علي عكس ما شهدته بدايات عام2011- الذي أسقط آخر أوراقه قبل عدة أيام إلي غير رجعة من أحداث درامية لم يكن أحد يتصور حدوثها مهما بالغ في تخيلاته, كان في مقدمتها بالقطع إسقاط وهدم رأس النظام. ولا أقول النظام فإن بدايات العام الجديد الذي بدأ يطل علينا سوف تشهد عمليات بناء وإتمام استحقاقات تؤكد أننا سنكون أمام طبعة جديدة من مصر التي حلمنا بها جميعا. وعلي الرغم من بعض السلبيات التي يحلو دوما لفريق اعتاد الإحساس بالتشاؤم والخوف من كل وأي جديد أن يرصدها ويبالغ في قدرتها علي ابتلاع كل ما هو إيجابي فإن كل شئ في مصر الآن يدعو للتفاؤل.. عام جديد.. وحكومة جديدة بدأت تعلن عن نفسها بصورة إيجابية علي الرغم من الظروف الصعبة التي تحيطها.. وبرلمان أجبرته أصوات الملايين الهادرة علي أن يسقط من حساباته وأدبياته تعبير سيد قراره بعد أن أثبت المواطنون بحق أنهم أسياد القرار..!!.. وتعهد واضح وصريح من جانب المؤسسة العسكرية الوطنية بتسليم السلطة إلي مؤسسات منتخبة في موعد غايته نهاية يونيو المقبل ليصبح لدينا رئيس مدني منتخب لأول مرة في التاريخ. وإذا كانت الحكومة قد اكتسبت منذ لحظة ميلادها عداوة شعبية حاول كثيرون استثمارها في تحفيز المواطنين لوأدها, إلا أن هذه الحكومة تجاوزت هذه المحاولات وبدأت في الالتفات إلي مهامها منذ اللحظة الأولي في إعادة الأمن بعد غياب طال أشهر عدة إضافة إلي محاولاتها وقف نزيف الاقتصاد. علي جانب الأمن فإنه يبدو أن المؤسسة الأمنية قد انتبهت أخيرا إلي أن مهامها تتبلور في ترجمة شعار الشرطة في خدمة الشعب وليس في خدمة الزبادي وهو ما كشفت عنه أقوال أحد ضباط الداخلية بأنه كان مكلفا- وقت تحكم العادلي في مصائر المواطنين بإحضار الزبادي يوميا من الجيزة إلي مارينا خلال فترة الصيف!!.. فتنازلت الشرطة عن مهامها التي كانت مكلفة بها منذ بدايات الثمانينيات في تأمين مواكب الكبار وبدأت أخيرا ممارسة مهامها الطبيعية في تأمين المواطن. علي الجانب الاقتصادي فقد بدأت الحكومة في هجر العمل بأسلوب رد الفعل ولجأت إلي اتخاذ قرارات متكاملة تستهدف تجفيف منابع النزيف الاقتصادي والبحث عن شركاء حقيقيين في إحداث نقلة إقتصادية وإزالة الضباب والغموض الذي أحاط بمناخ الأعمال والاستثمار. وإذا كان البعض يبدي تخوفه من تشكيل البرلمان الذي تفرض قواعد الديمقراطية علي الجميع احترام الإرادة الشعبية التي رسمت ملامحه من خلال صندوق الانتخابات فإن الأمر يستوجب علي الأغلبية التي يمثلها تيار الإسلام السياسي طمأنة الجميع بأنه لن يستسلم إلي الرغبة في تصفية الحسابات مع مجتمع فرض عليه حظرا منذ منتصف الخمسينيات, أو يتحصن خلف ديكتاتورية الأغلبية في إحداث انقلاب في ثقافة وطبيعة المجتمع من خلال إصراره علي تشكيل اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور باسلوب المحاصصة وليس التوافق بهدف إقصاء الآخر وصياغة دستور تثير تعبيرات بعض من ينتمي لهذا التيار مخاوف المجتمع بأكمله. ثلاثة أشهر من الآن ويظهر في الأفق من سيتقدم ليحمل المسئولية من خلال انتخابات رئاسية أعتقد أن مصلحة الوطن.. أرض النيل.. سماؤها.. كرامة المواطن.. أحلامه.. آماله.. آلامه لن تخضع خلالها لأحكام قانون المصادفة.. أو تترك لمغامر قادم ينشد التغيير كهدف في حد ذاته بعد أن يدعي التدثر بعباءة يلتصق بذيلها تعبير من أجل التغيير! وإذا كانت مواقف المؤسسة الوطنية الأولي المجلس الأعلي للقوات المسلحة قد انحازت من اللحظة الأولي لمطالب الشعب الثائر, وأكدت مفردات خطابها الإعلامي أنها تقف علي مسافات متساوية من جميع القوي السياسية.. فإن إدارتها للانتخابات البرلمانية بصورة نزيهة وآمنة تمثل ترجمة إضافية حقيقية لمواقفها الوطنية العديدة, وهو ما يؤكد مصداقيتها في حرصها علي تسليم السلطة لمؤسسات حقيقية تعبر عن إرادة الشعب.. كل ذلك يشير إلي أننا أصبحنا بالفعل أمام طبعة جديدة لمصر2012. [email protected] المزيد من مقالات عبدالعظيم درويش