في مصر الآن1177 منطقة عشوائية علي مستوي الجمهورية وفقا لاحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء وتشكل قنابل موقوتة قابلة في أي لحظة للانفجار! الأرقام الرسمية تقول إن39 % من سكان مصر يعيشون في العشوائيات محرومون من أبسط حقوقهم الآدمية وفي مقدمتها الحق في المياه النقية ورغيف العيش. الخطير أن العشوائيات تمثل40 % من العمران وتشكل بتركيبتها المتهالكة اوكارا للجريمة والبلطجة والمخدرات وتجارة السلاح كما يقطنها شريحة كبيرة من الفقراء ومحدودي الدخل. المشكلة لم تظهر في يوم وليلة وانما كانت نتيجة للزيادة السكانية والهجرة من الريف وتناقص عرض الوحدات السكنية منخفضة التكاليف وهي بحاجة الي100 مليار جنيه لمعالجتها خلال فترة لا تقل عن عشر سنوات. والسؤال المطروح ما ابعاد كارثة العشوائيات التي أصبحت في ظل الازمة السياسية الراهنة بؤرا للفوضي والجريمة والخروج علي القانون؟ أحدث دراسة اعدها برنامج الاممالمتحدة الانمائي بالتعاون مع الهيئة العامة للتخطيط العمراني تقول ان القاهرة الكبري( القاهرة, الجيزة, القليوبية) تستحوذ علي59 % من العشوائيات يليها الوجه البحري بنسبة30 % في حين يضم الصعيد والمناطق الصحراوية5 % من العشوائيات. في عام1993 قامت الدولة باجراء اول حصر للعشوائيات كما يقول الدكتور سيد أحمد سرحان استاذ التخطيط بكلية الهندسة اثبت ان القاهرة تضم81 منطقة عشوائية تحتاج جميعها الي نقلها الي مناطق جديدة مخططة مع تحويلها الي مناطق انتاجية. التقارير الرسمية اكدت ان هناك1099 منطقة عشوائية خطيرة وغير آمنة تحتاج الي4 مليارات جنيه لاعادة تأهيلها خلال عشر سنوات لكن نقص التمويل يمثل عقبة كبيرة في هذا الصدد, ورغم التعاون الراهن بين الحكومة وهيئة اليونيسيف ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص. التحدي الثاني هو رفض سكان العشوائيات لاعادة توطينهم, لدرجة انه في الحالات التي تم تخصيص مساكن جديدة وصرف تعويضات قام سكان العشوائيات بالعودة الي مناطقهم الاصلية. العشوائيات يمكن تقسيمها كما يوضح عاصم الزار رئيس الهيئة العامة للتخطيط العمراني الي مناطق غير آمنة تشمل المناطق المهددة للحياة وغير الآدمية والمهددة للصحة العامة, بالاضافة الي المناطق غير المخططة. الارقام الرسمية تقول انه من بين420 منطقة عشوائية مهددة للحياة تمت ازالة51 منطقة منها علي مستوي الجمهورية ويجري ازالة71 منطقة أخري و منح تراخيص هدم واعادة بناء ل102 منطقة اخري وصرف تعويضات مناسبة لسكانها. اما العشوائيات غير المخططة فتشكل تحديا حقيقيا لانتشارها علي أطراف المدن حيث يعيش قاطنوها في بيوت عبارة عن غرف صغيرة مساحتها لاتزيد علي3 أمتار مربعة يحاصرهم طوفان الصرف الصحي. كما تضم العشوائيات المناطق السكنية داخل المقابر التي تعاني من نقص الخدمات الأساسية, وانتشار التلوث البيئي, وارتفاع الكثافة السكانية, والافتقار إلي شبكة الطرق. أحدث تقرير لمنظمة العفو الدولية يؤكد ان العشوائيات تضم ايضا آلاف المواطنين الشرفاء الذين اضطرتهم ظروفهم الصعبة للاقامة فيها, وكما يقول سليل شيتي الامين العام للمنظمة فان عدد هؤلاء يتجاوز19 مليون نسمة, وهو رقم غير دقيق لعدم وجود اوراق رسمية( شهادات ميلاد