للسيطرة علي القصر الذي غاب عنه سكانه, بدأت حرب لا تنتهي بين الفئران والقطط, وفي كل المعارك كان النصر للقطط.. عقدت الفئران اجتماعا: هل نهجر القصر ؟.. فإذا تمت الموافقة علي هذا الاقتراح, فإلي أين نذهب ؟.. أم نبقي ونتفادي الدخول في معارك ؟... لكن ماذا يحدث عندما يضطرنا البحث عن الطعام إلي المخاطرة بمواجهة القطط أخيرا وقف فأر شاب عرفوه ببلاغته وقال: أعتقد أن هزائمنا أمام القطط ترجع إلي عدم وجود قادة لنا نلجأ إلي رأيهم وقراراتهم وقت الخطر. وكأنما كانت الفئران لا تنتظر غير هذا الاقتراح فوافقت عليه بغير تردد, وجاء وقت اختيار القادة فتطايرت الاقتراحات: هل يتم اختيار القادة باعتبار أن الأكبر سنا هم الأكثر خبرة ومعرفة ؟ اعترض الشباب: لابد من جرأة الشباب مع حكمة الشيوخ... ولحسم الأمر تم الاختيار بالقرعة!.. وهكذا عينت جماعة الفئران القادة عليها بأكثر الطرق عشوائية! واجتمعت القيادة الجديدة في غرفة مغلقة.. لم يبدأوا التفكير في كيفية تدبير الطعام لجماهيرهم بعيدا عن الاحتكاك بالقطط, أو كيفية تفادي التعرض لهجماتها.. كان أول ما فكروا فيه ما قاله أحدهم: لابد أن تعرف كل جماعة الفئران مدي سلطتنا وارتفاع مكانتنا الجديدة.. من المهم البحث عن وسيلة خاصة تميزنا بوضوح عن غيرنا من عامة الفئران!... وهلل القادة الجدد للاقتراح.. بعد مناقشات طويلة وخلافات عنيفة, قدم أحدهم اقتراحا لم يسبق أن فكر أحد في مثله: أهم ما يميز عددا كبيرا من قادة المخلوقات, ما يتحلون به من قرون كبيرة.. لماذا لا نميز أنفسنا عن عامة شعب الفئران بقرون مهيبة رائعة نثبتها فوق رءوسنا ؟!. وهكذا أنفقوا معظم الوقت والمدخرات علي تصنيع قرون هائلة طويلة تليق بكبش من كباش الجبال, ثبتوها بالغراء فوق رءوسهم. عندئذ فاجأتهم المعركة.. المعركة التي كانت القطط المدربة تخطط لها منذ عرفت أن الفئران تحاول اختيار قادة لها لتسيطر علي القصر, بينما نزلت الفئران المعركة بقيادة قادتها الذين لم يعدوا لها إلا قرونهم! وكان طبيعيا أن تهزم القطط جيوش الفئران التي لا تملك أية خبرة إلا صنع القرون, فعادت إلي جحورها مهزومة مذعورة.. أما قادة الفئران فقد منعتهم قرونهم الهائلة الطويلة من التسلل بسرعة إلي جحورهم, فأمسكت بهم القطط بسرعة وبغير مجهود!