أكد مصدر في الكونجرس الأمريكي أن البيت الأبيض أمر بمراجعة برنامج المساعدات المقدمة إلي مصر وإعادة جدولته بما يعلق فعليا بعض المعونات العسكرية المقدمة من واشنطن. الأمر الذي يمنح الإدارة الأمريكية مرونة في وقف تقديم الدعم إلي القاهرة دون الاضطرار إلي التصعيد معها سياسيا. ونقلت شبكة' سي.إن.إن' الإخبارية الأمريكية عن ديفيد كيرل, المتحدث باسم السيناتور باتريك ليهي, القول إن مكتب السيناتور الذي يرأس اللجنة الفرعية للتدقيق في العمليات الدولية والخارجية بالكونجرس تلقي ما يفيد بأن المساعدات العسكرية قد علقت بالفعل. ولكن المسئول الأمريكي شدد علي عدم وجود قرار بإجراء وقف دائم للمساعدات العسكرية, دون أن يوفر تفاصيل حول الوجهة التي قد تخصص واشنطن الأموال لها بعد تحويلها من بند المعونات المخصصة لمصر. وبحسب محللين, فإن الإجراء يعني أن واشنطن بات لديها القدرة علي التحرك في اتجاه قطع المساعدات نهائيا أو مواصلتها بعد حصول تطورات تتيح التوصل إلي قرار حاسم. وبحسب القرار الجديد, فقد بات لدي واشنطن المرونة الكافية لوقف الدعم المخصص للقاهرة دون أن تضطر إلي وصف ما جري منذ عزل الرئيس محمد مرسي ب'الانقلاب', إذ أنها لو استخدمت هذا الوصف لكان لزاما عليها وقف المساعدات ريثما يسلم الجيش السلطة إلي حكومة منتخبة. وفي سياق متصل, نقلت وكالة الأنباء الصينية' شينخوا' عن خبراء أمريكيين في تقرير لها من واشنطن أنه مع ما تشهده مصر من حالة اضطراب والحرب الأهلية المستعرة في سوريا, تسبب في نفاد خيارات الولاياتالمتحدة للحد من إراقة الدماء بالبلدين. وأضاف تقرير الوكالة الصينية أن الخبراء الأمريكيين يشيرون إلي أن تعليق المساعدات البالغة3,1 مليار دولار أمريكي غير مرجح. وأوضحوا أن تعليق المساعدات لن يؤثر كثيرا, إذ يعتقد الجيش المصري أنه في صراع حياة أو موت فداءا للوطن, وقال جفري مارتيني, محلل شئون الشرق الأوسط بمؤسسة' راند' البحثية الأمريكية إن' الأمور قاسية للغاية بالنسبة لهم, ما يجعلهم غير مكترثين في الواقع بوضع أولويات الولاياتالمتحدة في الحسبان'. وأضاف مارتيني لوكالة أنباء' شينخوا' أنه فضلا عن هذا, يتقلص نفوذ الولاياتالمتحدة في مصر, إذ انخفضت المساعدات كثيرا مقارنة مع ما كانت عليه في حقبة الحرب الباردة قبل عقدين من الزمن, ما جعل نفوذ واشنطن في البلد المضطرب يتراجع, موضحا أنه بينما تتمتع الولاياتالمتحدة بنفوذ, فإن هذا النفوذ يمكن أن يؤثر فقط علي قضايا تعتبر هامشية بالنسبة للجيش وجماعة الأخوان المسلمين والصراع الحالي'. ويوضح بعض الخبراء الأمريكيين أن دول الخليج قد تعوض أي خفض في المساعدات الأمريكية, ما دفع الدعوات في واشنطن إلي أن تعليق المساعدات عن الجيش المصري يبدو مثيرا للجدل, فيما لا تظهر أية إشارة علي أن حدة الصراع في مصر تتراجع, كما يري خبراء أن أعضاء جماعة الأخوان المسلمين مستعدون للموت نظير قضيتهم ولا يعتزمون الاستسلام حتي تحقيق هدفهم المتمثل في استعادة السلطة. وفي الولاياتالمتحدة, يتهم منتقدو الرئيس الأمريكي باراك أوباما الإدارة الأمريكية بالانخراط في لعبة أشبه بالمصارعة اليابانية بعدم إشارتها إلي أن الإطاحة بمرسي كان' انقلابا', وهو أمر يدفع باتجاه تعليق المساعدات العسكرية عن مصر المضطربة بموجب القانون الأمريكي, ويري مؤيدو موقف البيت الأبيض أن جماعة الأخوان المسلمين تباشر أجندة دينية راديكالية من شأنها أن تقوض انتقال البلاد إلي الديمقراطية. وفي غضون ذلك, ذكرت مجلة' التايم' الأمريكية تحت عنوان' المساعدات الأمريكية لمصر: حقن وريدي بتأثيرات جانبية' أنه من العدل أن يتم النظر إلي المساعدات العسكرية لمصر علي أنها تشكل'وريدا' للجيش المصري, لكنه يجب التفكير في علاجات أكثر نجاعة تضع جنرالات مصر تحت سيطرة الحكومة الأمريكية, مع العلم أن كل الأدوية لها تأثيرات جانبية. ونقلت المجلة عن الجمهوري بيتر كينج رئيس لجنة المخابرات بالكونجرس أن الحاجة إلي استمرار النفوذ الأمريكي في أكبر دولة عربية تقضي بعدم قطع المساعدات. وفي هذه الأثناء, أوضحت صحيفة' يو أس أيه توداي' الأمريكية أن وجود أمريكا وإسرائيل تهدده الفاشية الدينية وليس الجيش, مؤكدة أن الملالي في إيران تم انتخابهم ديمقراطيا إلا أنهم يدعمون الديكتاتورية في سوريا وكذلك حماس تم انتخابها ديمقراطيا. وأشارت إلي أن التفاوض علي إعادة مرسي أو قطع المساعدات عن مصر ولاء أعمي للديمقراطية الفاسدة, علي حد تعبيرها.