بعد قيام ثورة 25 يناير المجيدة, والتي نددت بالظلم والطغيان رافعة شعار عيش حرية عدالة اجتماعية, أهمل الكثيرون من أبناء الوطن ضلعين مهمين من الأضلاع الثلاثة لمثلث الثورة, وهما العيش والعدالة الاجتماعية, برغم أهميتهما. وراح السواد الأعظم يلهث وراء الحرية التي حصروها في معظم الأحيان في حرية الكلمة والتعبير وتسابقوا إلي الصحف والفضائيات, ليدلي كل بدلوه دون رقيب أو حسيب, ظنا منهم أن حرية التعبير مطلقة وليست مقيدة. وأطلق نفر غير قليل من أبناء الوطن للسانه العنان, ليسب هذا ويقدح في شرف هذا, ويتهم هذا بالنفاق مرة وبالعمالة تارة, وبالخيانة أخري وبالسرقة ثالثة, وبالرشوة رابعة دون سند أو دليل. قليلون هم من يقدرون خطورة الكلمة حق قدرها, ويعلمون أن الكلمة قد تزهق أرواحا وتخرب بيوتا ومؤسسات, بل وقد تفسد العلاقات بين الدول, خاصة اذا تعمد قائلها الكذب. وفي هذا الصدد, أذكر القارئ اللبيب بما قاله إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي: إن شريعة الإسلام خلت من النص علي عقوبة للكذب, لأن الأصل أن المسلم لا يكذب.. لكننا تركنا شرعنا الحنيف ورحنا نتفنن في الكذب ونسينا أو تناسينا خطورة الكذب تلك الصفة الذميمة علي السلام الاجتماعي والوطني والأسري. حدثني صديقي هاتفيا من محافظة أسيوط, بأن شابا أبلغ رجلا مسنا بإحدي مدن المحافظة بأن ابنه قتل في احدي المظاهرات, فثارت ثائرة الرجل المسن, وأقسم علي الثأر لابنه, فجمع أبناء عائلته وأصدقاءه وتسلح كل واحد في الجمع بسلاحه الذي يمتلكه, وذهبوا إلي قسم شرطة المدينة وأمطروه بوابل من الرصاص وسالت دماء بريئة بين قتيل وجريح دون أن يستوثق الرجل من صحة الخبر أو يتأكد من مقتل ابنه ومن قتله. ليعلم الجميع, أن الحرية ليست مطلقة فأنت حر ما لم تضر. لمزيد من مقالات محمد أبوعليو