هرعت الغوريلا الأم فزعة إلي كبير القبيلة فضي الظهر, تشكو إليه عنف جيرانهم: اختطفوا صغيري.. أرجع لي أعز مخلوق إلي قلبي. ضرب فضي الظهر صدره العريض بكفيه الكبيرين عدة مرات, فأدركت جماعة الغوريلا أن كبيرها شديد الغضب, فاجتمعت حوله مستطلعة.. صاح: جيراننا الذين اعتادوا العدوان علينا, سرقوا واحدا من صغارنا, طمعا في أن يكسبوا من ثمن عبوديته ثروة تعينهم علي استمرار العدوان.. فهم أفراد القبيلة النداء.. أسرعوا إلي أعشاشهم حيث اختار كل واحد فرع شجرة قويا جافا, بينما احتضن صغارهم عددا من ثمار جوز الهند الصلبة, واندفعوا جميعا يطوقون بيوت القرية المجاورة. انهالوا بفروع الأغصان علي الأبواب يطرقونها بعنف وبثمار جوز الهند يقذفون النوافذ يعلنون غضبهم واحتجاجهم. ومن داخل البيوت تعالت صرخات الفزع من النساء والأطفال, بينما منع الرجال الخروج من البيوت إليأن تهدأ الغوريلا أو يعرفوا سبب ثورتها.. لكن الغوريلا لم تهدأ. مصادفة قال طفل من القرية لوالده إن ابن صياد حيوانات من قرية العدوانيين, أخبره أن والده اصطاد أحد صغار الغوريلا الممنوع صيدها.. هنا فهم الأهالي سر ثورة الغوريلا, فاتفقوا أن يتسلل أحد كبار الرجال إلي تلك القرية في محاولة لإطلاق سراح الغوريلا الصغير. لكن الصياد العنيد لم يستجب للرجاء.. كان قد عقد اتفاقا مع تجار أجانب لبيع ذلك الصغير بمبلغ طائل. وتهيأ الرسول لمغادرة بيت الصياد بعد فشل مهمته, لكن أحد أفراد الغوريلا كان قد تتبعه واشتم رائحة الصغير. سرعان ما كانت جماعات الغوريلا تحاصر بيت الصياد, تصيح وتضرب باب البيت بعنف وتقذف النوافذ بثمار جوز الهند.. لم يكترث الصياد الجشع, بل قام بتغطية الصغير بغطاء سميك وتسلل به من باب منزله الخلفي, ونجح في وضعه داخل سيارته استعدادا للهروب بغنيمته. فجأة فوجئ بعدد هائل من ضخام الغوريلا تقف أمام سيارته تمنعها من الحركة.. وضاقت حلقة الحصار حول السيارة, بل أمسكت الغوريلا السيارة تهزها بعنف كأنما لتقلبها رأسا علي عقب. أصاب الفزع الصياد, فاضطر إلي رفع الغطاء عن الصغير وإطلاق سراحه.. استقبلت قبيلة الغوريلا صغيرها بالأحضان, فتصور الصياد أنها ستتفرق وتنصرف, لكن شيئا آخر مختلفا قد حدث.. رجعت جماعة الغوريلا تحاصر بيت الصياد, تحطم الأبواب والنوافذ, ولا تترك شيئا سليما من الأثاث إلا وألقت به حطاما في الطريق... قال كبير القرية الذي رفض الصياد أن يستمع إلي رجائه منذ البداية لإطلاق سراح الصغير: هذه المخلوقات مسالمة ذكية, لكنها لا تعرف كيف تلجأ إلي شرطة أو محكمة, ولا تفهم في القانون.. ما فعلته كان طريقها بعد أن عانت كثيرا- لاستعادة صغيرها من عدو لا يحترم اتفاقا ولا قانونا, ولا يبالي بهيبة محكمة.