الأرقام تتحدث عن 15ألف منطقة عشوائية في مصر, والأرقام تتحدث عن أكثر من15مليون نسمة يقطنون هذه العشوائيات, والواقع يشير إلي حياة يخيم عليها البؤس,وتنهكها الأمراض, والواقع يؤكد معاناة يومية مع تلوث مياه الشرب, وافتقاد الصرف الصحي. والحقيقة المرة هي أوكار البلطجة وتجار المخدرات, مع الخارجين علي القانون, والهاربين من تنفيذ الأحكام. وعلي الرغم من خطورة الأزمة التي طرحت نفسها علي موازنات الدولة وخطط المحليات علي مدي أكثر من نصف قرن, فإنها لا تجد طريقها إلي الحل, بل علي العكس تتزايد حدتها, وتتفاقم المأساة, ويتزايد عدد العشوائيات, وبالتالي القاطنون فيها عاما تلو الآخر, مما يرفع من حالات المرضي في المستشفيات العامة, وعدد الخطرين علي الأمن العام, ناهيك عن الكثير من الجوانب..مراسلو الأهرام في المحافظات يرصدون المشكلة بجميع جوانبها, في محاولة لإلقاء الضوء من جديد علي هذه المأساة المتفاقمة لعلها تجد طريقها إلي الحل, ونحن علي أعتاب مرحلة جديدة من حياتنا ، بالرغم من كونها واحدة من رموز تطور الحضارة علي امتداد التاريخ الإنساني, وشاهدة علي عصر انطلقت منه ناطحات السحاب الي عنان السماء, واخترقت قطاراتها باطن الأرض وعلت شوارعها الكباري الشاهقة, إلا أن قاهرة المعز لا تستطيع أن تخفي عوراتها التي تتمثل في184 منطقة عشوائية بالقاهرة الكبري يقطنها3 ملايين نسمة يعيشون في ظروف انعدمت فيها كل مقومات العيش الآدمي, لتصبح بحق هي أم العشوائيات!! بل ان هذه العشوائيات تحولت الي بيئة خصبة ترتع فيها الأمراض الناتجة عن التلوث بكل أشكاله وتنمو فيها أوكار الجريمة من بلطجة وارهاب واغتصاب ودعارة وسرقة حتي تصدر هذه المناطق الي جميع أنحاء المجتمع أجيالا جديدة من محترفي الإجرام وفاقدي الانتماء!! ومن العجائب, أن رجال العصر السابق لم يحرصوا علي تحسين الظروف المعيشية لهذه العشوائيات, وانما علي العكس فقد راحوا يكرسون ظروف التفرقة بين أبناء الوطن الواحد وظهرت شوارع كأنها حدود فاصلة بين أحياء الأسياد والعبيد, التي كانت سائدة في القرون الوسطي كما هو الحال بين مدينة نصر وعزبة الهجانة مثلا, أو بين المهندسين وبولاق الدكرور أو بين مصر الجديدة وعين شمس.. مساكن ينعم أهلها بحمامات الجاكوزي والتبريد والتدفئة بالكهرباء والغاز ومناطق أخري تعيش وسط تلال من القمامة وتعوم فوق بحور من المجاري وتشرب من مياه الصرف!! الأرقام الواردة من تقارير وزارة التنمية المحلية, آخرها تقرير عام2007 تقول إن قاهرة المعز بها81 منطقة عشوائية تصل مساحتها الي93 كيلومترا وأن القاهرة الكبري والتي تضم القاهرة والجيزة والقليوبية بها184 منطقة عشوائية بمساحة190 كم ويسكنها أكثر من ثلاثة ملايين نسمة مقسمة علي عدة مناطق, ففي شمال القاهرة توجد عدة مناطق عشوائية في المطرية وعين شمس وجنوب القاهرة في دار السلام والبساتين وعزبة خيرالله والجيارة وحلوان وعزبة الوالدة وكفر العلي و والحكر وسط القاهرة في الفسطاط وحكر أبودومة وماسبيرو, وفي الشرق منشأة ناصر والدويقة والزبالين ومدينة نصر عزبة الهجانة بالإضافة الي وجود عدة مناطق عشوائية في الحدود المشتركة ما بين محافظتي القاهرة والجيزة متمثلة في مناطق امبابة وبولاق. وأشار التقرير السنوي للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة, الي أن مصر تأتي تحت مظلة الدول ذات التنمية البشرية المتوسطة, وحسب تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء عن وجود أكثر من3 ملايين مصري يعيشون بالعشش والمقابر مشردين