السينما ذاكرة الشعوب لعل هذا الشعار هو ما جعل إسرائيل تتجاهل انتصارات أكتوبر أو حرب يوم الغفران, لتبقي توجهاتها قائمة دائما علي تبجيل الانتصارات وتجاهل الهزائم, لكي لا تتذكر ما لحق بها من هزيمة كادت تقضي عليها نهائيا, واضعة في حسبانها عدم تخيلد هذه الذكري الأليمة حتي لا يشب نشؤهما الصاعد علي ذكري العار الذي لحق بجيشها الذي لا يقهر علي حد وصفها. ولعل ما يعزز ذلك هو قيام إسرائيل بإنتاج أكثر من اثني عشر فيلما عن حرب الأيام الستة عام1967 خلال عامين فقط بعد الحرب مباشرة, في مقابل ذلك لم تنتج السينما الإسرائيلية عن حرب أكتوبر عام1973, والهزيمة الساحقة التي لحقتها بها سوي ثلاثة أفلام, فضلا عن أن هذه الأفلام لم تنج من الهجوم الجارف لردع المخرجين الإسرائيليين عن الإقبال لصنع أفلام علي هذه الشاكلة لتنتهي بذلك مرحلة تصوير البطولات العسكرية الإسرائيلية والأساطير اليهودية التي صورتها بانتصارها علي المصريين والتي باتت أكثر ألما لتذكرهم بهزيمتهم في يوم الغفران, علاوة علي ذلك قيام إسرائيل بإنتاج فيلمها الأول بعد عشر سنوات من حرب أكتوبر, مما يوضح مدي الصدمة التي تلقتها إسرائيل, وأيضا يعود ذلك للاعتقاد السائد لديهم حينذاك من أن الوضع سيتغير وسيناء ستعود مرة أخري تابعة لإسرائيل, مما يؤكد أنه باندلاع حرب أكتوبر انتهي العصر الذهبي لصورة الجيش الأسطورية في السينما العسكرية. ويمكن القول إن الأفلام التي تناولت الحرب بعد ذلك لم تتناولها من جهة المعركة العسكرية بل ذهبت إلي نفسية الجندي الإسرائيلي المتألمة الغير راغبة في الحرب بل الساعية دوما إلي السلام وهذا ما عبر عنه فيلم الغفران أو كيبور الذي تم إنتاجه عام2000, للمخرج أموس جيتاي, متناولا حرب أكتوبر بشكل مباشر, من خلاله رؤية خاصة به عالج الحرب فيها من وجهة نظر الجنود و لم يتحدث عن الجوانب السياسية, علي عكس الأفلام الأخري التي تناولت حرب أكتوبر من خلال إلقاء اللوم علي المخابرات الإسرائيلية مسئولية الهزيمة لكونها لم تتكهن بميعاد الحرب الحقيقي وغفلت عما فكر فيه المصريون, ليواجه هذا الفيلم نقدا وهجوما شديدا من كل الإسرائيليين لتقديم المخرج فكرته الحيادية علي الرغم من تقنية الفيلم العالية وجودة التصوير. أما السينما الأمريكية التي تناولت جميع الحروب التي غيرت مجري التاريخ, فإنها تجاهلت حرب أكتوبر فلا يوجد أي فيلم يتناول هذا الحدث في وقته, وحتي عندما تناولته دول أخري تم الهجوم عليها, ومن ثم فإن حرب أكتوبر هي الحدث التاريخي الذي تعرض لأكبر ظلم في السينما العالمية والإسرائيلية التي أنتجت أكثر من200 فيلم حربي يتناول جميع المعارك والحروب التي خاضها اليهود علي مر العصور الا حرب اكتوبر لتجعل المشاهد يصعب عليه معرفة أن هناك حربا باسم يوم الغفران, ليكون المستهدف الأول من ذلك هو الأجيال الجديدة في إسرائيل حتي لا تنشأ علي هزيمة نكراء للجندي الإسرائيلي, ليصبح ذلك ضمن مسلسل التزييف.