هي في الأساس ناشطة من أبرز الناشطات في مجال البيئة, وقد أمضت جزءا كبيرا من حياتها في البحث عن حلول غير تقليدية لمشكلات حادة, واختارت أن تتعامل طول الوقت علي أرض الواقع مع جامعي القمامة والفريزة.. تعلمهم ببساطة ما درسته أكاديميا لتحويل القمامة إلي مصادر للتنمية, والتغيير الاجتماعي, وظلت تحاول أن تنتزع من الحكومة اعترافا بحق جامعي القمامة في طرح رؤيتهم. وعندما تم اختيارها وزيرة للبيئة, انتقلت إلي الجانب الآخر, جانب متخذ القرار, لكنها لم تتخل عن أن تفكر, أو تتصرف كناشطة بيئية إلي جانب كونها مسئولة في الدولة, لذا هي لا تحاول أن ترسم صورا ورديةأو غير حقيقية للبيئة في مصر, أو تمارس تزويق دور الحكومة بقدر ما تحاول استكشاف مواطن الضعف في البيئة, وتشخيص أمراضها..إنها الدكتورة ليلي إسكندر وزيرة الدولة لشئون البيئة التي تحدثت إلينا بكلمات لا تخلو من الصراحة, بعد أن لم يمض علي تعيينها وزيرة للبيئة أكثر من شهرين. قالت الوزيرة:تراكمات30 سنة لا يمكن حلها في أيام بل إن هناك أوضاعا بيئية كانت جيدة تدهورت, فعلي سبيل المثال كانت حلول الإنتاج الأنظف في الصناعة بين المشروعات الرائدة في جهاز شئون البيئة, ولكنه لم يتمكن من مواكبة التوسع في الصناعة التي عانت من غياب الرقابة في الوقت الذي توسعت فيه. ولدينا الآن مشكلة كبيرة تتمثل في التلوث من الصناعة سواء من الصرف الصناعي أو الانبعاثات, أصبحثقيلا جدا وعاملا رئيسيا من عوامل تشكيل السحابة السوداء. وهناك كثير من الحلول التييمكن أن تقدمها الحكومة والقطاع الخاص, ولكن يبقي أيضا تعاون الأفراد في تطبيقها..ونحن ننصحالناس بهذه الحلول, ولكن لا نستطيع أن نجبرهم علي تطبيقها نظرا للظروف الاقتصادية والاجتماعية.. ومنهاأن يدفعوا أكثر مقابل استخدام نوع من الوقود أفضل وأقل ضررا, وأن يقوموا باستبدال السيارات الحديثة ذات الانبعاثات الأقل بالقديمة ذات الانبعاثات الكثيفة والضارة, وأن يتعاونوا في الركوب الجماعي بسياراتهم الخاصة لتقليل استخدام الوقود, وخفض حدة الازدحام. ثورة علي أنفسنا وتضيف ليلي إسكندر: لسنا في حال خصومة مع أحد.. الحكومة ليست في جانب, والشعب ليس في جانب مغاير بحيث تنقسم الأدوار أو تتعارض, ولسنا في حاجة للسؤال: من يحمي البيئة؟ ومن يلوثها؟, فهذه النظرة يجب أن تتغير, فقد نزلنا الميدان من أجل التغيير..فما الذي تغير؟ صحيح أن الوعي بمخاطر التلوث لدي المواطنين قد ازداد, وأن الناس يعرفون الآن أن انتشار الأمراض سببه انتشار التلوث, ولكن السلوك الإيجابي ما زال قاصرا, ونحن بحاجة إلي تغيير المفاهيم والسلوك وأسلوب الحوار.. أي أننا بحاجة للثورة علي أنفسنا. السحابة السوداء وحول أزمة تلوث الهواء في فترة الاحتباس الحراري التي عرفت باسم السحابة السوداء طوال أكثر من12 عاما..