في قاهرة المعز, وخصوصا في مناطق مثل الإمام الشافعي وعين شمس ومدينة نصر والبساتين وحلوان. أحد سكان عزبة الهجانة بمدينة نصر وهو سيد عبدالحميد( عامل) يشكو من الاهمال طوال الأعوام الماضية برغم الوعود المتكررة من المجالس المحلية المنحلة, أو المجالس المرتشية, علي حد قوله.. ولكن دون جدوي, فيقول نحن نعيش حياة أقرب الي العصور القديمة حيث لا توجد مياه صالحة للاستهلاك الآدمي وأن أغلب سكان العزبة يستخدمون مياه الحنفيات المنتشرة في الشوارع عند المساجد وغيرها ويشكون من مياه الصرف الصحي التي لا تتوقف, فضلا عن مشكلة رغيف الخبز غير المتوافر وكذلك انعدام توافر الخدمات الصحية المناسبة. وطالبت راندا فؤاد بضرورة الاهتمام بهؤلاء وانشاء مستشفي لخدمة اهالي العزبة وبناء مدارس للتعليم حتي نقضي علي مشكلة أطفال الشوارع, وطالبت بضرورة إلغاء فاتورة النظافة مع ايصال الكهرباء, علي أن يكون الحي مسئولا عن تحصيلها وانشاء شركة مساهمة تحت رئاسة كل حي وتحت رقابة الحكومة لخدمة أهالي كل منطقة بعد صرف حصة الربح التي كانت شركة النظافة تحصل عليها. وأكدت نجلاء عبدالرحمن من سكان عرب المعادي, انتشار الحفر والمطبات وتلال القمامة علي جوانب الطريق وخاصة في البساتين ودار السلام وشارع9 الممتد ما بين دار السلام الي ثكنات المعادي حيث لا تتوقف مياه الصرف الصحي عن التدفق في مشهد غريب أمام أعين المسئولين فضلا عن القمامة. وطالبت آمال منتصر هلال من كفر العلو بحلوان بضرورة وضع خطة مناسبة لحل مشكلة العشوائيات, مؤكدة أن زمن الشعارات والتقارير قد ولي ولا رجعة فيه وأصبح بلا جدوي, وطالبت الاعلام بضرورة تسليط الضوء علي القضية ووضع حلول جذرية للمشكلة بدلا من الدراسات والتقارير التي ليس لها فائدة علي حد قولها, حيث تحولت مقالب القمامة في كل مكان الي مشهد مألوف في كل مكان نتيجة تراخي شركات النظافة التي تتقاضي سنويا ما يقارب من800 مليون جنيه من أموال المحافظة. وأوضحت أن هذه التجمعات العشوائية تمثل مناخا مناسبا لنمو البؤر الإجرامية التي تشكل خطرا حقيقيا علي المجتمع, خاصة في ظل الانفلات الأمني. وتساءلت هدي ألبرت صاحبة شركة نظافة لماذا لا تعطي الحكومة شركات النظافة المحلية مهمة جمع القمامة بدلا من الشركات الأجنبية التي لا فائدة منها, موجهة كلامها الي محافظ القاهرة وحكومة د. الجنزوري التي يتعين عليها وضع حلول للقضاء علي مشكلة القمامة من خلال اقامة محارق في كل محافظة لتوليد الكهرباء والبخار الذي يستخدم في تشغيل المصانع من خلال تدوير القمامة, مؤكدة أنها تقدمت عدة مرات للحكومة السابقة لاقامة هذه المحارق ولكن دون جدوي!! وأعربت عن رغبتها في أن يكون هدف الحكومة بعد25 يناير تطوير العشوائيات وتشغيل الشباب ومد الخدمات والقضاء علي ظاهرة أطفال الشوارع, وتتساءل قائلة هل يعيش سكان هذه العشوائيات بلا أية حقوق انتظارا للموت تحت وطأة التخلف والفقر والمرض؟؟ ومن جانبه, أكد مصطفي بكري عضو مجلس الشعب, أن قضية العشوائيات من أهم الملفات التي سيطرحها في المجلس الجديد من خلال رصد لواقع العشوائيات ومطالبة الحكومة بتخصيص ميزانية خاصة للبدء في تطوير هذه المناطق المحرومة, ويحمل بكري وزارة التنمية المحلية مسئولية عدم توصيل الكهرباء والخدمات لهذه المناطق تنفيذا للقرار الصادر من مجلس الشعب عام2006 بمنح الحق لسكان العشوائيات بتوصيل الخدمات وهو ما لم يتم حتي الآن في دولة العجائب!! وشن هجوما علي صندوق تطوير العشوائيات الذي لديه أكثر من مليار جنيه ومغيب عن هذه المشكلات.