فجأة دوت طلقات الرصاص في أرجاء المركز التجاري الشهير ووسط الصرخات والأدخنة والدماء شهد العالم فصلا جديدا من فصول الإرهاب الدولي في ثوبه الجديد وهو يطرق أبواب إحدي أبرز عواصم شرق أفريقيا بقوة.كانت تلك اللحظة هي بداية العملية الهجومية التي إستهدفت المركز التجاري المعروف باسم'وست جيت مول'في إحدي الضواحي الراقية بالعاصمة الكينية نيروبي.وقد سارعت' حركة شباب المجاهدين'الصومالية إلي تبني الهجوم منذ بدايته مؤكدة أنه رد علي التدخل الكيني المسلح في الصومال. وكان لإختيار التوقيت والهدف مغزاه الواضح.فالهدف كان مركز تجاري شهير'وست جيت مول'يتدفق عليه ألاف الأثرياء من الكينيين والسائحين الأجانب والدبلوماسيين, متلازما مع إفتتاح أعمال الدورة الجديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة حيث يجتمع قادة دول العالم في مقر الأممالمتحدة بنيويورك لمناقشة أبرز القضايا والأحداث الدولية.والأهم أن تاريخ الهجوم جاء قبل أيام من مرور عامين علي قرار كينيا بالتدخل العسكري المسلح في الأراضي الصومالية. فشهر أكتوبر2013 وهو موعد موافق لمرور عامين علي بدء العمليات العسكرية الكينية فوق الأراضي الصومالية بالتعاون مع القوات الحكومية الصومالية.. وقد نجحت العملية العسكرية الكينية فوق الأراضي الصومالية التي بدأت في أكتوبر2011 بالتعاون مع القوات المسلحة الصومالية الحكومية وحلفائها من قوات بعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام( أميصوم). وجاء التدخل الكيني للرد علي إستفزازات حركة الشباب الصومالية وإختطاف سائحين داخل الأراضي الكينية. وقد عانت حركة الشباب من الضربات الكينية تحديدا ومرت بمرحلة حرجة بسبب الهزائم العسكرية التي تعرضت لها,حيث تم تضييق الخناق علي الحركة وإنتزاع ميناء كيسمايو منها وكان يعتبر أحد موارد الدخل الأساسية للحركة التي كانت تفرض الضرائب علي مستخدميه وتحقق ربح سنوي يتراوح بين35 50 مليون دولار سنويا. وفي مارس2012 أعلنت كينيا إنتهاء عمليتها, ولكنها إستمرت في العمل تحت مظلة قوات بعثة الإتحاد الافريقي واستمرت في ملاحقة حركة الشباب لتأكيد طردها من المدن والبلدات الرئيسية في الصومال بداية من العاصمة مقديشيو ووصولا إلي القري الحدودية الجنوبية.ولم يكن من الغريب أن توجه حركة الشباب التهديدات لكينيا مؤكدة أن سكان نيروبي لن ينعموا بنوم هادئ طالما ظلت القوات الكينية في الصومال.وبالفعل أعلنت السلطات الكينية في سبتمبر2012 عن نجاحها في إجهاض مخطط لحركة الشباب تضمن شن عمليات هجومية كبيرة في الأماكن العامة بالعاصمة نيروبي ولكن ذلك لم يحل دون وقوع بعض الهجمات المتفرقة بالقنابل اليدوية. وتجدر الإشارة إلي أن حركة الشباب سبق لها وأن هاجمت العاصمة الأوغندية كمبالا لمشاركة أوغندا في قوات الإتحاد الأفريقي( أميصوم)بالصومال, عام2010 وهو الحادث الذي أسفر عن مصرع العشرات. ومن التبعات المتوقعة أن يتعرض الإقتصاد الكيني للضغوط خاصة مع إقتراب ذروة الموسم السياحي في ديسمبر المقبل حيث رحلات أعياد الميلاد التي تتدفق علي كينيا من أنحاء أوروبا والولايات المتحدة ويقدر حجم التدفق السياحي ب1.8 مليون سائح. وأن تسعي كينيا لمواجهة تحدي حركة الشباب من خلال شن المزيد من العمليات ضدها داخل الصومال وكينيا. وبلاشك أن الحكومة الكينية ستحاول الإستفادة من الحادث' الدولي' الطابع في حشد التأييد والدعم العالمي وراء أنشطتها ضد الإرهاب من جانب وفي تدعيم ريادتها في منطقة الشرق الافريقي كشريك فاعل في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب. ومن المتوقع كذلك أن تكون هناك محاولات من حركة الشباب لشن هجمات إرهابية جديدة داخل الصومال وخارجها بعد تأكيدها علي إعتزامها شن هجمات جديدة إذا إستمرت القوات الكينية بالصومال. ولايعد ظهور الخبراء العسكريين الإسرائيليين بشكل سريع علي الساحة في نيروبي لمساندة القوات الكينية أمرا غريبا أو جديدا.فلم يكن التدخل الإسرائيلي لحماية إستثمارات إسرائيلية في المركز التجاري فقط وإنما كان هناك إتفاق مسبق تم الإفصاح عنه في نوفمبر عام2011 حينما أعلن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو تقديم عرض رسمي لأودينجا رئيس الوزراء الكيني في ذلك الوقت تضمن مساندة الحكومة الكينية في تأمين حدودها مع الصومال وتتبع ورصد شبكات حركة الشباب الصومالية المنتشرة في الصومال وكينيا. وردت كينيا علي العرض الإسرائيلي بطلب سيارات للدوريات الحدودية وبرامج لنقل الخبرات لتطوير قواتها الشرطية وأجهزة إستطلاع بحري.وعندما زار أودينجا إسرائيل وجهت حركة الشباب تهديداتها لإسرائيل.وعلق نيتانياهو بالقول:'أعداء كينيا هم أعداء إسرائيل.. فأمامنا ذات القوي التي ترغب في تدميرنا'.