الدعم العيني والنقدي.. "الحوار الوطني" ينشر قاموسًا يهم المواطنين    المرشد الإيراني: دماء نصرالله لن تذهب سدى وضربات المقاومة ستزداد شدة وقوة    الكرملين: التصريحات الغربية حول صراع مسلح محتمل مع روسيا بمثابة "موقف رسمي"    نتيجة وملخص أهداف مباراة أرسنال ضد ليستر سيتي في الدوري الإنجليزي    خاص| طلاسم مؤمن زكريا.. وعلاقة مجدي عبد الغني    "قتلته وسرقت 10 آلاف جنيه وهاتفين".. اعترافات المتهم بقتل ثري عربي في أكتوبر    تباين أسعار العملات الأجنبية في ختام تعاملات اليوم السبت 28 سبتمبر    الضرائب: تحديث موقع المصلحة الإلكترونى لتيسير سُبل التصفح وتقديم خدمة مميزة    جلسات الحوار الوطنى تستعرض آليات تحويل الدعم العينى إلى نقدى للقضاء على سوء التوزيع للفئات غير المستحة.. رفع جودة المنتجات والحد من تهريب السلع للسوق السوداء واستمرار دعم الأسر الأولى بالرعاية أهم الأهداف    وزير التعليم يشدد على استخدام المعامل غير المستغلة وتخصيص حصة داخلها أسبوعيًا    اختيار باسم كامل أمينا عاما للتحالف الديمقراطي الاجتماعي    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الموريتانى تطورات القضايا العربية والأفريقية    إنذار محمد عبد المنعم فى شوط سلبي بين لانس ضد نيس بالدوري الفرنسي    المجر تنضم إلى منصة "أصدقاء السلام" بشأن تسوية الأزمة الأوكرانية    محمد صلاح يدعم سعود عبدالحميد بعد مشاركته الأولى مع روما (صورة)    رئيس الطائفة الإنجيلية: الله منحنا الغفران ونحن مدعوون جميعًا أن نكون رحماء تجاه إخوتنا    وزير التربية والتعليم يعقد لقاءً موسعا مع موجهى المواد الأساسية بالمديريات والإدارات التعليمية على مستوى الجمهورية    استقبال الأبطال المصريين بالورود قبل المشاركة فى بطولة قطر كلاسيك للاسكواش.. صور    مشروع حقن التربة الرملية بالطين يفوز بجائزة المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    مصطفي كامل أمام جهات التحقيق لسماع أقواله في واقعة نصب    الخريف حاضر بقوة على شواطئ الإسكندرية.. أجواء خريفية رائعة مع إقبال ملحوظ رغم بدء العام الدراسى.. وانخفاض تدريجى فى درجات الحرارة الأسبوع المقبل.. وفرص لهطول أمطار خفيفة.. فيديو وصور    رئيس مياه القناة يعلن خطة استقبال فصل الشتاء بالسويس والإسماعيلية وبورسعيد    وكيل صحة الشرقية: حالات النزلة المعوية بقرية العروس سببها "جبن قريش" منزلى    معرض بورتريه عن الفنان فؤاد المهندس في مئويته ب"الصحفيين" (صور)    محافظ المنيا يزور البقيع الثانى ويوجه بسرعة تطوير البهنسا لتصبح وجهة سياحية عالمية    عصام السقا ينضم لأبطال مسلسل فهد البطل ويجسد شخصية ريكو والتصوير نوفمبر المقبل    ذكرى ميلاد علاء ولى الدين.. سناء منصور: أطيب قلب ووش برىء وضحكة مالهاش حل    اليوم العالمى للمسنين.. الإفتاء: الإسلام وضع كبار السن بمكانة خاصة وحث على رعايتهم    رئيس التخطيط بمشروع مشتقات البلازما: اعتماد 8 مراكز لمشتقات البلازما دوليا    وزارة الصحة توجة 4 نصائح هامة يجب اتباعها عند الخدش من حيوان مصاب بالسعار    وكيل صحة البحيرة يشدد بتطبيق معايير الجودة ومكافحة العدوى بالوحدات الصحية    ذكرى رحيل رضا ساحر الإسماعيلى فى حادث مروع اليوم    نبيل الحلفاوي بعد إخفاق