهم مع الولاياتالمتحدة قبل نهاية العام في ما يتعلق بمسائل التجسس. وطالب الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند بوقف عمليات التجسس الأمريكية ضد الحلفاء الأوروبيين. وقال: ما يعتد به اليوم هو التأكد من أن مثل هذا الأمر لن يتكرر. وذكر الرئيس الفرنسي أن هذا هو الهدف المشترك من المبادرة الألمانية-الفرنسية, مشددا علي أنألمانيا وفرنسا متحدتان في إجراءاتهما, وأن دولا أوروبية أخري انضمت لهذه المبادرة. وقال إن ما كشفه العميل الأمريكي السابق إدوارد سنودين حول التجسس من قبل الولاياتالمتحدة علي حلفائها كان أخيرا مفيدا وأدي إلي مزيد من الفعالية لأجهزة المخابرات وإلي مزيد من الحماية للحياة الخاصة للمواطنين. وتابع نريد أن نعرف ما تعرفه الصحافة وأن تستمر في نشره انطلاقا من وثائق سنودين. وتم تقديم المبادرة الفرنسية الالمانية عند افتتاح القمة بهدف التوصل قبل نهاية السنة الي اتفاق حول العلاقات المتبادلة بين الأوروبيين والأمريكيين في مسائل التجسس, بحسب رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي. وأوضح فان رومبوي أن المطلوب انشاء مجموعة يمكن للدول الأعضاء الأخري الانضمام إليها من أجل إيجاد قواعد مشتركة مع الولاياتالمتحدة بشأن أنشطة التجسس, محذرا من أن فقدان الثقة يمكن أن يضر بالتعاون علي صعيد التجسس. وترتبط الولاياتالمتحدة باتفاقيات لمنع التجسس مع بريطانيا واستراليا ونيوزيلندا وكندا وهو تحالف يعرف باسم العيون الخمس أقيم بعد الحرب العالمية الثانية. وقال زعماء الاتحاد الأوروبي- في بيان- إن اهتزاز الثقة في الولاياتالمتحدة بشأن التجسس علي حلفائها قد يضر بالحرب علي الإرهاب, ودعوا إلي وضع ميثاق عمل جديد في هذا الإطار بحلول نهاية العام. وجاء في البيان أن انعدام الثقة قد يضر التعاون في جمع الاستخبارات. ومن جانبها حذرت واشنطن بعض أجهزة المخابرات الأجنبية من أن الوثائق التي حصل عليها سنودين تحتوي علي تفاصيل حول طريقة تعاونها السري مع واشنطن, بحسب ما ذكرت صحيفة واشنطن بوست أمس.