أقرت وزيرة البيئة بحدة الأزمة هذا العام, وأكدت أن السبب الرئيسفي ذلك التجاوز الكبير من المزارعين في زراعة المساحات المخصصة للأرز, فهناك نحومليون فدان زائدة عن المساحة الأصلية, وهي مليون فدان أخري, أي أن هناك كميات مضاعفة من مخلفات قش الأرز نعجز عن مواجهتها, وبالحساب, فكل فدان مزروع أرزا ينتج نحو طنين, فيكون لدينا في النهايةأربعة ملايين طن من قش الأرز لا نستطيع استيعاب أكثر من مليون طن يتم كبسها,والاستفادة منها, والباقي يتم حرقه. وتبدأ الحرائق دائما في كفر الشيخ لكن الدقهلية الأكبر حجما, والقليوبية الأقرب للقاهرة, والأكثر تأثيرا في هواء العاصمة, لكن هذه الظاهرة ستبدأ في الانحسار مع بداية شهر نوفمبر المقبل بعد تحسن الظروف الجوية, والتوقف عن الحرق. أزمة الطاقة الجديدة سألت الوزيرة حول تأخرنا كثيرا في تطبيقات الحصول علي الطاقة الجديدة والمتجددة من الشمس والرياح في الوقت الذي نواجه فيه أزمة حقيقية في الوفاء باحتياجاتنا من الوقود التقليدي لقطاعات الصناعة وتوليد الكهرباء والاستخدامات المنزلية, فقالت إن السبب يعود إلي إحجام قطاع الاستثمار عن العمل في مجال توليد الطاقة من الشمس والرياح لأنه لا يحصل علي الحوافز المتوقعة من ذلك, بل إن المستثمر الذي سيغامر بأمواله في هذا المجال ستفرض عليه الحكومة السعر المدعوم, وهو أقل من تكاليف الإنتاج. كما أن الحكومة لم تتخذ من جانبها قرارا قويا حتي الآن بأن تستثمر في استغلال الطاقة الشمسيةلتلبية احتياجات المواطنين, ولو فعلت لنجحت في توفير طاقة إضافية للمصانع, ولخففت من فاتورة علاج المواطنين التي تتأثر بنتيجة الاعتماد علي المحروقات, ولأوقفت ما تلجأ إليه الآن بعض المصانع الكبري في محاولة استيراد الفحم لاستخدامه كوقود, ونحن نتصدي لها بقوة القانون, ونرفض الموافقة علي استخدام هذا النوع من الوقود المعروف بأنه الأكثر تسببا في التلوث, وقد أرسلنا لجنة تقصي حقائق إلي ميناء الدخيلة, فوجدنا تلالا من الفحم علي الرصيف مستوردة لصالح مصنع كبير لإنتاج الصلب, ونحاول منع استخدامها لكن محاولات فرضها كأمر واقع ما زالت مستمرة. مشكلة مؤجلة السؤال الآن..ماذا عن قدرة جهاز شئون البيئة علي مواجهة كل هذه التحديات التي تواجه مصر, هل هي كافية؟ تجيب د. ليلي اسكندر:الأمر الذي يدعو إلي التفاؤل هو وجود فريق قوي في الوقت الراهن من القيادات علي درجة عالية من المعرفة والدراية.. كما أن هناك مشروعات رائدة نفذت من خلال الجهاز عادت بمخزون كبير من المعرفة, ولكن الأمر المقلق والمحبط أنه لا يوجد لدينا صف ثان وثالث.. فالشباب الموجود لم يؤهل بشكل جيد.. وبعد كام سنة هنروح علي فين؟. أخيرا: القرار الذي اتخذته الوزيرة, وتعتز به, هو قرار تشكيل لجنة الطاقة, وتوحيد عملها, وإطلاق منظومة إدارة المخلفات الصلبة الجديدة التي تعتمد علي الفرز من المنبع, أما ما تتمني تحقيقه فهو إعادة تنظيم عملية جمع المخلفات بحيث إن من يجمع المخلفات يأخذ أجره بشكل مباشر, كما يأحذ المتعهد أجره, ولكن هناك صعوبة كبيرة في تطبيق ذلك.