الأهلي: لابد من شد الفريق وضبط وربط صواميله المفككة    بتحية العلم والنشيد الوطني.. رئيس جامعة القاهرة يشهد انطلاق العام الدراسي الجديد    نائب محافظ شمال سيناء يتفقد نادي الهجن الرياضي بالعريش    توقعات مواليد برج الميزان.. اعرف حظك وأبشر بانفراجة    محافظ جنوب سيناء يشكر "مدبولى": يقود باقتدار أهم مراحل بناء مصر الحديثة    «الإفتاء»: المشاركة في ترويج الشائعات حرامٌ شرعًا    السجن عامين لخادمة بتهمة سرقة شقة بالساحل    ضبط 15 ألف قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    الرئيس السيسي يدعو مجلس الشيوخ للانعقاد الأربعاء المقبل    محافظ الإسكندرية يتابع مع نائب وزير الصحة معدلات تنفيذ مبادرة ال1000 يوم الذهبية    جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية على رأس اهتمامات مبادرة «ابدأ»    رئيس الوزراء يوجه بضغط البرنامج الزمنى لتنفيذ مشروع "التجلي الأعظم" بسانت كاترين    «الفريق يحتاج ضبط وربط».. رسالة نارية من نبيل الحلفاوي لإدارة الأهلي بعد خسارة السوبر الأفريقي    رئيس هيئة الدواء يكشف سر طوابير المواطنين أمام صيدليات الإسعاف    بعد واقعة النزلات المعوية.. شيخ الأزهر يوجه ب 10 شاحنات محملة بمياه الشرب النقية لأهل أسوان    إسرائيل تستبعد مقتل القيادي بحزب الله هاشم صفي الدين    علي جمعة: سيدنا النبي هو أسوتنا إلى الله وينبغي على المؤمن أن يقوم تجاهه بثلاثة أشياء    صحة غزة: 52 شهيدا و118 إصابة جراء عدوان الاحتلال آخر 48 ساعة    تحرير 1341 مخالفات للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع وزيرة خارجية جمهورية الكونغو الديموقراطية    "لا تقلل من قوته".. لاعب الزمالك الأسبق يحتفل بالتتويج بكأس السوبر الأفريقي    الخارجية السورية: جرائم الاحتلال ستؤدي إلى جر المنطقة نحو تصعيد خطير    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    سعر الموز والخوخ والفاكهة بالاسواق اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورتان المتناقضتان
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 08 - 2013

ستبقي حركة الاخوان كتنظيم وقوة سياسية وكأيديولوجية وعقيدة ومعارضة وكنظام حكم ثم الفشل فيه من القضايا التي سيستمر البحث فيها طويلا.
فلقد جاءت نتائج ثورة سياسية لها أهداف ديمقراطية مدنية تقوم علي مبدأ المواطنة الواحدة والحقوق المتساوية للجميع استنادا لمبدأ الانتماء الوطني وليس الديني وكأن الخطأ الأول الذي وقعت فيه حركة الإخوان انها حركة ثورية تؤمن بالتغيير الجذري والشامل للمجتمع والدولة, في الوقت الذي تعتنق فيه مفهوم آخر للثورة يتناقض تماما مع الثورة الأم التي أتت بها للحكم وهكذا بتنا أمام ثورة علنية وصريحة في أهدافها, وثورة خفية تعمل علي الانحراف والابتعاد عن أهداف الثورة الأولي, وهو ما يفسر لنا كل الممارسات التي تم انتهاجها للابتعاد والاقصاء, ومحاولة إعادة بناء الدولة والمجتمع كله استنادا إلي مفهوم الثورة التي تؤمن بها الحركة, وهذا ما ترجم في العديد من قراراتها ورفضها التكيف مع الواقع السياسي الجديد الذي أوجدته الثورة الأم, وهذا يفسر لنا مفردات خطابها السياسي والإعلامي الذي تناقض تماما مع الخطاب السياسي والإعلامي للثورة ومبادئها وقيمها.
