لا أريد ذكر أسمي لأني ما زلت اتبع نفس الأسلوب مع أبي. . أتجنب المشكلات والصدام بأي طريقة او علي الاقل اؤجلها طالما أني لست مضطرا لها. ومع ذلك كتبت لك, لاني من تكرار ما يفعله معي ابي وامي, ومن شدة الضغط والالحاح اصبحت اريد التأكد اني بخير وافكر بشكل منطقي وان كان غير ذلك فرجاء صارحيني. سني29 عاما, تخرجت مع الاسف من كلية الطب, وحاليا اعمل في عيادة كبيرة لدكتور شهير بالمدينة التي اقيم فيها. قد يتوقع لي المحيطون بي نجاحا ومستقبلا ماديا كبيرا, خاصة اني اتعاون مع اطباء كبار وشركات عالمية تهتم بجراحات التجميل ومستحضرات تحسين الجلد والبشرة وهذا المجال أغلب تعاملاته مع النجوم والأثرياء وزبائن الطبقة الراقية, ويتيح فرص سفر عديدة للخارج, ورغم كل هذه المزايا معا لست سعيدا او فخورا بعملي وتخصصي كما يتوقع البعض, لاني دخلت كلية الطب اصلا بناء علي طلب والحاح والدي الذي كان مصرا ان يضع امام اسمي لقب الدكتور, وكذلك فعلت والدتي بعده, فنحن وان كنا الان من المقتدرين الا ان ابي وامي ما زالا يحتفظان بأخلاق الطبقة المتوسطة التي يسعدها الصيت, وان يردد الاقارب والمعارف والجيران جملة( بو الدكتور ذهب.. ام الدكتور جاءت) بينما انا في عالم اخر, ولي تفكير مختلف تماما, فقد كنت مولعا بدراسة الاثار والتاريخ والفن والنحت و املي ان التحق بكلية الاثار او الفنون الجميلة, لكني خضعت للابتزاز العاطفي والضغط والحصار, وربما كما يقال في الاقتصاد( من بيده المادة بيده القرار). تخرجت وعملت طبيبا كما اراد لي ابي, والغريب اني تقدمت في عملي وسافرت لمؤتمرات كثيرة بأنحاء العالم, وفي احدي العواصم الاوروبية, تعرفت صدفة بفتاة رائعة كانت لطيفة ومرحة لدرجة جذبتني اكثر من جمالها الاخاذ الواضح, واحبتني الفتاة اللطيفة واحببتها حبا حقيقيا كبيرا, واتفقنا علي الزواج كي نعيش معا مدي الحياة. لكني للمرة الثانية وقعت في صدام شديد مع ابي, الذي كان مازال يخطط لحياتي و يرسم لي طريقا نحو زيجة عائلية من بنات احد اقاربنا الاثرياء, فتاة ريفية صغيرة جميلة لم اقابلها غير مرتين في مناسبات عائلية ولم تلفت نظري او بالأحري لم تعجبني فيها السذاجة او الخجل المصطنع, وليس لي اي رغبة حتي في أن اعيد علي نفسي لقاءها لأي سبب. ابي يبحث لي عن الثروة والعزوة والاسم العائلي المشرف علي حد قوله, وامي تتهم الاوروبيات جميعا دون تمييز او تفكير بالانفلات الاخلاقي والطمع المادي والبعد عن الدين وعدم الصلاحية لفتح البيوت وتأسيس اسرة متماسكة, رغم ان حبيبتي التي اخترتها زوجة بالذات من اسرة كبيرة في مدينتها, وتعليمها متميز ومثقفة وتفهمني وتشاركني افكاري ونفس احساسي بالناس والحياة, وتحبني لدرجة انها تريد اشهار اسلامها والعيش معي في مصر تحت اي ظروف وهو عكس ما اراد لها اهلها ايضا. نحن لسنا شبابا طائشا نحن جيل تلقي تعليما جيدا جدا, وانفتح علي العالم بالوسائط الاليكترونية في توقيت مبكر من حياته, ويعيش ظروفا سياسية استثنائية وحياة تغيراتها سريعة وحادة, فكيف بعد ذلك كله يظن الأب أو الأم أو أي ولي أمر انه الموكل برسم مستقبل ابنه بحساباته وتقديراته وافكاره هو ؟ هذه المرة انا لن اخضع للابتزاز المادي أو العاطفي من اي جهة كانت, ومتمسك باختياري وبزواجي من الفتاة التي يقبلها قلبي وعقلي بكل حب وباقتناع كامل ومستعد لتحمل مسئولية قراري بالكامل, انها حياتي وليس علي شخص اخر ان يختار لي مستقبلي و شريكة عمري مع كل التقدير لأسرتي التي احبها ولا غني لي عنها.. لكن قراري واختياري مازال حتي الان عاما وإستراتيجيا بلغة السياسة, فهل لديك( تكتيك) يقنعهم أونصيحة بتنفيذ الخطوات واقعيا, تجعل الامر اسهل لي ولهم ؟ام ان لديك رأيا اخر ؟ عزيزي الشاب العاشق تعجبني رسالتك, لدرجة أني لا اريد ان استأثر وحدي بالتعليق علي ما جاء فيها, وأفضل ان تسمع لها صدي من اكثر من اتجاه, من امهات واباء وشباب مثلك داخل مصر وخارجها ولهم نفس التجربة, وعن نفسي لن اتركك الي الاسبوع القادم قبل أن اجيبك صراحة بأني ادعم حقك الكامل في رسم حياتك وطريق مستقبلك, بل وتعجبني قوتك و حماسك في الدفاع عن اختيار قلبك وعقلك كما وصفت وتحمل المسئولية بعد ذلك. وحتي نقرأ معا اراء قراء بريد الجمعة او تجاربهم المختلفة, لي رأي واضح ارجو ان تعتبره مقدمة لنقاش طويل قد يتسع المجال له أكثر فيما بعد هناك خرافتان تكرر ذكرهما في افلامنا العربية, وليس لهما اي سند علمي او واقعي, لذا ارجو الا تصدق أيا منهما: الحظ ليس له دور في نجاحنا, والظروف لا تؤثر علي مصيرنا. السعادة ليس لها علاقة بالمال ولا يمكن شراؤها بأي ثمن. فكر وانتظر.. للحديث بقية في الاسبوع القادم بإذن الله.