او بطاقات رقم قومي لغالبية المقيمين هناك). في رأي الدكتور سليمان عبد الرحمن استاذ التخطيط العمراني بجامعة اسيوط فان نسبة ما تم تطويره من ال1177 منطقة عشوائية لا يتجاوز5 % رغم ان مشروعات التطوير بدأت منذ التسعينيات في ظل تدفق منح خارجية كبيرة لكن النتائج لم تكن علي المستوي المطلوب. عشوائيات القاهرة وحدها في تقدير الدكتور سليمان تحتاج الي85 مليار جنية لتطويرها بشرط توافر الارادة السياسية والشفافية والتمويل, وإنشاء وزارة للعشوائيات تتولي مسئولية الاشراف علي صندوق تطوير العشوائيات وايجاد مصادر تمويل ثابتة له في القاهرة وحدها85 منطقة عشوائية يعيش فيها حوالي10 ملايين نسمة, معظم هذه المناطق بحاجة الي ازالة واعادة بناء او نقل سكانها الي اماكن بديلة ثم هدمها, خاصة وان معظم هذه المناطق اصبحت بؤرا للجريمة والعنف والمخدرات. الحكومات المتعاقبة مسئولة عن هذا الوضع نتيجة اهمال المشكلة, مما حول هذه المناطق الي الي قنابل موقوتة تمثل بيئة خصبة للادمان والتطرف وتجارة المخدرات والسلاح والتطرف. اشهر عشوائيات القاهرة: عزبة وهبة وحكر قشقوش ومحمد علي بحي الساحل, وعزبة أبو حشيش بحدائق القبة, وحكر السكاكيني بحي الشرابية( شمال القاهرة) ومنشأة ناصر التي تضم عزبة بخيت والدويقة وقايتباي وبرقوق( شرق القاهرة) وتل العقارب والمواردي وعزبة أبو قرن بمصر القديمة والسيدة زينب اما في الجيزة فهناك36 منطقة عشوائية أشهرها: عشش السكة الحديد, ودير الناحية بالدقي وعزبة حرب, وقميشة, وزينين ببولاق الدكرور وسن العجوز بالهرم وحكر عباس والجزارين بالوراق وعزبة البحبوحي بالعمرانية وبين السرايات القديمة ورابعة ساقية مكي والزبالين بالعجوزة صندوق تطوير المناطق العشوائية اعد خريطة لهذه المناطق والكلام لخالد عبد العزيز جبرتي, المدير التنفيذي للصندوق كشفت عن وجود420 منطقة عشوائية غير آمنة علي مستوي الجمهورية منها26 منطقة مهددة للحياة و259 منطقة سكن غير ملائم و65 منطقة مهددة للصحة العامة و19 منطقة حيازات غير مستقرة. وقد حدد القانون119 لسنة2008 المناطق المطلوب اعادة تخطيطها وأولاها التي تتميز يالكثافة السكانية العالية وتهالك مبانيها ونقص الخدمات والمرافق وعدم انتظام الشوارع وتدني مستوي المعيشة وانتشار الفقر والامية والمشكلات الاجتماعية وتدهور الاوضاع الامنية والبيئية. باعتراف الدكتور مجدي قرقر- رئيس قسم التخطيط البيئي والبنية الأساسية بكلية التخطيط العمراني, جامعة القاهرة فان مشكلة العشوائيات تفاقمت نتيجة تركيز الاستثمارات في العاصمة والمدن الكبري وتراجع الدولة عن اقامة المساكن لمحدودي الدخل مما دفع الفقراء ومحدودي الدخل للسكن في هذه المناطق لرخص اسعار مساكنها! والمطلوب الآن اجراء مسح دقيق لكل منطقة عشوائية وفقا لطبيعتها تمهيدا لازالتها او تطويرها او إدخالها داخل كردون المدن أو خلخلة هذه المناطق لإحداث توسعات تمكن من إدخال المرافق لها مع تقليل كثافتها السكانية تدريجيا بنقل سكانها إلي مناطق التنمية الجديدة. لكن الحقيقة المؤكدة أن حل مشكلة العشوائيات سوف يستغرق وقتا رغم الخطة الموضوعة لمعالجة75 % من هذه المناطق قبل عام2017, فالقضية تلزمها رؤية سياسية وتمويل غير متوافر في الوقت الحالي!