هذه الرؤية السياسية هي التي تقف وراء الحكم وهي لم تحاول مراجعة فكرها ورؤيتها السياسية بما يتوافق ويتواكب مع البيئة السياسية الجديدة بكل معطياتها ومتغيراتها وفواعلها, فكانت لغة الاستهانة بها, وعدم إعطائها وزنها الحقيقي, معتقدة أن الحكم لن يعود للوراء, وأن الحركة بهذا الحكم تستطيع أن تفرض ثورتها, وهو نفس المنطق الذي عمل به نظام الحكم السابق, انها معضلة سوء فهم الحكم, فأبرز ما أفرزته الثورة أنها غيرت مفهوم الحكم, فلم تعد تجعله متغيرا تابعا لمن يحكم, بل صار متغيرا رئيسا فيمن يحكم, اعتقدوا ان الحكم الذي وصلوا اليه هو نهاية مرحلة التطور والتجول, وترتبت علي هذه الرؤية عدم إدراك دور الجيش كمؤسسة وطنية تاريخية في مسار بناء الدولة المصرية, وعدم القدرة علي فهم دور القوي السياسية المصرية وخصوصا دور المواطن المصري الجديد, نعم هذه هي معادلة الحكم الجديدة التي لم يتم التكيف لها:
حكم جديد ومواطن جديد يساوي حكما ديمقراطيا مدنيا يتعارض مع أي حكم أو دولة تقوم علي أساس الدين فقط, وقد قادت هذه الرؤية الي أخطاء أخري كثيرة تتعلق بعدم القدرة علي تقديم نموذج للحكم الإسلامي يمكن أن يكون مقبولا في مجتمع مسلم يقوم علي الوسطية وعدم التشدد والانفتاح, وفشلوا أيضا في تقديم رؤية إسلامية تنطلق من خصوصية الحالة المصرية, فمصر دولة إسلامية, وهويتها إسلامية دون الحاجة لفرض هذه الهوية, وهذان الخطآن أديا الي أخطاء كثيرة لأن خطأ الحكم يقود الي مزيد من الأخطاء ومنها إعادة بناء الدولة والمجتمع بما يتوافق والثورة الاخوانية, وإعادة بناء تحالفات إقليمية ودولية تتعارض مع المحددات الجغرافية والسياسية والأمنية والتاريخية التي تحكم علاقات دولة بدولة, فالمعيار الجديد في إقامة هذه التحالفات هو مصلحة الحركة ومنطلقاتها, وأهدافها التي انحصرت فقط في هدف الحكم, وهذا ما أدي الي محاولة إعادة بناء خريطة العلاقات الدولية والاقليمية بما يتعارض مع الخريطة التي تفرضها المصلحة العليا للدولة, مما انعكس في عدم وضوح الخطاب السياسي وتناقضه في أغلب الأحيان, وفقدان العمق العربي والاقليمي والدولي, وهو ما قد يفسر التوجهات الاقليمية مع دول مثل ايران التي جاءت علي حساب الانتماء العربي الذي يحدده عامل الجغرافيا, والهوية والتوجه نحو روسيا, ومحاولة كسب تأييد الولايات المتحدة, وعدم إغضاب اسرائيل ولو في المرحلة الانتقالية, ومن الأخطاء الجسيمة ايضا عدم القدرة علي الفصل بين الدول بكل أركانها, وبين الجماعة, والتمييز ان الدولة كيان سياسي يتجاوز الجماعة والحركة, وما حدث هو العكس تماما أقصد محاولة اختزال الدولة في الجماعة أي محاولة اختزال دولة عمرها آلاف السنين بحركة عمرها ثمانين عاما, والخطأ الكبير في اعتقادي ترك الحكم, فليس مهما أن يفشل الحاكم أو الحزب السياسي, ويخسر الحكم, ولكن الأخطر هو كيفية التعامل مع أسلوب ترك الحكم, ويعبر هذا الخطأ عن نفسه في الإصرار الغريب بشرعية الصندوق دون محاسبة النفس عن إن الديمقراطية ممارسة وليست صندوقا فقط, وكان الأجدر بالحركة لو تعاملت مع المطالب الشعبية بالاحتكام من جديد للإرادة الشعبية عبر انتخابات جديدة بنفس القاعدة التي قد أوصلتهم للحكم, ولو حدث ذلك لخرج الاخوان فائزين وليسوا خاسرين, ومن هنا فإن اللجوء الي العنف والتهديد به لن يقتصر علي خسارة الحكم, بل سيعني خسارة الحركة كلها, وخسارة للمشروع الإسلامي الذي لا يمكن نجاحه وقيامه بدون مصر, وهذا يفسر لنا الخطأ علي مستوي التنظيم الدولي للإخوان والتعامل مع مصر وكأنها وقف لا يمكن التنازل عنه.
كل هذه الأخطاء وغيرها تفرض علي الحركة مراجعة نقدية ذاتية لفكرها ورؤيتها السياسية للحكم. وللنموذج الإسلامي المقبول في مجتمع ودولة هي في الأساس إسلامية الدين والهوية والانتماء والسلوك, وأخيرا فإن مصر أكبر من أي تنظيم وحزب يريد أن ينفرد بحكمها, وبقدر التكيف مع مصر كدولة وشعب وتاريخ وهوية وحضارة, بقدر النجاح في الحكم, وبدون دولة ديمقراطية مدنية بنموذج حكم يقوم علي التوافق والمشاركة ستفشل حركة الاخوان كما فشل غيرها في حكم مصر, وهذا هو الدرس الكبير الذي ينبغي استيعابه وفهمه.
د.ناجي صادق شراب - أكاديمي وكاتب عربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.