في زيارة لأحد فصول روضة أطفال باليابان, عمرهم من5 إلي6 سنوات, كان الأطفال يجلسون في دائرة, وفي منتصف الفصل منضدة صغيرة, عليها, في مستوي بصر الأطفال, مكعب خشبي كبير الحجم مغطي بغطاء أبيض. تقدمت المشرفة ورفعت الغطاء, فاتجه بصر كل طفل ناحية وجه المكعب المواجه لعينيه. سألت المدرسة طفلا يجلس إلي يسار المكعب: ما لون المكعب الذي أمامك ؟ وبغير تردد قال الطفل, وقد ركز بصره علي وجه المكعب المواجه له: أحمر. عندئذ سألت المشرفة طفلا يجلس علي يمين المكعب: وأنت.. ما لون المكعب ؟ وبغير تردد أيضا أجاب وهو يحدق في وجه المكعب المواجه له: أزرق. هنا أشارت المدرسة إلي طفل يجلس في صدر الفصل وسألته: وأنت.. ما لون المكعب ؟ وللمرة الثالثة يجيب هذا الطفل أيضا بغير تردد: أصفر, ذلك أنه كان ينظر إلي وجه المكعب المواجه له. عندئذ تقدمت المشرفة ناحية المكعب, وأدارته نصف دورة, وعادت تسأل نفس الأطفال الثلاثة عن لون المكعب. ولما كان وجه المكعب المواجه لعيني كل طفل قد تغير, فقد اختلفت إجاباتهم عن المرة الأولي, فمن سبق وقال إن لون المكعب أحمر قال إنه أصفر, ومن قال إنه أزرق أجاب هذه المرة بأنه أحمر, ومن قال إنه أصفر قال إنه أزرق. عندئذ اختارت المدرسة تلميذا رابعا وقالت له: وإذا سألتك أنت, ما لون المكعب, فبماذا تجيب ؟ قال التلميذ الرابع: المكعب لونه أحمر وأزرق وأصفر. لكن تلميذا خامسا وقف وقال: ز ز رابعا للمكعب. عندئذ سألت المدرسة أطفال فصلها: ما سبب اختلاف إجاباتكم الأولي عن إجاباتكم الأخيرة ؟ وانطلقت من الأطفال إجابات كثيرة متنوعة, وفي النهاية قالت طفلة: قبل أن أجيب, يجب أن أدور حول المكعب, لأراه من مختلف جوانبه, ومن أعلاه أيضا. في نهاية النهار قالت لنا المشرفة: لقد لعبت معي مشرفات روضة الطفل وأنا طفلة هذه اللعبة مرات متعددة, بمكعبات تختلف ألوان أوجهها كل مرة, وقد جعلتني هذه اللعبة, كلما تقدمت في العمر, عندما أستمع إلي وجهة نظر في شيء ما, أن أتمهل قبل تكوين رأيي والتصريح به, وأنا أقول لنفسي: لابد أن أدور أولا حول المكعب, لأتعرف علي مختلف أوجهه.